11 يناير 2022

نوال الشويهي: العلم لا حدود له ومشوار التعليم لا ينقطع

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

نوال الشويهي: العلم لا حدود له ومشوار التعليم لا ينقطع
تصوير: السيد رمضان

منذ كانت طفلة، لم تكن نوال راشد الشويهي طفلة هادئة، بل كانت تضج بالاجتهاد والشقاوة في آن في فريج «بن درويش» بالشارقة، حيث تستعيد عبق الماضي وتعتبره الألق الذي قادها إلى حاضر تتوافق فيه كل عناصر النجاح، مع استشراف المستقبل بالكثير من التفاؤل والطاقة الإيجابية.

واللافت في مسيرة الشويهي، المحامية والمحاضرة ومقيّم جوائز التميز المؤسسي، أنها تترك «المساحات الفراغة في حياتها تغرق في محيط السعادة» كما تقول.

فهي محام غير مشتغل، ترصد قضايا الفئات المهمشة، فتحاضر عن حقوق العمالة المساعدة ولا تتوانى عن الدفاع عن حقوق بعض الأفراد القاصرين عن نيل حقوقهم وتقدم استشارات في المجال القانوني لوجه الله تعالى.

نوال الشويهي: العلم لا حدود له ومشوار التعليم لا ينقطع
تصوير: السيد رمضان

الطفولة في فريج «بن درويش»، ماذا تذكرين من تلك المرحلة؟

(تتنهد) هذا السؤال أرجعني إلى الماضي الجميل، وعندما يتذكر المرء طفولته يتذكر ذلك العمق وذاك العبق الأصيل من الماضي الذي يحمله إلى الحاضر والمستقبل. فأنا من مواليد 1972 في فريج «بن درويش» الذي عشت فيه طفولة جميلة وذكريات تحت تلك الغافة التي لم يعد لها وجود الآن بعد أن تم نزعها. كانت البساطة تطغى على الفريج وكنا أولاداً وبناتاً نلعب حتى آذان المغرب وأبواب المنازل مفتوحة على مدى اليوم. هذه الطفولة زرعت داخلي تلك الشخصية التي يراها المجتمع كامرأة قادرة على المواجهة والشعور بهموم مجتمعها وهذا كياني الذي توارثته منذ الطفولة إلى اليوم.

تزوجت وأنا في الصف الأول الثانوي وكان يخيل لي أن الزفاف هو «مجرد فستان ومع السلامة» ومع مرور الزمن نضجت

ماذا تذكرين عن أجواء المرحلة الدراسية كطالبة، وماذا عن زواجك بسن مبكرة؟

كطالبة، كنت شقية ومجتهدة في الوقت نفسه وكان اسمي مميزاً بين المعلمات وأشارك في حصص الموسيقى والرسم وأحب دائماً أن يشار لي بالبنان. كانت فترة الدراسة مرحلة مثمرة وما زالت صداقاتي مستمرة مع عدد من زميلات الدراسة. تزوجت وأنا في الصف الأول الثانوي وعشت مرحلة الأمومة مبكرا حيث كانت بالنسبة لي مرحلة جديدة لا أفقه التعامل معها ولا أدرك عمق الأمومة ومسؤولياتها وكان يخيل لي أن الزفاف هو «مجرد فستان ومع السلامة»، وكانت أمي، رحمها الله، وأخواتي يساعدنني، ومع مرور الزمن تمكنت ونضجت وتقربت من مفهوم الأمومة باعتبار الأم هي التي يجب أن تغرس الأشياء الجميلة لدى أفراد أسرتها وتراعي أبناءها وتكوّن تلك القوة لبناء أسرة جميلة للمجتمع.

نوال الشويهي: العلم لا حدود له ومشوار التعليم لا ينقطع
تصوير: السيد رمضان

وهل قرار العودة للدراسة اتخذ مسبقاً أم من قبيل الصدفة؟

توقفت عن الدراسة لنحو 11 عاماً، ولم يكن قرار العودة للدراسة مرتباً أو متخذاً. أعتبرها قصة نجاح أو قصة تحفيز لاستكمال المسيرة يوم قصدتني ابنتي لحل إحدى المسائل ورمقتها بنظرة وكأن صاعقة انفجرت في قلبي وبقيت طوال الليل أبحث عن حل المسألة عبر الاستعانة بالإنترنت وقصدت المدرسة ونالت درجة كاملة، وهي (أي ابنتي) لم تكن ترى الحرب الدائرة خلف كل هذا. وفي حديث داخلي مع النفس، تحديت نفسي وبدأت أسابق الزمن لاستكمال دراستي حيث أكملت المرحلة الثانوية ومن ثمّ المرحلة الجامعية وتخرجت بتقدير امتياز في مجال تخصص القانون وحالياً ملتحقة ببرنامج الماجستير - القانون العام. فالعلم لا حدود له ومشوار التعليم لا ينقطع.

وكيف كانت ردة فعل الأبناء تجاهك كطالبة وليس كأم؟

بالطبع، كان أبنائي سعداء، ويوم نلت شهادة الثانوية العامة كانوا أكثر سعادة مني، ويوم تخرجي من الجامعة، شاركوني فرحتي وهنؤوني بباقة ورد وكانوا يعبرون عن فخرهم بي كأم تستكمل دراستها ويهيئون لي أجواء الامتحانات وكأنّهم معي في القارب نفسه.

أرى أن المحاماة وظيفة لا تندثر مع الزمن وأنا شغوفة بهذه المهنة

تخصصت في مجال المحاماة ولكنك لم تعملي في المجال رغم شغفك به؟

أعمل في وظيفة حكومية وأعتبرها مسؤولية أؤديها بأمانة وحمل جميل على عاتقي وأسعد عندما أنجز لمجتمعي ودولتي. فالوظيفة الحكومية أبرزتني كموظفة في القطاع الحكومي حيث تدرجت في مناصب وظيفية عدّة بدءاً من موظف استقبال إلى أن توليت رئيس قسم التميز المؤسسي – إدارة الاستراتيجية والمستقبل في الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية. وهذه المسيرة أخذت شوطاً كبيراً على مدار السنين. وقبل تخصصي في المحاماة، كنت أدافع عن أفراد يشعرون بالظلم ولا يستطيعون نيل حقوقهم. وأنا أرى أن المحاماة وظيفة لا تندثر مع الزمن وأنا شغوفة بهذه المهنة وقد أتقاعد بعد سنوات وأنخرط في المجال وحتى الكثير من الأفراد يستشيرونني في مجال القانون وفي الكثير من القضايا.

تشارك في فعالية لأصحاب الهمم
تشارك في فعالية لأصحاب الهمم

ما أهم الإنجازات التي حققتها في المجال الوظيفي؟

نجاحات كثيرة تمّ تحقيقها. علمتني الوظيفة أشياء لم أكن لأتعلمها في يوم من الأيام، إذ ساعدتني على أن أكون فرداً منفتحاً على العالم مدركاً لما يحصل حولي من ابتكار واستراتيجيات وتوجهات وممارسات عالمية وساهمت في صقلي والمشاركة في فرق عمل تحوز فيها الهيئة على جوائز وهذا جزء من نجاحي، وأنا اليوم مقيم جوائز تميز مؤسسي محلي ودولي. وخلال مسيرتي الوظيفية، حصلت على أربعة أوسمة للتميز الوظيفي من سمو وزير الداخلية وحصلت على ميدالية التقدير العلمي -الطبقة الثانية من سمو وزير الداخلية.

سبق وترشحت لانتخابات المجلس الوطني، هل ستخوضين التجربة مرة أخرى؟

ثمة مقولة ترافقني لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد «من المخاطرة ألا تخاطر» وأنطلق منها لتحقيق أهدافي. ارتأيت الترشح لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي رغم أني لم أكن مهيأة لخوض التجربة ولكني تعلمت منها وعرّفتني على أفراد كثيرين واتسعت آفاق معرفة الناس بنوال الشويهي على أكثر من مستوى، وأضع في بالي تكرار تجربة الترشح لاحقاً.

جانب من التكريم بجائزة الشيخ خليفة للتميز
جانب من التكريم بجائزة الشيخ خليفة للتميز

تخوضين في قضايا اجتماعية عميقة كمؤثرة اجتماعية، ما القضايا التي تعني نوال الشويهي؟

القضايا التي أطرحها على الـ«سوشيال ميديا» هي خارج نطاق الوظيفة. لم أضع في بالي أن أكون مؤثرة ولكني تلمست تأثير ما أطرحه على مستوى المحيط المحلي والخليجي وحتى الدولي كوني أسلط الضوء على الظواهر الشاذة في المجتمع وأتطرق إلى قضايا تعليمية تثقيفية وأحاول توجيه الدفة نحو المنحى الإيجابي. فالشخصيات التي تظهر عبر الـ«سوشيال ميديا» وتقوم بسلوكيات لا تراعي عادات وتقاليد المجتمع وينظر لها المراهقون كقدوة تنعكس سلباً على الجيل الجديد، ولكي يكون مجتمعنا قوياً يجب أن نحد من الظواهر السلبية ونركز على قوة وتماسك الأسرة التي هي أساس المجتمع وصلاحها هو صلاح للمجتمع.

عملت كمقيم جوائز تميز، علام يرتكز دورك، ومن الشخصية النسائية التي يمكن أن تمنحيها درع تميز؟

كوني معتمدة كمقيّم محلي ودولي، قيمت 6 مؤسسات حكومية وعدة مؤسسات خاصة وشبه حكومية وأفراد، وهذا الجانب أثرى عندي الجانب الوظيفي وأضاف لعملي قيمة مميزة في ظل توجه العالم إلى الذكاء الاصطناعي وإفساح المجال أمامي للاطلاع على أفضل الممارسات في المجالات المختلفة وإمكانية تطبيقها في الجانب الوظيفي.

أما الشخصية التي تستحق درع التميز فهي «أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك فهي تستحق كل الحب والتقدير لأننا نستمد منها الطاقة ولولاها، بعد الله سبحانه وتعالى، لما وصلت المرأة الإماراتية إلى هذه المراكز، كما أنّ حكومتنا لم تقصر ولكن سموها أمدتنا بالطاقة وعندما تكون الطاقة مستمدة من شخصية عظيمة وبارزة مثلها، يعجز اللسان عن الحديث.

تنشر الإيجابية من خلال منصاتها


دخلت مجال الأدب عبر كتابك «تمعن ببطء»، ما الذي دفعك إلى الكتابة؟

لم أحلم يوماً أن أكون كاتبة. ولكن صاحب دار سما للنشر والتوزيع الأستاذ حمود، وهي دار نشر كويتية، عرض علي الكتابة كونه من متابعي على وسائل التواصل الاجتماعي. في البداية ترددت ولكن باعتباري محبة للمخاطرة وطموحة، بدأت المحاولة حيث أكتب وأمحو وأعيد الكتابة واستغرق الأمر نحو عام كامل ونتج عنه كتاب «تمعن ببطء» وهو يضم عدداً من القصص الواقعية أو المنقولة على لسان أصحابها كما يحوي ومضات إيجابية تحفيزية ويعتبر من كتب تطوير الذات التي نستشف منها ومضة وحكمة.

ليعيش المرء حياة سليمة، يجب ألا يتذمر مما بين يديه، وهذه النصيحة الأهّم ليشعر بالنعم حوله وبجودة حياته.

أنت مدرب معتمد في جودة الحياة، ما نصائحك لنعيش حياة ذات جودة؟

أنا عضوة في جمعية الإمارات للمستشارين والمدربين الإداريين ونلت شهادة محاضر بتقدير امتياز من مدرسة الشرطة بالشارقة في هذا الجانب، انخرطت في المجال وشيئا فشيئا، بدأت أقدم محاضرات في التنمية البشرية ونحن نحتاج إلى هذا الجانب في مجتمعنا والأخذ بيد بعض الأفراد المحبطين وفاقدي الأمل لتحسين جودة حياتهم وتزويدهم بالآليات المناسبة إثر محاكاة هواجسهم وتوعيتهم وتثقيفهم بجوانب الحياة. فالبعض لا يمتلك المفتاح الحقيقي لإدارة حياته ويعتبر مدربو التنمية كأفراد يساعدون هؤلاء الأفراد في اجتياز هذه المراحل المنهكة من حياتهم. وليعيش المرء حياة سليمة، يجب ألا يتذمر مما بين يديه، وهذه النصيحة الأهّم ليشعر بالنعم حوله وبجودة حياته.

من خلال محاضراتك، تدعمين الفئات المهمشة ومنها فئة العمالة المساعدة؟

نعيش اليوم في دولة محورها الإنسانية وأقول دوماً إن الفرد الذي يأتي للعمل في بلادنا يترك أسرته ويقصدنا لتحصيل لقمة عيشه، فلماذا أجازيه بطريقة غير لائقة وأمنع عنه الطعام؟ وهذه أمور تؤثر فيه ولكن لا قدرة له على التعبير. ارتأيت الحديث عن هذا الطرف الضعيف وضرورة الإحسان إليه وتجنب بعض السلوكيات التي تطاله ولاقت المحاضرات الكثير من الاستحسان وردود الفعل الإيجابية.

ما رسالة نوال الشويهي للمرأة الإماراتية ولنفسها؟

أقول للمرأة:لا تقتلي طموحاتك، والمطبات هي عبارة عن حلول تجاوزيها لتحققي أهدافك، وأقول لها إن المرأة قوية بالرجل الذي ساندها وساعدها وهي لا تحلق في الفضاء بمفردها بل تحلق مع الرجل الذي هو سندها بكل الأحوال. وخلال مسيرة نجاحها، لا بد أن تعود للوراء وترى الزوج والأب والأخ والابن كسند لها. ورسالتي لذاتي ألا أتخلى عن طموحاتي وأحاول أن أصل وأن أكون قوية، في كل مرة أقع فيها وأنهض وأكمل مسيرة النجاح.

 

مقالات ذات صلة