الدكتورة علياء محمود نموذج نسائي مشرف، تتماهى مع مستجدات الواقع وتطوراته وتسعى إلى إعطاء الوظيفة بعداً ثقافياً باعتبار «المعرفة هي باب لإشباع الشغف وليست باباً إلى الوظيفة».
رغم خوضها مجال القانون الذي تعتبره «منطقاً وفِكراً أتبناه قبل أن يصبح مساراً جامعياً أتخصص فيه»، تشعر د.علياء محمود أنّ مسؤوليتها كبيرة في الإسهام ببناء جيل يقود المستقبل ويحجز مقعداً أول في العالم.
ما أبرز العوامل التي لعبت دوراً في تكوين الشخصية القيادية للدكتورة علياء محمود؟
الفضل في تكوين شخصيتي يعود لوالديّ وطريقة تربيتهما لي سواءً بالقدوة أو بالتوجيه والحوار، حيث حرصا منذ طفولتي على غرس العديد من القيم الإيجابية داخلي، ما جعلني أكبُر وهذه القيم مترسخة لدّي وتعكس شخصيتي وتمثلها. كانت والدتي حريصة على التزامنا بالدوام المدرسي لدرجة تفوق اهتمامها بالتفوق الدراسي وحرصها علمني الالتزام والإحساس بالمسؤولية، وكان عاملاً في تفوقي الدراسي.
كما تعلمت من والدي الطموح والمثابرة وبذل كل ما في وسعنا لخدمة البلاد وإحداث تأثير إيجابي في مجتمعي، فلا أذكر أنه تغيّب عن عمله، أو قام بتأجيله أو تقاعس فيه وكان يحترم ويُقدر العلم وطلابه ويرفع من شأنهم، وكان دوماً ما يناديني بـ «الدكتورة» كطريقة مميزة لامتداحي وغرس الطموح في نفسي. كل ذلك ولّد لديّ الشغف في البذل والعطاء لخدمة وطني ومجتمعي.
نسعى في «مؤسسة القراء العرب» إلى نشر المعرفة والثقافة بطريقة مبتكرة ولا نعتمد الأساليب التقليدية
«مؤسسة القراء العرب» مبادرة ثقافية للارتقاء بالمعرفة، ما الأدوات غير التقليدية لتقريب الشباب من مساحات المعرفة؟
التغيّر الذي يشهده العالم اليوم – وبالأخص التطور التكنولوجي - أدى إلى تغير العديد من أنماط السلوك والفكر لدى الجيل الجديد. نسعى في المؤسسة إلى نشر المعرفة والثقافة بطريقة مبتكرة ولا نعتمد الأساليب التقليدية في تبادل المعارف، كإلقاء المحاضرات التقليدية،، وإنما بجعل الشباب يعيشون تجربة واقعية لمعاينة هذه المعارف بشكل حي ومباشر. وعدا عن تولي مناصب ومهام حقيقية للمتدربين في المؤسسة، نستخدم وسائل الأفلام في تصوير دراسات الحالة الواقعية، وقمنا مؤخراً بتجهيز وإخراج فيلم مصور لدراسة حالة قضية فساد في إحدى الشركات الأجنبية، وعُرض الفيلم على منتسبي الورشة التدريبية الذين عاينوا أحداث الفساد وكأنهم يشاهدون فيلماً حقيقياً، وهذا نابع من محاولتنا معرفة الآليات والأساليب الفعالة التي تجذب الشباب وتثير فيهم حب الفضول لاكتساب المعرفة والعلوم.
تؤكدين أن أهداف المؤسسة «ثقافية واجتماعية ومجتمعية»، كيف تواكبون هذه الأهداف؟
نسعى إلى مد جسور التواصل الفكري بين القراء والمفكرين العرب، ومن جهة أخرى، نؤمن بأهمية الجانب الاجتماعي في حياة الشباب، ونُدرك وجود طموحين يأملون بفرصة لاستعراض أفكارهم وطموحاتهم للمختصين.
ندرك حجم المسؤولية في المساهمة ببناء أجيال المستقبل، ما جعلنا نقطع على أنفسنا عهداً بالالتزام ببذل كل ما نملكه لخدمة المجتمع الإماراتي والعربي. دخلنا في شراكات مع بعض مؤسسات القطاع العام في الدولة لتحقيق رؤانا بنشر ثقافتي القراءة ونقل المعارف والخبرات، فاستطعنا، مع هذه الجهات، توفير الكتب العلمية لفئة الأيتام والأسر المتعففة بالدولة، كما شمل نطاق أعمالنا المجتمعية العالم العربي.
ماذا تحدثيننا عن برنامج «تمكين»، وإلى أي مدى يحاكي طموحاتك؟
«تمكين» هو برنامج للتدريب المهني في «مؤسسة القراء العرب»، يهدف لاحتواء طاقات الشباب وإتاحة الفرصة لهم لممارسة العمل المهني الميداني فيها. تعكس فكرته إيماننا بأهمية نقل المعارف بطريقة مبتكرة للأجيال القادمة ويتميز بطابعه الابتكاري. فخورة بنجاح هذا البرنامج، وفي المرة الأخيرة فاقت طلبات الانتساب الـ600 طلب من الشباب في مختلف التخصصات، ما منحنا انطباعاً إيجابياً بنجاح فكرة البرنامج وقدرته على نقل تجربة معرفية مميزة للجيل الشاب.
إحدى ورش العمل
مبادرة «اكتب لتعيش للأبد» تحمل الكثير من المضامين، هل الكتابة هي فعل حياة وشفاء لهذه الدرجة، وما الذي تعنيه لك على الصعيد الشخصي؟
مبادرة «اكتب لتعيش للأبد» هي من أنبل وأهم المبادرات التي أطلقتها المؤسسة. فالكتابة هي من أهم وسائل التواصل والالتقاء بين الأجيال. وهناك مقولة مهمة نؤمن بها، وهي أن الكاتب لا يموت أبداً، والخالد هو من يترك خلفه إرثاً من الفكر والمعرفة والثقافة تنتفع به البشرية بعد موته.
وتسهيلاً على الكُتّاب الشباب، أطلقت المؤسسة المبادرة بالتعاون مع «دار بيبليوسميا للنشر والتوزيع» لتمكين الشباب وأصحاب المعارف الراغبين في دخول عالم الكتابة من نشر كتاباتهم في عمل أدبي مشترك بينهم، على نحوٍ يساهم في تسهيل عملية دخول الشباب وأصحاب المعارف إلى عالم الكتابة والنشر، وتقليص الأعباء المادية التي يتكبدها الكاتب والوصول إلى أكبر شريحة من القراء.
وعلى الصعيد الشخصي، أؤمن أن الكتابة هي المتنفس الذي نُعبر فيه عن ذواتنا وأفكارنا وشخصياتنا، وهي سجل الزمن الذي نوثق فيه تجاربنا وإنجازاتنا وسماء أحلامنا التي نستطيع من خلالها تحقيق كل ما نأمله. وصدر لي مؤخراً عملان في مجال القانون الإداري «نطاق مسؤولية الدولة عن أعمال الإدارة»، عن «امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام القضائية»، وأعمل حالياً على دراسات في مجال إدارة المؤسسات والثقافة العامة لنشرها كمقالات قريباً.
هل تشعرين أنك ساهمت في تغيير النظرة للعمل والمزاوجة بين العمل ومبدأ استقاء المعارف ؟
منذ أن أطلقنا برنامج «تمكين» في مطلع هذا العام، سعينا لتوفير بيئة عمل مرنة وحاضنة لطاقاتهم وإبداعاتهم حيث انصب تركيزنا على التكفل بانضمامهم لأي برنامج تدريبي يهتمون به وفي أي مؤسسة تعليمية يختارونها لصقل وتطوير مهاراتهم، وحرصنا على نقل خبراتنا في الإدارة والقانون إليهم.
ما رسالة د.علياء محمود لنفسها وللجيل الشاب للإسهام في نهضة الدولة؟
الحرص على تلقي مختلف المعارف والبحث عما هو جديد في مجالات العلوم وتعلمها، وعدم الاكتفاء بالخبرة السابقة في عالم سريع التجدد والتطور، لنكون قادرين على استيعاب متغيرات المستقبل وحجز مقعد أول فيه.