07 مارس 2022

جناح سلطنة عمان في "إكسبو 2020 دبي".. رحلة تراثية ممتعة

محررة في مجلة كل الأسرة

جناح سلطنة عمان في

في شموخ وارتفاع شجرة اللبان التي يجسد هيكلها جناح سلطنة عمان في «إكسبو 2020 دبي»، يقف التاريخ العماني بالقامة نفسها، وبالرفعة ذاتها، حاضراً في المساحة التي تتقاسمها العراقة والمعاصرة، حيثُ التاريخ العماني، من التجارة البحرية، وحضور السلطنة في طليعة الدول ذات السيادة على الممرات البحرية وطرق التجارة، وحيث الزراعة وبناء القلاع، وزراعة شجرة اللبان واعتمادها أساساً محورياً في صناعاتٍ مختلفةٍ.. طبيةٍ وغذائيةٍ وغير ذلك.

الأقسام الخمسة للجناح العماني

جناح سلطنة عمان في

لا تبتعد فلسفة ورؤية الجناح بأقسامه الخمسة عن رؤية دورة حياة الشجرة المهيبة في الحضارة العمانية بمراحلها الخمس، وهي الشجرة الأم والنمو والحصاد والتجارة والاستخدام.

هذه الفلسفة نفسها هي التي أرست أساس الإسهام العماني في المعرض، حيثُ مازال التواصل مع حركة العالم، والنمو المتسارع، وانفتاح الآفاق على التجارة الحديثة ومُمكّناتها من الموانئ المتطورة ومزارع الرياح لإنتاج الطاقة، كلها تواصل رسم صورة الحضارة العمانية التي لا تتوقف عن النمو والحضور والوقوف في قلب العالم على قدمين راسختين، إحداهما في التاريخ والأخرى في المستقبل، وكلتاهما تتحركان في ظلال شجرة اللبان، ونسائم رائحتها الزكية التي حرّكت قوافل تجارة العالم من الشرق الأقصى إلى الشمال الإفريقي وما بعده للحصول عليها، وما زالت حضارة كاملة تتفيأ ظلالها. ثلاثة طوابق في الجناح العماني تروي الكثير من ملامح الحياة ومواكبة السلطنة للمستقبل بالكثير من القوة والمتابعة ومواءمة الإمكانات القائمة مع تطلعات هذا البلد الذي يرتكز على تراث غني وحاضر قوي يثبت دوره بجدارة في مختلف الميادين.

شجر اللبان

جناح سلطنة عمان في

يحتفي الجناح بشجر اللبان وأريجه الذي يفوح عند المدخل أو داخل الجناح عبر تجارب بخار اللبان مدمجاً مع عطور أخرى.

مدخل الجناح بحد ذاته يشكل منفذاً إلى خصوصية التجربة العمانية حيث يزهو بعدد من أشجار اللبان التي استقدمت من محافظة الظفار في السلطنة ويقودك إلى فضاء ما تحمله شجرة اللبان من إرث حضاري وتاريخي واجتماعي وثقافي بكونه من أفضل أنواع اللبان التي تشتهر بها محافظة ظفار نظراً لعوامل عدة تتعلق بالطقس والتربة وكان يصدّر إلى دول العالم وتتنوع استخداماته سواء في مجال الروحانيات (الطب الصيني) والتجميل والمضغ وحتى ينقع بالماء ويستخدم للصداع والربو وألم المعدة والمفاصل وتعزيز المناعة.

جناح سلطنة عمان في

في التجوال في أروقة الجناح، لا بد أن يستوقفك كل معلم وكل حكاية رغب القائمون عليه أن يرووها، حيث الدعوة إلى «الابتكار المستدام في غابة الاستدامة واكتشاف مستقبل ينبض بالحيوية في قلب بلورات اللبان واكتشاف التواصل عبر طرق التجارة واكتشاف العافية والانطلاق نحو المستقبل».

تطّل الموسيقى غامرة إلى أبعد حد وتأخذك طريق القوافل التجارية إلى وادي دوكة وهو موقع من مواقع أرض اللبان المدرج على قائمة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي حيث تاريخ عريق يستعرض ازدهار تجارة اللبان في العالم القديم.

نبدأ من «الشجرة الأم»، أي شجرة اللبان التي تشكل العنصر المحوري في مشهد بانورامي يواكب التاريخ والحاضر والمستقبل، حيث «يمكن أن تكون من النباتات المرشحة لأخذها في رحلات استكشاف الفضاء»، كما ينص محتوى العرض، باعتبار أن هذه الشجرة «ذات خصائص علاجية ووقائية من الاكتئاب الذي قد يسببه البعد عن كوكب الأرض وأيضاً لها خصائص مضادة للجراثيم والبكتيريا وحتى الوقاية من مرض السرطان الذي قد يسببه التعرض طويل الأمد للإشعاعات الكونية القادمة من الفضاء السحيق».

مطعم «الطيور الجارحة»

جناح سلطنة عمان في

ترصد غابة الاستدامة «مشاريع الاستدامة المختلفة في عمان وبتقنيات تواكب التطور التكنولوجي والأفكار المستقبلية لعشرين عاماً قادمة» ومنها «محطة ظفار لطاقة الرياح»، المدينة المستدامة «مدينة العرفان» التي صممها مهندسون عمانيون وحصدت جوائز عالمية وتزاوج بين البيئة الحضرية ومواكبة التطورات القائمة، مشروع زراعة «المليون نخلة» عن طريق الدرون ويشتمل 11 مزرعة متكاملة على أرجاء السلطنة.

الفكرة اللافتة قيد التنفيذ وهي مطعم «الطيور الجارحة» وترتكز فكرته على تخصيص النفايات للطيور الجارحة وهو يشكل «استراحة» لهذه الطيور لجهة توظيف المرادم كمحطات استراحة للطيور المهاجرة.

كما يهدف مشروع آخر إلى الحفاظ على النمر العربي الذي تبقى منه 200 نمر من باب حمايته وتكاثره، في ظل السعي إلى إقامة محمية خاصة بهذه الحيوانات لصون الحياة البرية.

مزارع الأسماك المستقبلية مشروع مستدام آخر حيث يتم تخصيص أماكن معينة لتغذية الأسماك واستخدام الأسماك الميتة كطعم للأسماك الحية واستخدام الذكاء الاصطناعي في تعليم الصيادين أساليب الصيد المثمر والمستدام. كما تطّل حديقة النباتات وهي الحديقة النباتية الأولى في السلطنة وأكبرها في شبه الجزيرة العربية المتخصصة في احتضان النباتات المحلية.

المرأة العمانية

جناح سلطنة عمان في

لا يغفل الجناح شخصيات شاركت فيه وساهمت في رفده بكل عناصر النجاح حيث صور المبدعين، رجالاً ونساء، غمرت المكان بالكثير من الألفة وأرست لمنظومة فاعلة من الشباب العماني الناشط في مجال تطوير تقنيات الجناح أو تنفيذ محتواه المرئي وغيره من الإبداعات التي جسدّت منظومة إرساء الشخصية العمانية بشبابها ونسائها ورجالها وقدرتها على إثبات حضورها المميّز وسط أكثر من 190 دولة.

المرأة العمانية حاضرة في الجناح في الميدان وفي مجال الاستدامة أيضا وفي روح الجناح الذي صممته شابتان عمانيتان هما رحاب الزكوانية وعلياء البطاشية واختارتا أن يتخذ شكل شجرة اللبان.

حضرت الشابة العمانية صفية البهلانية أيضاً بلوحاتها التي عبرت بها عن بعض من ملامح عمان وتفاصيلها وتاريخها وتكمن قوة حضورها الفني لكونها من أصحاب الهمم وولدت بساعدين غير مكتملي النمو وهي تعمد إلى الرسم بقدمها، في تطويع إرادة الفن بمواجهة أي إعاقة.

جناح سلطنة عمان في

الدكتورة فاطمة المعمرية، عالمة عمانية حائزة على جوائز، حاضرة في الجناح أيضاً عبر إنجازاتها، فهي تستخدم تقنية الإلكترونيات الدورانية لتطوير مادة صديقة للبيئة كبديل للعناصر الأرضية النادرة لما لتلك العناصر (والتي تستخدم في الهواتف الذكية والحواسيب وغيرها) من تأثير سلبي في البيئة.

*تصوير: السيد رمضان