بعد حصولها على بكالوريوس الهندسة الكهربائية، وماجستير في إدارة الأعمال، ودكتوراه في إدارة المشاريع الهندسية الحديثة، بحثت بجانب عملها عن النجاح في مجال التنمية البشرية وتطوير الذات لتحصل على عدة شهادات في البرمجة الذاتية وهندسة العلاقات والتخطيط، ودبلومات متعددة في الذكاء العاطفي، بجانب شهادة معتمدة في مجال اللايف كوتش، بالإضافة إلى تفرغها لكتابة الخواطر والمقالات وتقديم البرامج.
هي الدكتورة ولاء الشحي، التقيناها لنطل من خلال هذا الحوار على معالم تكوين شخصيتها، ونرصد المحطات المهمة في حياتها:
حصلت على الدكتوراه في الهندسة الكهربائية، وجاء التطبيق العملي ليكون بجانب المهام الرئيسية في مجال مختلف تماماً، فهل يوجد عامل مشترك بينهما؟
ساعدني تخصصي في الهندسة في مشواري العملي، إذ زاد من شغفي للبحث عن ذاتي والتعمق في مكنونها، فكنت أقضي وقت فراغي أثناء دراستي الجامعية في المشاركة بالدورات وورش العمل الخاصة بعلم النفس، وبعد فترة مررت بتجربة زواج وإنجاب ثم انفصال، ولا أنكر ما مر علي من فترة حزن ويأس قاومتها بالتفتيش داخلي والبحث عن وجه آخر للحياة أعيشه مع أطفالي بعيداً عن الإرهاق النفسي، فكان لتعمقي في دراسة مجال تطوير الذات وعلم الطاقة والبرمجة اللغوية العصبية وغيرها الفضل في التخلص من صعوبات الحياة التي كادت أن تفتك بي.
ما الذي جذبك لمجال التنمية البشرية، وهل بالفعل فهم الذات هو نقطة الانطلاق نحو تحقيق الإنسان لأهدافه وطموحاته؟
الذات هي النواة الحقيقية لهذه الحياة، فالإنسان إذا فقد معرفة ذاته فقد القدرة على تحقيق أهدافه وطموحاته، فأحياناً يأتي شخص ليشتكي حياته الفوضوية وبالبحث عما بداخله أكتشف أن الفوضى بداخله، فهو لا يدري ماذا يريد وما يجب فعله وما يبحث عنه، فحياتنا الخارجية ما هي إلا انعكاس لداخلنا.
«ديتوكس الروح» يخلص الإنسان من الأفكار والمعتقدات الخطأ
تطوير الذات يهدف إلى وصول الإنسان لحالة من الرضا تجعله يشعر بالسلام والأمان الداخلي، فكيف استطعت تطبيق هذه المنهجية على نفسك قبل أن تساعدي غيرك؟
الرضا من أجمل الأشياء التي تجعل الإنسان يصل إلى مرحلة التسليم وليس الاستسلام، فاليقين بأن كل شيء قدره الله سبحانه وتعالى لنا هو خير يجعلنا نبتسم أمام الصعوبات، فالله لم يبتلينا إلا لخير، وهو ما طبقته على نفسي، فبعد ما مررت به من ظروف استطعت أن أقوي ذاتي وأتخطى تلك المرحلة من حياتي بفضل حالة الرضا التي ملكتني والحمد لله.
بحكم خبرتك، ما هي الوصفة المثالية لمن يعاني مشكلة ما في حياته ويريد أن يسير في الاتجاه الصحيح؟
عمل ديتوكس لروحه، حيث التخلص من السموم التي بداخله من أفكار ومعتقدات خطأ، ليكون جاهزاً لاستقبال الأمور الجيدة التي يبني عليها حياته وأفكاره وأهدافه وتحدياته في الحياة، كما عليه ألا يعلق أخطاءه على شماعة غيره، بل يتحمل مسؤولية أفعاله وأقواله، ومن هنا يبدأ الإصلاح والتغيير للأفضل.
وما السبيل لتخطي المشاعر السلبية؟
أفضل الطرق لتخطي المشاعر السلبية هو عدم التفكير في المشكلة ووضعها تحت دائرة الضوء، بل النظر دائماً إلى الجانب المشرق مثل الذي ينظر إلى نصف الكوب الملء ويغفل النصف الفارغ، فهذا هو الشخص الإيجابي الذي يساعد نفسه في أن يعيش بطريقة صحية بعيدة عن توترات الحياة والانشغال بتصرفات وسلوكيات الغير.
معظم الناس يعتقد أن تطوير الذات مرتبط بمجال العمل والنجاح فيه، فكيف نصيغه لتطوير مهارات الحياة الاجتماعية والعلاقات الزوجية؟
التنمية البشرية وتطوير الذات مظلة نعيش تحتها جميعاً، وهي أحد الفنون الحياتية وأعتبرها ثقافة وعي عميقة بدت في الانتشار بالمجتمعات، وهي بكل تأكيد لا ترتبط بثقافة العمل بل هي أسلوب حياة، فعندما ينجح الإنسان في أن يكون لديه ذكاء عاطفي واجتماعي، ووعي بكيفية التعامل مع طاقاته وأفكاره ومشاعره ويصوغ ذلك كله في مهاراته الحياتية وتعاملاته الاجتماعية، فبكل تأكيد سيعيش حياة هادئة مريحة خالية من المنغصات، التي تدخله في دوامة عدم فهم من حوله وكلها أمور يمكن تعلمها ودراستها.
العلاقات السامة تقتل الشخص إكيلينيكاً
تطالبين بأهمية التخلص من العلاقات السامة، كونها ترهق الإنسان نفسياً وجسدياً، فماذا تعني؟
العلاقات السامة تقتل الإنسان إكيلينيكاً، فمثلا العيش مع شخص نرجسي يشعر الطرف الآخر أنه دائماً مخطئ ومقصر وفاشل ولا يستطيع العيش بدونه يعد موتاً بطيئاً والاستمرار معه ما هو إلا قتل للروح، وللأسف يعيش كثيرون مثل تلك العلاقات ليس على سبيل الحب بل التعلق، إذ يشعر أنه بدونه لا يستطيع العيش في حين أنه من المهم التخلص منه ودون رجعة.
تعدين مدرباً معتمداً للابتكار والإبداع، حدثينا عن الفرق بينهما في مجال عملك.
الابتكار هو إيجاد فكرة خاصة بك لم تكن موجودة من قبل، أما الإبداع فهو يمكن أن يطبق على فكرة موجودة ولكن تضيف لها لمساتك أو تضع لها فكرة أخرى تحسن منها على المدى البعيد، ومخطئ من يظن أن تلك الصفات مرتبطة فقط ببيئة العمل، بل يمكن أن يكون الإنسان مبدعاً في طريقة حديثه أو عرضه لفكرة معينة، أو مبتكراً في مشروعه وإدارته للحياة وهذا شيء مهم أن نؤسس أبناءنا على فكرة الابتكار والإبداع كي يكونوا مميزين في حياتهم.
أثناء المشاركة في إحدى الجلسات
منذ الصغر وتحبين كتابة الخواطر وتعتبرينها المتنفس بالنسبة لك، حدثينا عن كتابك «عذراً حبيبي»، وما هو مضمونه؟
ظن البعض أن عنوان الكتاب يحمل اعتذاراً للحبيب، ولكنه كان لخاطرة تحمل عتاباً بين حبيبين، فالكتاب يحمل طفولتي ومراحل المراهقة والشباب وما دونت من خواطر، فهي بالنسبة لي صوتي الذي أسمعه وصديقتي التي تؤنسني، فأي موقف كان يمر علي أو حديث بين اثنين كنت أترجمه لخاطرة أعيش لحظاتها وأكتبها بإحساسي ولذلك يعد الكتاب قريباً إلى قلبي كونه شاهداً على مراحل عمري المختلفة.
ما دور عائلتك فيما وصلتي إليه، وأكثر الشخصيات التي تأثرت بها؟
لعائلتي دور كبير في حياتي سواء كانوا مؤيدين لقراراتي أو مختلفين معي، فالجميع مارس دعمه بطريقة مختلفة ووفق رؤيته ومنظوره للحياة، ويأتي على قمة الهرم في تأييدي لجميع قراراتي والدتي، التي تساندني كثيراً ودائماً ما أجدها في أولى صفوف الداعمين، ولا أنسى دور والدي رحمه الله الذي تعلمت منه الكثير وكان دائماً ما يفتخر بكل شيء أفعله وأشعر به يهمس في أذني ويقول لي استمري، كما أود أن أذكر دور ابنتي ماريا في حياتي، فمعها أعيش أحلى لحظات عمري وبها أشعر بلذة الحياة.
ما هي طموحاتك على الصعيدين الشخصي والعملي؟
أطمح في أن تصل دوراتي في التنمية البشرية إلى كل الدول العربية، وأن يحقق برنامجي «احكي يا شهرزاد» نجاحاً كبيراً فهو يناقش واقع المجتمع ومشكلاته على شكل قصص كتلك التي كانت ترويها شهرزاد، كما أفكر جدياً في خوض غمار مجال التمثيل.