05 نوفمبر 2022

لماذا سحبت ملكة الدنمارك الألقاب الأميرية من أحفادها؟

كاتبة صحافية

لماذا سحبت ملكة الدنمارك الألقاب الأميرية من أحفادها؟

الرواية الرسمية تقول إن الملكة الدنماركية مرجريت الثانية سحبت الألقاب الأميرية من أحفادها لكي تمنحهم فرصة أن يعيشوا حياة طبيعية مثل غيرهم من المواطنين.

لكن أنباء تسربت من إسبانيا خالفت الرواية الرسمية وأكدت أن قرار الملكة جاء بسبب الأهواء العاطفية لابنها الأمير يواكيم.

لغز القرار الذي هز الدنمارك

أواخر الشهر الماضي أعلنت الملكة مرجريت قراراً كان له وقع القنبلة في الدنمارك وما يجاورها من بلاد اسكندنافية. لقد قررت سحب عدد من الألقاب النبيلة التي يحملها أحفادها نيكولاي وفليكس وهنريك وأتينا.

وحدد القرار موعد تنفيذه اعتباراً من أول العام المقبل. وهذا يعني أن المتحدرين من ولدها الأمير يواكيم لن يستخدموا سوى ألقاب ثانوية مثل «كونت وكونتيسة مونبيزا»، أما لقب «سمو الأمير» أو «سمو الأميرة» فسيصبح ملغياً حال انتهاء العام الجاري.

هذا ما أوضحه بيان صادر عن القصر.

لماذا سحبت ملكة الدنمارك الألقاب الأميرية من أحفادها؟

منذ زمن طويل والعالم كله يلاحظ أن العائلات الملكة في دول أوروبية معينة، مثل الدنمارك وبلجيكا والنرويج، تميل إلى اعتماد شيء من البساطة في معيشة أفرادها وأسلوب حياتهم. إن الملكة تتنقل بالدراجة الهوائية والأمراء يختلطون بأبناء الشعب بدون شكليات مثل تلك الموجودة لدى العائلة المالكة في بريطانيا أو حتى في السويد.

لماذا أشعل القرار الخلافات؟

وقد جاء قرار ملكة الدنمارك بحجة ترك المجال للأمراء في صياغة مستقبلهم والحياة الخاصة لكل منهم، كما يحلو لهم.

كما جاء في تفسير القرار بأن الهدف منه، أيضاً، تقليص عدد الأعضاء النشطين في العائلات المالكة، وذلك لضمان استمراريتهم.

وكانت شبكة «سي إن إن» الأميركية قد نقلت في مطلع الشهر الجاري خبراً يقول إن خلافاً ظهر في العائلة المالكة الدنماركية بعد قرار ملكة البلاد تجريد أربعة من أحفادها الثمانية من ألقابهم الملكية من أجل «حماية المستقبل» للنظام الملكي.

وأعلنت الملكة البالغة من العمر 82 عاماً، واحتفلت هذا العام بمرور نصف قرن على العرش، أن أطفال ابنها الأصغر الأمير يواكيم، لن يجري تعريفهم بأنهم أمير وأميرة.

لماذا سحبت ملكة الدنمارك الألقاب الأميرية من أحفادها؟

وفي محادثة هاتفية مع المحطة، قالت هيلي فون ويلدنراث لوفجرين، السكرتيرة الصحفية للأميرة ألكسندرا، ابنة يواكيم، إن الأميرة كانت «حزينة للغاية ومصدومة.» وأوضح الإعلان أن قرار الملكة يتماشى مع التعديلات المماثلة التي أجرتها البيوت الملكية الأخرى بطرق مختلفة في السنوات الأخيرة... بقرارها، ترغب جلالة الملكة في إنشاء إطار عمل للأحفاد الأربعة ليكونوا قادرين على تشكيل حياتهم الخاصة إلى حد كبير دون التقيد بالاعتبارات والواجبات الخاصة التي يمثلها الانتماء الرسمي إلى البيت الملكي في الدنمارك كمؤسسة.

المشكلة الوحيدة في القرار تكمن في الأمير يواكيم، والد الأحفاد الأربعة الذين استهدفهم قرار جدتهم وحرمهم من اللقب الأميري، فالأمير غير مرتاح لقرار والدته الملكة.
ففي مقابلة معه نشرها موقع «بي تي» الدنماركي مطلع الشهر الجاري، قال «في الحقيقة إذا أردنا تحديث الملكية أو تخفيفها من أعبائها فإن ذلك يجب أن يتم بأسلوب مناسب. إن هذا القرار، في نهاية الأمر، يتعلق بأمراء صغار في السن. ولا يمكنني القول إن أبنائي منزعجون لكنهم لا يفهمون الأمر، ولا ما يجب عليهم تصديقه من تقولات. لماذا يجب أن تسحب منهم هوياتهم؟ لماذا يجري عقابهم بهذه الطريقة؟».

الملكة مرجريت مع الأبناء والأحفاد
الملكة مرجريت مع الأبناء والأحفاد

من جانبه، عبر الحفيد الأكبر الأمير نيكولاي، البالغ من العمر 23 عاماً، عن حزنه وصدمته وعدم تفهمه للقرار الذي اتخذته جدته. وقال في تصريح للصحافة إن حرمانه من لقبه الأميري أصابه في الصميم. وقد زاد من الوقع الأليم للقرار نشره على الملأ وعدم الاحتفاظ به داخل العائلة.

ماذا كان رد الملكة؟

لقد جاء جوابها على شكل اعتذار صاغته كالتالي «باعتباري والدة وجدة، لم أتوقع أن ابني الصغير وعائلته يمكن أن يشعروا بهذا القدر من التأثر وما تركه قراري من انطباع لديهم. وأنا آسفة لذلك».

ورغم هذه الكلمات التي تشبه الاعتذار فإن الملكة لم تعد النظر في اختيارها. وفي غضون ذلك، لم يعد الأمير يواكيم يتحدث إلى والدته وشقيقه وزوجة أخيه بعد إعلان الخبر.

هل وراء القرار قصة غرام مرفوضة؟

كان يمكن للقضية أن تتوقف عند هذا الحد. لكن زاد الطين بلة تصريحات الأمير يواكيم التي كشف فيها عن «علاقات معقدة» بينه وبين شقيقه الأمير فريدريك وزوجته ماري. لقد نبشت التصريحات أسراراً عائلية قديمة وقعت داخل العائلة. وبحسب صحيفة «فانيتاتي إلكونفيدنسال» الإسبانية فإن قرار ملكة الدنمارك جاء على خلفية فضيحة تتعلق بخلافات شخصية بين ولي العهد وزوجته.

فقد أكد تقرير الصحيفة شائعات يتداولها الدنماركيون وتفيد بأن الأمير يواكيم مغرم غراماً شديداً بزوجة أخيه فريدريك.

لماذا سحبت ملكة الدنمارك الألقاب الأميرية من أحفادها؟

وجاء في التفاصيل أن الأمير الخمسيني حاول في إحدى المرات أن يقبّلها خلال حفل ساهر نظمه الحرس الملكي في صيف 2008، وهو ما كانت قد أكدته صحيفة «سفينسك» السويدية، في حينه، مع صورة تدعم الخبر. ووصفت الصحيفة الحادث كما يلي: «كان النجل الأصغر للملكة وقد بانت عليه علامات السكر، يريد أن يقبّل زوجة شقيقه، وهي قد تفادته قدر المستطاع وحاولت أن ترسم على وجهها ابتسامة طبيعية. لكنها كانت لحظة مزعجة وقعت تحت أنظار الأميرة أليكساندرا».

وأليكساندرا سيدة فرنسية كانت زوجة يواكيم الأولى بين عامي 1995 لغاية 2005.

لا تتوقف الصحف الشعبية في السويد عن التطرق إلى ذلك الغرام الخفي. وفي الحقيقة فإن الشائعات كانت قد بدأت بعد فترة قصيرة من زواج ولي العهد الأمير فريدريك والأميرة ماري، عام 2004. فبعد ثلاث سنوات، أعلن يواكيم خطبته على زوجة ثانية تحمل اسم ماري أيضاً وتتمتع بالمواصفات الشكلية لزوجة شقيقه، بشكل لا تخطئه الأعين.

الأمير يواكيم مع زوجته ماري
الأمير يواكيم مع زوجته ماري

وفي مواجهة هذه التقولات والتقارير التي تداولتها الصحافة قررت الملكة مرجريت أن تعيد ضبط النظام داخل العائلة وأن تنبه الأمراء إلى واجباتهم. لقد زعزعت الشائعات سمعة العائلة المالكة ومركزها بين عامة الشعب، وكان لابد من تصحيح الوضع. وهكذا تم في حينه تنظيم حملة هدفها تطمين الشعب إلى أن كل شيء على ما يرام بين الشقيقين، وكذلك بين زوجتيهما. لكن ذلك كان جهداً ضائعاً.

بعد 15 عاماً عادت الخلافات الخفية لتطفو على السطح. بل إنها أخذت حجماً أوسع وغير مسبوق خصوصاً بعد قرار مرجريت سحب الألقاب الأميرية من أربعة من أحفادها. ويقول لارس هوفباك، المتخصص في شؤون العائلة المالكة، إن الوضع الحالي غير معتاد ويشكل سابقة تاريخية بلغ من خطورتها إقدام الملكة على نشر هذا البيان الرسمي بالغ الخصوصية وهو ما لم تفعله من قبل. وهوفباك هو خير من يدلي بدلوه بين الدلاء، فهو محلل رصين في صحيفة «إكسترا بلاديت» الدنماركية ولا يلقي الكلام على عواهنه.

الأمير فريدريك مع العائلة
الأمير فريدريك مع العائلة

بقي أن نشير إلى أن للملكة مرجريت موقعاً رفيعاً بين ملوك العالم، وهي تمتلك ثروة من مجوهرات التاج لا تقدر بثمن، منها تيجان تحلم كنتاها بالتزين بواحد منها.