17 ديسمبر 2022

إنعام كجه جي تكتب: فتيات فرنسا خائفات

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

إنعام كجه جي تكتب: فتيات فرنسا خائفات

هذه المرة كان اسمها فانيسا. مراهقة في الرابعة عشرة تتأرجح ما بين الطفولة والصبا، وهي ثالث ضحية تتعرض للقتل في فرنسا، في غضون أيام، بدون سبب معقول.

تقيم فانيسا في بلدة تقع في جنوب فرنسا، وهي قد خرجت من حصة الرياضة في مدرستها وتوجهت سائرة إلى البيت لتتناول الغداء على عجل، على أمل العودة إلى المدرسة.

لا يبعد بيت العائلة سوى أمتار قلائل، وهو قريب من مركز الشرطة في البلدة. لكنها اختفت من الطريق.

استعرض المحققون تسجيلات الكاميرات القلائل المنصوبة في الشوارع.

وجدوا البنت سائرة في عدد من اللقطات ثم غابت عن لقطات تالية.

تتبعوا أثر سيارة قديمة ظهرت في التسجيلات واستدلوا على صاحبها من تكبير رقعة رقمها.

حامت حوله الشكوك أكثر من غيره لأنه من أصحاب السوابق. سبق وأن دخل السجن في قضية اعتداء جنسي.

طرق رجال الشرطة عليه الباب، في الصباح التالي، فقال لهم: «أعرف لماذا أنتم هنا». اعترف بكل برود بأنه اختطف البنت واغتصبها وقتلها. قام ودلهم على مكان الجثة في بيت مهجور بأطراف البلدة.

لا سبب للجريمة سوى الغريزة المريضة. قبل فانيسا تعرضت لولا، 12 عاماً، للقتل في باريس داخل العمارة التي تقيم فيها مع عائلتها. القاتلة امرأة من الجيران يقال إنها تعاني اضطرابات عصبية وقد اعتدت على الطفلة قبل أن تخنقها وتضع جثتها في حقيبة سفر.

حوادث تحتل صدارة نشرات الأخبار

وبين الجريمتين جرى قتل شابة ثالثة بعد اغتصابها. حوادث تحتل صدارة نشرات الأخبار لأن قتل الصغيرات لا يشبه أي قتل غيره.

وحتى المجرمون المسجونون في قضايا السطو والمخدرات لا يقبلون بوجود المغتصبين بينهم.

لذلك تعزلهم إدارات السجون في زنازين بعيدة، حفاظاً على حياتهم.

أعرف أن الجريمة موجودة في كل بلاد العالم. وهي من عمر البشرية. لكن هذه الحوادث المتتابعة أشاعت أجواء من الخوف في أوساط طالبات المدارس.

ينام الناس على مقتلة ويستيقظون على أخرى. يحاول أولياء الأمور تطمين بناتهم لكنهم في الحقيقة أكثر قلقاً منهن.

كان الآباء والأمهات يرافقون التلاميذ الصغار إلى المدارس الابتدائية والآن صاروا يرافقون بناتهم من طالبات الإعدادية والثانوية، في الذهاب والعودة، حتى لو كان بيت الأسرة في الشارع نفسه.

ينتهي الخريف الفرنسي بقلق ليبدأ شتاء صقيعي أشد فزعاً. كأن مشكلات الغلاء والأوبئة والمهاجرين الغرقى في البحر لا تكفي...