بعد قرابة عقد كامل أمضاه النجم الأمريكي بريندان فريزر بعيداً عن الأضواء لظروف صحية ونفسية ومادية قاسية، عاد بريندان هذا العام بفيلم The Whale أو «الحوت» الذي فاز بفضله بجائزة الأوسكار لأول مرة في حياته وهو بعمر الرابعة والخمسين، ليثبت للعالم كله - ولنفسه أولاً - أنه مهما بلغت العقبات أو الصعوبات، يمكن التغلب عليها بالعزم والإرادة.
تعرفوا مع «كل الأسرة» إلى التحديات التي واجهها هذا النجم الذي تألق في التسعينيات وأول الألفية بفضل موهبته ووسامته، والأسباب التي اختفى لأجلها كل ذلك الوقت:
بدأ مسيرته الفنية قبل 30 عاماً
بدأ النجم الوسيم مسيرته الفنية في مطلع التسعينيات بعدة أدوار صغيرة، إلا أن شهرته الحقيقية جاءت بعد مشاركته في أفلام ناجحة من نوع الكوميديا والحركة (الأكشن) مثل Encino Man” (1992)، “George of the Jungle” (1997)، “Blast from the Past” (1999)، “Bedazzled” (2000)” أمام النجمة البريطانية إليزابيث هيرلي، وسلسلة أفلام The Mummy” (1999) ” مع النجمة راتشيل وايز.
كان بريندان في هذا الوقت في حالة جسمانية وهيئة شكلية ممتازة لفتت إليه الأنظار، هذا فضلاً عن موهبته الملفتة وأدائه التلقائي والكاريزما غير المفتعلة التي كان يتمتع بها. لذلك فكان لابد وأن تنهال عليه العروض في هوليوود.
خفوت نجمه في أواخر عام 2000
بحلول أواخر عام 2000، بدأت صحة فريزر في التدهور حيث بدأ يعاني بعض المشاكل الصحية بسبب المجهود البدني الذي كان يبذله في أفلام الحركة، بالإضافة إلى مروره بحالة اكتئاب نفسي أثرت في حياته المهنية بشكل كبير. وكان من أكثر الأفلام التي تطلبت مجهوداً بدنياً خارقاً، وفقاً لفريزر، هو فيلم «The Mummy: Tomb of the Dragon Emperor» في 2008، حيث صرح فريزر في عدة لقاءات صحفية بأنه كان يغطي جسده بأكياس الثلج بين كل مشهد وآخر، وكان أحياناً يثبت بعض أكياس الثلج الصغيرة والخفيفة تحت ملابسه أثناء التصوير.
بريندان فريزر مع ولديه
خضوعه لعدد كبير من العمليات الجراحية
خلال هذه المرحلة، خضع فريزر لعدة عمليات جراحية، كان من ضمنها عمليات في العمود الفقري مثل استئصال الصفيحة الفقرية وجراحة لعلاج لفقرات القطنية، بالإضافة إلى إجراء جراحة لاستبدال جزء من الركبة وأخرى لعلاج الأحبال الصوتية. وظل فريزر على تلك الحال لمدة سبع سنوات كاملة، فكان لا يلبث أن يغادر المشفى حتى يعاود دخوله مرة أخرى، مما تسبب في سوء حالته النفسية وزيادة وزنه بدرجة كبيرة وتوقفه عن العمل. بالإضافة إلى كل ذلك، لم يتمكن زواجه من الصمود في وجه كل هذه التحديات، حيث أعلن انفصاله عن زوجته في 2009.
زعم أن تعرضه للتحرش الجسدي هو السبب وراء اختفائه
في عام 2018، صرح فريزر أنه تعرض للتحرش الجنسي في عام 2003 من قبل فيليب بيرك، الرئيس السابق لجمعية الصحافة الأجنبية في هوليوود HFPA، المنظمة لحفلات توزيع جوائز Golden Globe Awards، إلا أن بيرك نفى هذا الاتهام، ومع ذلك يقول فريزر إنه لم يتلق أي دعوة لحضور حفلات الـ Golden Globes تماماً بدءاً من عام 2003 الذي زعم فريزر تعرضه للتحرش فيه.
كما صرح فريزر لمجلة GQ الأمريكية، قائلاً: «إن ذلك الاعتداء قد سبب لي صدمة نفسية وعاطفية كبيرة، وجعلني أختبئ. لقد جعلني أشعر بالعزلة»، وأضاف أنه ظل يعاني في صمت لسنوات طويلة بسبب عدم قدرته على إطلاع أي شخص - بما في ذلك زوجته - بما تعرض له، مما زاد حالته النفسية سوءاً.
مشهد من مسلسل «The Affairs»
بعده التدريجي عن الوسط الفني ثم اختفاؤه
ظل فريزر يبتعد تدريجياً عن الوسط الفني وصناعة الأفلام، وعلى مدار عشر سنوات لم يقم بالتمثيل في أي أفلام «كبيرة» بمفهوم هوليوود، بل اكتفى بالظهور في عدد قليل من الأدوار السينمائية. لكن عندما شارك في الموسم الثالث من مسلسل «The Affair» في عام 2016، لفت إليه انتباه المخرجين مرة أخرى مما أدى إلى تلقيه بعض العروض للمشاركة في بعض الأعمال التلفزيونية مثل «Trust» و«Condor» و«Titans» و«Doom Patrol».
فيلم «الحوت» وأول جائزة أوسكار
بعد توقفه عن تلقي أية عروض للعمل لفترة كبيرة، انتقل فريزر للعيش في مزرعة نائية تبعد حوالي ساعة من مانهاتن. وربما لم يكن فريزر يتخيل أنه ستأتيه أية عروض للعمل في الفن مجدداً، إلى أن تلقى مكالمة من المخرج دارن أرونوفسكي الذي أخبره أنه يريده أن يشارك في فيلم جديد من إخراجه يحمل اسم The Whale، وعرض عليه دور «تشارلي» مدرس اللغة الإنجليزية المنعزل الذي يبلغ وزنه 600 رطل، والذي يحاول إصلاح علاقته المضطربة بابنته المراهقة.
وبالفعل، انجذب فريزر إلى الدور انجذاباً شديداً وأبدع في أدائه بشكل لافت للنظر، وتلقى إشادة عالمية من النقاد. وعندما عرض فيلم «الحوت» لأول مرة في مهرجان البندقية السينمائي العام الماضي، انحنى فريزر وعيناه تفيضان بالدموع أمام تصفيق حار استمر لمدة ست دقائق كاملة، في لحظة لم يكن يتخيلها حتى في أحلامه!
وبهذا وبعد سنوات من الاختفاء - أو الاختباء المتعمد – وجد النجم بريندان فريزر نفسه مرة أخرى في دائرة الضوء، ولكن لدور مختلف تماماً عن الأدوار التي قدمها في شبابه. وبدلاً من أفلام الحركة، ارتقى فريزر أخيراً للأدوار الأكثر عمقاً ونضجاً وتأثيراً.