قبل فترة قصيرة، كانت الإشارة إلى «الملكة» تأخذك إلى إليزابيث الثانية، ملكة بريطانيا، وأشهر ملكات العالم. واليوم لم يتعوّد القارئ، بعد، على أن المقصودة بالملكة هي كاميلا، قرينة تشارلز ملك بريطانيا. فهناك في العالم ملكات غيرها أقدم منها، ثم إنها نالت اللقب الرفيع بعد مكابدات طويلة، وحوادث مأساوية، مثل مصرع الأميرة ديانا التي كانت الزوجة الأولى لولي العهد.
حسناً، لقد تحققت المعجزة الصغيرة، وجلست كاميلا باركر بولز على العرش، وارتدت التاج الثقيل والوشاح الملكي، فهل يسعدها هذا الانتصار؟
تطلع علينا صحف لندن بتقارير نفهم منها أن الملكة الجديدة ليست سعيدة تماماً بمنصبها الجديد. وحتى زوجها، فإنه يجد صعوبة في ملء الفراغ الهائل الذي تركته والدته التي تبقى حية في ذاكرة الإنجليز. وفي السابع من الشهر الجاري، وصل الملك إلى مبنى البرلمان لكي يلقي خطاب العرش. وكان يركب عربة ملكية تجرّها الخيول المطهّمة. وكان هناك عشرات من دعاة التخلي عن النظام الملكي، وقفوا على الرصيف واستقبلوه بالصفير. هل استهدفوا تشارلز، أم العربة؟ إن هناك من يريد ملكاً عصرياً يتنقل على دراجة هوائية، مثل أفراد العائلات المالكة، في هولندا والدنمارك، مثلاً. وقد رفع البعض لافتات كتب فيها «يا للتبذير»، و«لستَ مَلكي». إن أمراً مثل هذا لا يمكن أن يحصل مع إليزابيث الثانية.
من جانبها، وجدت كاميلا نفسها في مواجهة مهمات بروتوكولية كثيرة جديدة عليها. إنها في السادسة والسبعين من العمر. اعتادت أن تعيش في الظل. تنتظر حبيبها التاريخي الذي تمسّك بها طوال أربعين عاماً. يلجأ إليها فيجلسان قرب المدفأة الحجرية، يستمعان إلى الموسيقى ويتحدثان ويحتسيان شرابهما المفضل، تاركين هموم المملكة والعالم وراء جدران عشهما الدافئ. وفي الأيام الرائقة يركبان الخيل، أو يتجولان في المزارع والغابات، ويتأملان مياه البحيرات، وكأنهما آدم وحواء هذا العصر.
لم تكن كاميلا تحلم بأكثر من ذلك. وحتى عندما اقترن حبيبها بالشابة الجميلة ديانا فإنها كانت قانعة بحصتها القليلة من ولي العهد، موقنة بأن زواجه منها مستحيل باعتبارها امرأة مُطلّقة. أي خيال واسع يمكن له أن يتوقع طلاق تشارلز وديانا وما رافقه من فضائح؟ أي قدر ذاك الذي ساق ديانا إلى باريس لتقضي في حادث سيارة؟ أي ريشة كانت قادرة على أن ترسم صورة كاميلا مرتدية قبعة مزينة بالريش الذهبي، وهي تحتفل بزواجها من ولي العهد؟ بل أي معجزة تلك التي جعلت إليزابيث تبارك الزواج وتترك ما يشبه الوصية بقبولها أن تحمل كاميلا لقب الملكة؟
هناك من تسعده هدايا القدر، وهناك من تقضم جوانب من سعادته. صحيح أن خاتم خطوبة كاميلا جاء من المجوهرات الخاصة بوالدته الملكة، وهو يزن 5 قراريط من الألماس والزمرد، لكن متى كانت الخواتم والأساور والتيجان صانعة للسعادة؟ تتمنى زوجة ملك بريطانيا لو أخذوا منها التاج وتركوا لها تشارلز. لا تريد سفرات خارجية رسمية تضطر فيها لارتداء الكعب العالي الذي يؤلم ظهرها، ولا تحب أن تتركز عليه عدسات التلفزيون ومصوري وكالات الأنباء العالمية. إنها تكره الصور وتعرف أن حظّها من الجمال قليل، وسيبقى هناك من يقارن بين ملامحها وملامح ديانا. وهي مقارنة غير منصفة، وليست في صالحها لأنها تجاوزت السبعين، في حين أبقى الموت غريمتها شابة دون الأربعين.
هي ليست تعيسة، بالتأكيد، لكني أكاد أسمعها تغني مع سميرة توفيق: «لأهجر قصرك وارجع بيت الشعر...». هل تعرف كاميلا مطربة البادية سميرة توفيق؟
اقرأ أيضاً:
- هل ستُحجب وصية الملكة إليزابيث الثانية عن الملأ لمدة 99 عاماً
- د. حسن مدن يكتب: كاميلا شاند.. الحب الأول