مبادرة "ود" العالمية لتنمية الطفولة المبكرة في "COP28".. أفكار خلاقة ودعوة للتواصل مع الطبيعة
عندما تتحدث الطفولة، نتلمس الكثير من البراءة، والكثير من الصدق في طرح المشكلة، هذا ما جسّدته مبادرة «ود» العالمية لتنمية الطفولة المبكرة، التي تقودها هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة.
وضعت مبادرة «ود»، ملتقى الشخصيات القيادية والعقول الشابة والأفكار الاستثنائية، الأطفال في صدارة المشهد نحو بناء مستقبل مزدهر خلال مؤتمر الأطراف «COP28»، حيث أطلقت هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة النسخة الثانية من المبادرة، برعاية سموّ الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس مكتب الشؤون التنموية وأسَر الشهداء في ديوان الرئاسة، وبحضور ريم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي ورئيسة المبادرة في نسختها الثانية، وإيريون فيلياج، عمدة العاصمة الألبانية تيرانا، وسناء سهيل، مدير عام الهيئة، وأعضاء فريق العمل.
مجموعة أطفال أداروا الجلسات لتتبدّى قدرة هؤلاء على الإمساك بملف المناخ، والحديث عنه باستفاضة، والإشارة إلى جوانب غير مرئية للآخرين.
فازدهار الفرص هو رهن التفاعل مع المستقبل بعين بصيرة، والمشاركة في تحوّل المسيرة من واقع مشحون بالتحدّيات، إلى آفاق جديدة أكثر تفاؤلاً بإمكانية التغيير، وهذا ما تبدّى واضحاً خلال تلك الجلسة التفاعلية التي أدارها الأطفال الذين مثلوا هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة في مركز الشباب، إلى نخبة من الشخصيات القيادية من دولة الإمارات والخبراء الدوليين.
أدارت الناشطة البيئية الإماراتية غاية الأحبابي، سفيرة منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» ومؤسسة فريق البراعم الخضراء، جلسة حوارية تفاعلية مع عمدة تيرانا، حول تجربة مدينة تيرانا في التحول إلى مدينة صديقة للأطفال، حيث شدّد العمدة فيلياج، على الأهداف المشتركة التي يمكن تحقيقها من خلال إنشاء مساحات حضرية شاملة.
كما أدارت نايلة الأحبابي، العضوة في فريق البراعم الخضراء، جلسة تفاعلية مع سناء سهيل، وحصة تهلك، إلى جانب أطفال صغار من مدينة أبوظبي ومنطقة الظفرة، شاركوا تطلعاتهم حول مدن ذكية ونظيفة ومستدامة، واستعرضوا النماذج التي قاموا بتطويرها في ورش «ود» الاستكشافية.
وتركزت الجلسة على ثلاثة محاور أساسية، هي:
- تصوّر وابتكار حلول للتحديات المستقبلية المتعلّقة بالثقافة والمناخ وتخطيط وتصميم المدن.
- تسليط الضوء على المبادرات التي تنسجم مع أهداف «COP28»
- تنشئة أجيال شابة واعية بالمناخ وقادرة على التكيّف للمساهمة في بناء مستقبل مستدام
أكد الأطفال المشاركون أهمية الحفاظ على نظافة منازلهم لينطلقوا إلى عوالم أوسع وأكثر نقاء، حيث تعمل آنا صوفيا هيل من الهند، طالبة في أكاديميات الدار، كناشطة في مجال البيئة، وتنطلق من حلم صغير وهو «زراعة الكثير من الأشجار لحماية البيئة».
على صعيدها الشخصي، تعمل على مسارين لجهة مشاركتها في الأنشطة البيئية المختلفة، كما بالعمل على توعية محيطها، وتقول «أشارك في الكثير من الأنشطة البيئية مع مدرستي، وخلق الكثير من مساحات النقاش حول التغيّر المناخي وتأثير البيئة».
تلك الفتاة التي لا يتجاوز عمرها الـ8 سنوات تقوم بإعادة التدوير داخل منزلها، وتهتم بكل التفاصيل التي قد تؤدي إلى الهدر «فأنا أراعي استخدام الطاقة وترشيدها»، موجهة رسالتها إلى أقرانها من الأطفال «اقضوا وقتاً كبيراً في الخارج، وتواصلوا مع الطبيعة، وحافظوا على البيئة».
الطفلتان خديجة وفاطمة مع معلمتهما رشا الكومي
خديجة إياد سمير سليمان، 8 سنوات، من مدرسة مدينة زايد في الظفرة، طفلة مصرية، ولكنها ولدت وعاشت في الإمارات، وتسعى يومياً إلى أن «تكون بيئتي نظيفة، وإلى أن يسمع العالم مني هذا الكلام لكي يعمد إلى الحفاظ على البيئة، وعدم التسبب بمشكلات تؤثر في المناخ».
وتنسجم سلوكات خديجة اليومية مع أبعاد نشاطها على الصعيد البيئي «أطفئ كل أضواء المنزل في حال عدم الحاجة إليها، بهدف ترشيد الاستهلاك من جهة، وترشيد فاتورة الكهرباء على والدتي من جهة أخرى، وأحافظ على الطعام من الهدر، لكونه نعمة من رب العالمين، وأشارك في العديد من المشاريع البيئية داخل المدرسة».
وتتحدث عن مبادرة «ود» العالمية «مشاركتي في تلك المبادرة حفزتني على المضي قدماً في الحفاظ على البيئة وتوعية من حولي. كنت جدّ متحمسة للمشاركة في هذا اليوم، وفي «COP28» لإيصال رسالتي بأن الاهتمام بالنظافة من حولنا يقود إلى نظافة البيئة، وليكون كل ما حولنا نظيفاً».
أنجزت خديجة مع زميلتها في الصف فاطمة المنصوري، 9 سنوات، مشروعاً يُعنى بالاستدامة، ويترجم رؤيتهما للمستقبل والاستدامة «ارتكز المشروع على ابتداع حديقة مستدامة تستمد طاقتها من قوة الرياح، ويتّم توظيف النفايات في إعادة التدوير، وتكون تلك الحديقة مزودة بمستلزمات معاد تدويرها، أو معاد استخدامها حيث يستمتع الزائرون بجمال الطبيعة وسط النباتات والهواء العليل».
هكذا تصف فاطمة حديقتها في دعوة «إلى استثمار موارد الطبيعة بدءاً من المنزل إلى البيئة حولنا، وإلى المجتمع الأوسع». ويهدف المشروع إلى التوعية بأهمية الحفاظ على البيئة ودعم الاستدامة، و هو بإشراف هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، ومن تنسيق مساعدة المديرة رشا الكومي، ورعاية مديرة المدرسة حمدة المنصوري.
ولتعزيز مشاركتها مع أهداف «COP28»، تدعو فاطمة إلى الحفاظ على الماء، وترشيد استهلاك موارد الطبيعة، كما الحفاظ على الثروة الحيوانية، لأن «البيئة بيتنا، وهي بيتنا كلنا، فلنحافظ على نظافته، ونحن نستلهم من الوالد المؤسس الشيخ زايد، مبادئ الحفاظ على البيئة»، واصفة مبادرة «ود» بالمبادرة الجميلة التي «تعلّمنا كيفية التعاون للحفاظ على البيئة وضرورة الاهتمام بالطفولة لتكون صوت المستقبل».
وتوجز «هذه المشاركة الأولى لي في هذه المبادرة، لكنني أرى أنها مشاركة فاعلة وتعلّمني الكثير، وتعرّفني إلى آفاق جديدة من التعلم والمعرفة، ورسالتي للأطفال أن يحافظوا على البيئة لأنها بيئتهم، وعندما سيكبرون سينعمون ببيئة جميلة».
صورة من جدارية مركز الشباب
كل تلك الآراء والأفعال تتواءم مع نهج الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، في الاستدامة، حيث استقى منه الأطفال مبادئ هذا النهج، وتجسدت مسيرته في الاستدامة والحفاظ على البيئة عبر لوحة «بمجهود الشباب» ازدانت بها جدران مركز الشباب، ورصدت مسيرته في مجال الاستدامة ودوره الرائد في الحفاظ على البيئة حتى لُقب بـ«رجل البيئة» تقديراً لدوره المحوري في البيئة وتعزيز التنمية الزراعية، وحصل على تكريمات بما فيها جائزتا «الباندا الذهبية»، و«داعية البيئة»، إلى دكتوراه فخرية في الزراعة.
وترتكز المحاور الرئيسية لمبادرة «ود» العالمية لتنمية الطفولة المبكرة، على التربية الفعّالة، والثقافة والهوية، والمدن المستدامة والصديقة للأسرة، وهي تتوافق مع استراتيجية أبوظبي لتنمية الطفولة المبكرة 2035، وتأخذ في الاعتبار التحديات، المحلية والعالمية، التي يواجهها الأطفال الصغار.
وكانت سناء سهيل، مدير عام هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، أشارت إلى «وضع المبادرة في المسار التنفيذي لجهود دعم تنمية الطفولة المبكرة التي بدأناها هنا، من أجل صياغة سياسات أفضل، وأكثر استدامة، مع حشد الدعم المالي ودفع العمل النوعي بشأن القضايا الأكثر أهمية».
وتعمل مبادرة «ود» العالمية كمحفز للتغيير، من خلال تسليط الضوء على أهم المواضيع، وتعزيز الوعي في مختلف القطاعات، من خلال التركيز على أربعة مجالات رئيسية، هي الصحة والتغذية، والدعم الأسري، وحماية الطفل، إلى جانب الرعاية والتعليم المبكرين.