14 فبراير 2024

أفلام السّير الذاتية تشعل حرارة الأوسكار.. ولكن مع بعض "البهارات"

ناقد ومؤرخ سينمائي

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

أفلام السّير الذاتية تشعل حرارة الأوسكار.. ولكن مع بعض "البهارات"

هل التقى أوبنهايمر ألبرت إينشتاين؟

أفلام سير حياة المشاهير هي نوع من الأنواع الرائجة في هوليوود، وسواهـــا. وهي شريكة هذا العام في سباقات الأوسكار.. لكن هل تسرد فعلاً الحقيقة دائماً؟

أفلام السّير الذاتية تشعل حرارة الأوسكار.. ولكن مع بعض "البهارات"

Bobi Wine‪: The Peop‪le’s President

في عداد الأفلام المتبارية للأوسكار هذا العام هناك فيلمان روائيان من هذه الفئة هما الأمريكيان «أوبنهايمر»، و«مايسترو». وفي عداد الأفلام غير الروائية هناك ثلاثة من الأفلام الخمسة المرشّحة، وهي: الفيلم الأمريكي «بوبي واين: رئيس الشعب» (Bobi Wine‪: The Peop‪le’s President) والتونسي «بنات ألفة» (مقدّم باسم Four Daughters) والتشيلي «الذاكرة الأبدية» (La Memoria Infinita).

أفلام السّير الذاتية تشعل حرارة الأوسكار.. ولكن مع بعض "البهارات"

Napoleon

وكانت صالات السينما حول العالم شهدت في العام المنصرم ما لا يقل عن 20 فيلماً من نوع «السّير الذاتية»، أو «البيوغرافي»، وهو رقم قريب من عدد الأفلام التي تم عرضها من هذا الفصيل في العام الأسبق، 2022 (نحو 18 فيلماً).

هناك فيلمان قريبان من السّير الشخصية هما «نابوليون» لريدلي سكوت، عن الحب والحرب في حياة نابوليون بونابرت، و«قتلة ذا مون فلاور» لمارتن سكورسيزي، الذي يعرض لشخصيات حقيقية بدورها.

ما تجتمع عليه هذه الأفلام وسواها هو البحث في بعض تاريخ، وبعض حاضر الشخصيات التي تسجلها على أشرطتها. وبطبيعة الحال، فإن الفيلم الروائي لديه هامش كبير من الخروج عن سيرة الحياة التي يختارها.

أفلام السّير الذاتية تشعل حرارة الأوسكار.. ولكن مع بعض "البهارات"

Maestro

هذا اعتراف غير مباشر بأن قصّة حياة شخص مشهور، لنقل جون ف. كندي، أو سيغموند فرويد، قد تكون مملّة على الشاشة بحيث لابد من رش بعض البهارات عليها لكي تصبح مقبولة. هذا يتضح جلياً مع فيلم برادلي كوبر عن حياة الموسيقار ليونارد بيرنستين، في فيلم «مايسترو».

يلعب كوبر شخصية الموسيقار (1919- 1999)، الذي وضع موسيقى لمئات الأفلام والمسرحيات والأعمال التلفزيونية من بينها موسيقا «عصر البراءة»، لسكورسيزي (1992)، و«زيت لورنزو» لجورج ميلر (1992)، ومن قبلهما «بوابة الجنة» لمايكل شيمينو (1980)، «وست سايد ستوري» لروبرت وايز (1961)، و«نافذة خلفية» لألفرد هيتشكوك (1954)، على سبيل المثال.

أفلام السّير الذاتية تشعل حرارة الأوسكار.. ولكن مع بعض "البهارات"

Percilia

وهناك حالة أخرى متمثلة في فيلم «بريسيليا» الذي أخرجته صوفيا كوبولا (ابنة المخرج الكبير فرنسيس فورد كوبولا) والذي تم اقتباسه عن مذكرات بريسيليا برسلي، زوجة المغني الراحل ألفيس برسلي. الفيلم لا يتعرّض بسوء للمغني من خلال سرده أحداثه، لكن المرء يتساءل عن مدى صحة بعض المواقف التي دارت بين الزوجة وزوجها، وهل كانت بالفعل لا تعلم شيئاً عما سيؤول إليه الوضع عندما ينطلق هو ناجحاً، وتجد نفسها مجرد زوجة رجل مشهور؟

المشكلة هنا هي أن «مايسترو» حاول بيع حياة برينستين للجمهور، وهذا يعني إنه تغاضى عما يمكن اعتباره دراسة حياة، وأمّ، ما يجذب الجمهور أكثر: بعض ملامح الشخصية الاجتماعية، حديثه عن الموسيقى ومشهد له وهو منكب على تأليفها، ثم قصّة الحب التي جمعته مع زوجته (كارس موليغن).

أفلام السّير الذاتية تشعل حرارة الأوسكار.. ولكن مع بعض "البهارات"

Oppenheimer

الأمر ذاته مع قيام كريستوفر نولان، بتناول شخصية «أوبنهايمر»، من حيث إنه جلب بعض المشاهد التي لم تقع فعلياً، ولو لأمر لا علاقة له بالزينة، مثل ذلك المشهد الذي جمع بين أوبنايهمر وألبرت إينشتاين. إذا ما كان هناك سبب وجيه فهو بقي في نوايا المخرج، ولم يظهر على السطح جيداً.

هذا ما يضعنا أمام السؤال الكبير حول ما إذا كان الفيلم البيوغرافي مسموحاً له بابتداع مواقف، وشخصيات، وأحداث دخيلة، أم لا، ثم ما حجم الإضافات، إذا كان لابد منها؟ علماً بأن بعض الأفلام تخرج تماماً عن خط سرد الأحداث الواقعية في حياة أبطالها، كما فعل فيلم «السبّاحتان»، لسالي الحسيني، وقبله فيلم «هيتشكوك» لساشا عرفازي. في كليهما اعتماد على أحداث لم تقع، وما وقع منها لم يقع على النحو الوارد فيهما.

 

مقالات ذات صلة