مهرجان "إكسبوجر 2024" للتصوير.. الصورة جسر بين الماضي والحاضر ورسالة إنسانية ومجتمعية وثقافية
يجمع المهرجان الدولي للتصوير «إكسبوجر 2024»، الذي انطلقت فعالياته مؤخراً، في «مركز إكسبو الشارقة»، خبرات مئات المصورين والهواة من عشاق التصوير، الذين أتيحت لهم الفرصة لاستعراض تجاربهم ومغامراتهم في عالم التصوير، إضافة إلى حضور ورش العمل التي يقدمها خبراء صناعة التصوير من أنحاء العالم، حيث نظم المهرجان أكثر من 65 ورشة عمل وجلسة عملية تناسب المصورين، المبتدئين والمحترفين، ليواصل «إكسبوجر»، في نسخته الثامنة، نجاحه المستمر منذ انطلاقته عام 2016، وليعزّز مكانته كمنصة عالمية لخبراء وهواة فن التصوير الفوتوغرافي والسينمائي ومحبي الفنون البصرية.
الصورة شاهد على ما تكتبه الأحداث عبر الزمن
هناك من تغنّى بالصور، وهناك من يرى عوالم جديدة من خلالها، والكثير يسترجع عبرها ذكريات وأحداثاً قد لا يسمح الزمن بتكرارها مرة أخرى، أما في مهرجان «إكسبوجر» فللصور مكانة كبرى تتخطى هذه المشاعر الإنسانية، فهي تستعرض مشوار نجاح المئات ممن كرّسوا حياتهم لالتقاط لحظات ومشاهد ومواقف عابرة من خلال كاميراتهم، ساهم نشرها ومشاركتها في إيصال رسائل، مجتمعية وإنسانية وبيئية، مختلفة.
كما تعمل هذه الصور التي يتم الاحتفاء بها، واستعراضها خلال المهرجان، على إلهام الكثير من هواة التصوير للإيمان بهذا العمل، واستكمال مسيرتهم، لتبقى الصور شاهدة على كل ما تكتبه الأحداث عبر الزمن. فقد شمل المهرجان صوراً مثل البورتريه، والوثائقية، والتصوير الصحفي، والطبيعة، والحياة البرية، والسفر، والمغامرة، والفنون الجميلة، والتعبير الإبداعي والحياة الحضرية والشوارع والرياضة والحركة والموضوعات الفنية والتجريبية.
200 فعالية في «إكسبوجر 2024»
حاورت «كل الأسرة» عدداً من المصورين المشاركين في المهرجان الدولي للتصوير «إكسبوجر 2024»، كما سلّطنا الضوء على التجارب العالمية التي جرى استعراضها خلال فعاليات المهرجان، فقد نظم المهرجان أكثر من 200 فعالية، من ورش عمل وندوات ومحاضرات، تهدف إلى تعزيز المعرفة، والمهارات، والإلهام في مجال التصوير، ويشارك في هذه الفعاليات 150 مبدعاً من أمهر رواة القصص البصرية في العالم، يقدمون في 79 جلسة حوارية ونقاشات جماعية، نصائح وخبرات ورؤى تفيد كل من يهتم بفن التصوير.
الأبيض والأسود يبرز جمال الصور ومعانيها
شمل معرض المصورة الإماراتية فاطمة الموسى صوراً بالأبيض والأسود لتراث دولة الإمارات، وحياة الأوّلين التقطتها بكاميراتها اليدوية، ولفتت من خلالها لعلاقة أهل الإمارات بالصحراء، والحيوانات، والحياة البسيطة، وتقول «استغرقت فترة طويلة في تصوير هذه اللقطات التي عكست حياتنا في الماضي، فالحصان، والجمَل، والحِرف اليدوية، جزء لا يتجزأ من تاريخنا وحاضرنا، وهما محطّ فخرٍ لها، ويستحقان أن تبرز مكانتهما بين ثقافات العالم، وقد حرصت على التصوير بالأبيض والأسود كي نستمتع بجمال الصور ومعانيها، من دون أن تشتتنا الألوان والتفاصيل التي يمكن أن تتلاشى بين هذه الألوان».
المصور المحترف ينقل الحقيقة بعدسته
أما المصور مصعب المصعبي، فقد تحدث عن عدم تخوّفه من الذكاء الاصطناعي الذي يمكن أن ينافسه كمصور للمناظر الطبيعية، ولكنه يعقب «أحبً تصوير المناظر الطبيعية، وقد شاركت في المهرجان بصور بعنوان سحر الطبيعة الجميلة في آيسلندا، وأرى أن المهرجان فرصة ليبرز مواهبنا في التصوير، خصوصاً أن تصوير الطبيعة ليس من الأمور السهلة، فهناك قواعد يجب الالتزام بها، مثل التوقيت المناسب، الإضاءة، الزاوية المناسبة، وكذلك الأدوات المستخدمة، ولكن ليست هي المؤثر الأساسي لتوضيح جمال الصور، المهم في الموضوع أن المصور المحترف هو من يتمكن من إيصال الحقيقة التي يراها بعدسته لكل من يشاهد صورته، لذلك لا يمكن أن ينافس الذكاء الاصطناعي المصور المحترف، ذا النظرة الإبداعية».
ملامح راضية رغم العناء والشقاء
شاركت المصورة ريهام عكيلة بمجموعة «ملامح»، ففي الوقت الذي تختفي فيه الملامح الحقيقة بسبب استخدام فلاتر الهواتف الذكية، وبرامج تحسين الصور، سلطت ريهام عدستها على تجاعيد الوجه، والعيون، لنساء في أعمار مختلفة، وتبيّن «عادة ما أصور المناظر المعمارية، ولكن في هذه المرة قمت بتصوير وجوه نساء قرويات في أعمار مختلفة، وركزت على تفاصيل ملامحهنّ التي تبرز عادة من خلال عيونهنّ، التي بدت في الصور لامعة وراضية، على الرغم من العناء، والشقاء الذي يعشن فيه».
أهمية الإضاءة.. وأسرار تحديد أفضل أماكن التصوير
وخلال الفعاليات شارك عدد من المصورين العالميين تجاربهم، كما قدّموا نصائحهم لالتقاط أفضل الصور، وأكثر البرامج تطوراً لتحرير الصور، وإبراز جمالها، حيث لفت المصور روب إيرفينغ، لأهمية الإضاءة في التصوير، التي تقوم بدور كبير في نقل المشاعر، وتوضيح الرسالة التي يرغب المصور في إيصالها، وأضاف «غالباً ما نركز على الموضوع، لكن في الحقيقة يجب علينا أيضاً أن نركز على الإضاءة دائماً».
أما المصوّر أندي كاتز فقدم ورشة عمل بعنوان «رحلتك في التصوير»، مستعرضاً تجربته في التقاط الصور في جميع الحدائق الوطنية الأمريكية الـ63، حيث تمكن من تصوير المناظر الطبيعية المتنوعة في أكثر من 100 بلد، وكشف خلال الورشة أسرار تحديد أفضل أماكن التصوير، التي لم تكتشف كمناطق سياحية، وتحدث أيضاً عن أفضل الأوقات لالتقاط الصور في المناطق الطبيعية.
التصوير يساهم في الحفاظ على الطبيعة
ومن خلال جلسة بعنوان «الوعد الجذري بالعودة إلى الحياة البرية لاستعادة كوكبنا المريض»، استعرضت المصورة الأمريكية، بيث والد، كيفية توظيفها هواية التصوير، لتسليط الضوء على الكوارث البيئية من خلال تصوير الحدائق والغابات والمحميات الطبيعية، من أجل التوعية بضرورة حماية الأشجار، والمناطق البيئية الطبيعية، عبر تصويرها للممارسات الخطرة التي تحدث في تلك المناطق، فقد اكتشفت تلك المناطق من خلال ممارستها لرياضة التسلق، حيث قررت إلقاء الضوء على تاريخ المناطق التي وصلت إليها، واكتشفت الكوارث التي تحدث هناك من قطع غير مشروع للأشجار ووجود بعض الحيوانات المهددة بالانقراض.
توجيه الكاميرات نحو الهوية والثقافة العربية
من جهته، حرص المصوّر والمخرج الإماراتي منصور الظاهري، على توجيه كاميرات صناع المحتوى نحو الهوية والثقافة العربية، خلال جلسة بعنوان «مسيرتي.. رحلتي»، فقد أكد دوره في نقل الصور الحضارية والأصيلة للمنطقة العربية، إذ يرى المخرج منصور الظاهري أن مستقبل صناعة المحتوى والأفلام السينمائية في دولة الإمارات يمكن أن يزدهر من خلال استعراض جماليات القصص المحلية، والأثر الذي يمكنها أن تتركه في نفوس الجماهير، من مختلف أنحاء العالم، خصوصاً أن الدولة توفر إمكانية استخدام التطورات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، للارتقاء بصناعة المحتوى والسينما والإنتاج المرئي بشكل عام.
* تصوير: السيد رمضان والمصدر