د.علياء القاسمي: جائزتا التميز الطبي والذكاء الاصطناعي تكرّسان دبي هوية للسياحة الصحية
د. علياء القاسمي
نجحت دولة الإمارات، على مدى سنوات من العمل، في إرساء منظومة صحية متكاملة، على صعيد المؤسسات الطبية، الكادر البشري، البنية التحتية الطبية والخدمات الصحية واستثمار التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
هذه العناصر ساهمت في تعزيز مكانة الدولة كوجهة رائدة للعلاج والرعاية الصحية، والدليل هو قدرتها على التعامل مع جائحة «كوفيد -19» بفاعلية واعتمادها على التكنولوجيا في هذا السياق للحد من انتشاره عبر استخدام تطبيقات تتبع الأعراض ومراقبة انتشار الفيروس.. وغيرها.
جانب من مؤتمر الإعلان عن الجائزتين
وفي سياق الجهود نفسها، يأتي الإعلان عن إطلاق مجموعة دبي للجودة جائزتين في القطاع الصحي، هما جائزة التميز الطبي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجائزة الذكاء الاصطناعي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتزامن هذا الإطلاق مع أسبوع الابتكار 2024، وتحت رعاية سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس دائرة الطيران المدني في دبي ورئيس مجموعة طيران الإمارات، والراعي الفخري لمجموعة دبي للجودة.
وفي حديث لـ«كل الأسرة»، تؤكد الشيخة الدكتورة علياء القاسمي، رئيس المجموعة الفرعية للتميز الطبي، تميّز إمارة دبي في تقديم الخدمات في مجالات عدة، ومنها القطاع الصحي، حيث تتبنى أفضل الممارسات العالمية، لافتة إلى اهتمام الدولة والقيادة برفع مستوى الخدمة ومواكبة التطورات العالمية.
ويهدف إطلاق الجائزتين إلى تعزيز ثقافة الابتكار والتميّز المؤسسي في كل القطاعات، بخاصة قطاع الصحة وقطاع التكنولوجيا، مع تشجيع المنظمات، الحكومية والخاصة، على تطبيق أفضل ممارسات الذكاء الاصطناعي وتحسين الأداء العام والحفاظ على المرونة والاستدامة.
وفي هذا الصدد، تتوقف د. علياء القاسمي عند أهمية الجوائز ودورها في «تعزيز البيئة التنافسية في المكان نفسه ورفع الوعي الصحي، وتحفيز العيادات الطبية التي ستستهدفها الجائزة في وقت لاحق، لتطبيق أفضل المعايير والممارسات».
وتضيف «تعزز الجائزة الأداء الصحي في الدولة، وتهدف إلى أن تجعل من الإمارات، ودبي بخاصة، هوية للسياحة الطبية ويتّم فيها تبني أفضل الممارسات العالمية، ما يرفع مستوى وجودة الخدمات في القطاع الصحي على كل المستويات، سواء المؤسسي من المستشفيات في القطاعين، الحكومي أو الخاص، أو على مستوى المراكز الصحية والعيادات والأفراد».
تستهدف الجائزتان شركات القطاعين، الحكومي والخاص، على مستوى دول الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبدأ استقبال طلبات الترشح من الأول من مارس لعام 2024 ويستمر على مدار ثلاثة أشهر، لتمكين المؤسسات من المشاركة بقوة وفاعلية واستيفاء المعايير المطلوبة.
أهم المعايير التي يمكن على أساسها اعتبار المؤسسة الصحية متميزة
تلفت الشيخة د. علياء القاسمي إلى أنّه «في دولة الإمارات، تسعى المستشفيات إلى أن تحصل على الجوائز العالمية منها «جي سي أي» (شهادة الهيئة الدولية المشتركة لجودة الخدمة الصحية)|، حيث تبنّينا، من خلال جائزة التميز الطبي، هذه المعايير التي تعتبر أساساً لتقييم الخدمات، والإجراءات، وحتى المعرفة والبحوث في القطاع الصحي، لأهميتها في تطوير القطاع، وفي كل مجالاته».
وتلفت إلى أن «معايير جائزة التميز الطبي ستؤدي إلى تغيير قواعد اللعبة في قطاع الرعاية الصحية، لكونها أتاحت الفرصة لإيجاد إطار شامل يربط بين الجودة والسلامة وتعزيز الصحة والوقاية من الأمراض والمنافسة، ويسهم اتّباع هذا النهج في جذب الاستثمارات وتعزيز النمو والابتكار في مجال الرعاية الصحية».
ولكن لا بد من سؤال عن أثر جائحة «كورونا» في تفعيل عمل المستشفيات وتعزيز استخدامها لخدمات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتوافرة، فهل عززت من الأداء في المستشفيات وقادتها إلى تجاوز مراحل كبيرة من التطور وتطويع تقنيات الذكاء الاصطناعي لمصلحتها؟
تحسم د.القاسمي بالإيجاب «أنظر إلى مرحلة «كورونا» كونها «الوقود المسرّع» لاستراتيجيات ونقاشات تحوّلت إلى واقع. فالخطط كانت تستغرق سنوات لتطبيقها تحت ضغط الوقت وطبيعة العمل الصحي، وأتت جائحة «كورونا» لاختصار هذا الوقت، وإثبات قدرة القطاع الصحي على التعامل مع الجائحة، بوضع سلامة الأفراد والمجتمع ضمن الأولويات، وضمان استمرارية الأعمال خلال هذه الفترة التي كان فيها التحدي كبيراً».
وتضيف رئيس لجنة التميز المؤسسي «دولة الإمارات أثبتت قدرتها والقدرات التي تمتلكها على تخطّي هذه الجائحة ومواجهتها واستمرارية الأعمال وصحة المجتمع وصحة العاملين في القطاع الصحي، وجائزة التميز الطبي وجائزة الذكاء الاصطناعي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا تبرزان كل من يتبنّى التغيير ويؤمن به استعداداً لأي طارئ قد نواجهه مستقبلا، ومن المؤكد أن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا يسيران بموازاة هذا التقدم».
بدوره، قال الدكتور عادل سجواني، رئيس لجنة التحكيم، لـ«كل الأسرة» إن «هذه الجوائز تشجع على التميز الطبي، لكون المؤسسات التي لا تلبي الطموحات في مجال الجودة الصحية ستعمل على رفع مستواها للالتحاق بهذه الجوائز، ونحن نرى أن كثيراً من دول العالم بدأت بجوائز طبية وأصبحت المعيار الرئيسي لإعادة تقييم وتراخيص المستشفيات مستقبلاً».
ويتوقف د.سجواني عند تميّز دولة الإمارات في هذا المجال «قبل قيام الاتحاد الإمارات، كانت توجد 6 مستشفيات، في حين نتحدث اليوم عن أكثر من 200 مستشفى وعيادة في الدولة، ومسار السياحة العلاجية في تزايد كبير. وكطبيب أمارس مهنتي، جزء كبير من المرضى يقصد الدولة من الخارج لتلقّي الرعاية الصحية لدينا، والسائح الذي يأتي بهدف السياحة العلاجية يركز على المعايير المتعلقة بالمستشفى الفائز بجائزة التميز الطبي في مجال الجودة، وفي مجال الرعاية وغيرها، ولا شك في أن هذه الجوائز ستدعم السياحة العلاجية، وجزء من المعايير في اختيار الجائزة هي معايير الإبداع والابتكار، وبالتالي يندرج تحتها الذكاء الاصطناعي، والمستشفى الذي يتبنّى مثل هذه الممارسات تزداد حظوظه في الجائزة».
وكطبيب متابع، ومن خلال تماسه مع الميدان الطبي، يلفت إلى «إن القطاع الصحي هو أكثر قطاع تعتمد فيه آليات الإبداع والابتكار عالمياً، ولكنه أقل قطاع يقوم بالتنفيذ، ونحن نطلب من المستشفيات، الخاصة والحكومية، في كل الدول، أن تكون أكثر تقبّلًا للتطور العلمي والطبي، ولا تقاوم هذا التغيير، ومواكبة التطور النظري وتحويله إلى تطور عملي».
ويرى د.سجواني أن جائحة «كوفيد -19» عززت التطور العلمي بشكل كبير، لأنه «حتى من كان يقاوم التطبب والتكنولوجيا في الطب، لجأ إلى هذا التوجه رغماً عنه خلال أزمة «كورونا»، وبالتالي، نحن لا نحتاج إلى جائحة ثانية حتى نتطور علمياً وطبياً، بل يجب استثمار التطور العلمي الذي طبقناه في وقته، وإلا سنضطر إلى التورط في الجائحة مستقبلاً».
أعضاء لجنة الجائزتين
حضر مؤتمر الإعلان عن جائزتَي التميز الطبي والذكاء الاصطناعي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أيضاً، أحمد الزرعوني، رئيس المجموعة الفرعية للذكاء الاصطناعي، والدكتور رامي شاهين، أمين عام جائزة الذكاء الاصطناعي، وسميرة محمد، مدير عام مجموعة دبي للجودة، والتي أشارت إلى «إنّ الجائزتين تعّدان إضافة نوعية جديدة إلى قائمة الجوائز التي تتبناها مجموعة دبي للجودة منذ عام 1994، وضمهما إلى سلسلة جوائزها النوعية، والتي تشمل جائزة الإمارات للابتكار، وجائزة الإمارات للسيدات، وجائزة أفكار عربية الدولية، وجائزة التحسين المستمر العالمية، وجائزة أفكار الإمارات، بهدف تعزيز التوجه الابتكاري الذي يعتبر البنية الأساسية لقيادة التنمية المستدامة والشاملة في الدولة، ولترسيخ مكانة الإمارات التنافسية وتعزيز موقعها كمركز عالمي للابتكار في مؤشر الابتكار العالمي».
وفي سياق متصل، لفت الدكتور رامي شاهين، أمين عام جائزة الذكاء الاصطناعي، لـ«كل الأسرة» أن العالم في تغيّر وواقع المؤشرات يؤكد أن دبي تقود مسار الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، بيد أن المطلوب من دبي لقيادة عملية التغيير أن تتواءم مهمتها مع ثلاثة أمور أساسية تعتبر البوصلة لتحقيق الهدف، وهي:
- التصفير الحكومي.
- خلق الميزة التفضيلية للقطاعات المختلفة.
- بناء ممارسات فضلى تستطيع من خلالها إيجاد اقتصاد للذكاء الاصطناعي عبر مبادرات التصفير الحكومي.
وخلص د.شاهين إلى «إن الهدف من إطلاق جائزة الذكاء الاصطناعي إيجاد منصة لتركيز الضوء على الجهات، الحكومية والخاصة، بدولة الإمارات ودول الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تتميز بتقديم خدماتها من خلال الحلول المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وقياس مستوى نضج الذكاء الاصطناعي في هذه المؤسسات».
* تصوير: السيد رمضان