جوائز الأوسكار 2024.. كل شيء سار حسب المتوقع وفيلم كوثر بن هنية لم يخسر لأنه عربي
كما بات معروفاً، فاز «أوبنهايمر» لكريستوفر نولان، بسبع أوسكارات في سباق الأوسكار السادس والتسعين. وهو الفيلم الذي دخل عرين المنافساتن بقوة، منذ انطلاقه للعروض التجارية في الثالث من سبتمبر، وارتفعت إثر ذلك التوقعات المحيطة به.
وهو لم يخيّب أمل أحد عندما التقط سبعاً من الجوائز الإحدى عشر التي رُشح لها، بما فيها جائزة أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل ممثل (كيليان مورفي)، وأفضل ممثل مساند (روبرت داوني جونيور)، وأفضل تصوير (هويت فان هويتيما)، وأفضل توليف (جنيفر لايم).
الفيلم التالي حسب عدد الجوائز التي فاز بها هو «أشياء مسكينة» Poor Things الذي خرج بأربع جوائز، هي: أفضل تصميم ملابس، وأفضل تصميم إنتاجي، وأفضل تجميل (Make Up)، وأفضل ممثلة في دور أول (إيما ستون).
فوز ستون كان من تلك النتائج غير المتوقعة بقوة. وكنا أعربنا هنا عن بعض الريبة من أن يكون دور الممثلة ليلي غلادستون المهمّش إلى حد في فيلم «قتلة ذَ فلاور مون» كافياً لمنحها الأصوات المطلوبة لفوزها بالفعل. رغم ذلك، توقّع فوزها كان سائداً بين الجميع، إلى أن جاءت النتيجة على عكس ذلك.
الممثلة الأفرو-أمريكية دافين جوي راندولف نالت بالفعل ما توقعه الجميع لها، وهو جائزة أفضل ممثلة مساندة عن فيلم «المستمرون»، وهو الفوز الوحيد للفيلم الذي ترشّح كأفضل فيلم، وأفضل ممثل أول، (بول جياماتي)، وأفضل سيناريو أصلي (نالها فيلم «تشريح سقوط»)، وأفضل توليف (التي خطفها «أوبنهايمر» أيضاً).
استعراض غوزلينغ.. الهابط
خروج روبرت داوني جونيور بأوسكار مستحق كأفضل ممثل مساند (عن «أوبنهايمر»)، دفع بمنافسيه، وهم مارك روفالو، وسترلينغ براون، وروبرت دي نيرو، ورايان غوزلينغ، للخروج من المولد بلا حمص. هذا الأخير، غوزلينغ، قام باستعراض غنائي حضّر له سابقاً، واعتبر نوعاً من التعويض عن خسارة الفيلم كل ترشيحاته السابقة.
من بعض ما ادّخرته الأكاديمية من «مفاجآت» قيام ممثل مغمور، اسمه جون سينا، بتقديم جائزة «مصممي الإنتاج»، وهو عارٍ تماماً باستثناء الورقة التي تمت كتابة أسماء المرشّحين عليها. هذا يذكّر بحادثة مماثلة وقعت سنة 1974 خلال المناسبة السادسة والأربعين من حفل الأوسكار، عندما شوهد رجل عارٍ يركض من يمين المسرح إلى يساره خلف الممثل البريطاني ديفيد نيفن الذي عُهد إليه تقديم الحفل. لكن في حين أحدث ذلك انزعاجاً وتعليقات سلبية، تمتّع ظهور جون سينا بالتصفيق!!.
كذلك كانت هناك تلك المناسبة التي تنقلب فيه الضحكات إلى غير ما توخّته. هذا حدث في العام الماضي، عندما صفع ول سميث المقدّم كريس روك، ردّاً على ما اعتبره الأول مسّاً بزوجته.
هذا العام ظهر كل من أرنولد شوارتزنيغر بقامته المديدة، إلى جنب الممثل داني ديفيتو (أحد أقصر ممثلي السينما) معاً، لتقديم إحدى الجوائز. وكانا اشتركا في بطولة فيلم «توأم» (أحد أسوأ كوميديات 1988). كذلك قام كل منهما، منفصلاً عن الآخر، بتمثيل دور الشرير في أحد «باتمان يعود» (1992). وبعد حوار مفتعل كعادة معظم ما يدور على المنصّة في هذه المناسبات، نظر ديفيتو إلى الممثل مايكل كيتون، وقال «لقد ألقى بي من النافذة.. ها هو. كيف تتجرأ على الحضور هنا؟»، تبع ذلك قيام شوارتزنيغر بشتم كيتون على شكل دعابة. كيتون فعل حسناً بنظراته المتحدّية، وإشارة من أصابع يديه كما لو كان يدعوهما لمجابهة جديدة.
مفاجأة آل باتشينو
لم تكن كل لحظات الحفل على هذا النحو الدعائي الساخر، بل كانت هناك بضع لحظات جمد فيها الجميع متعجّبين. إحداها كانت عندما تقدّم الممثل آل باتشينو إلى المنصّة لتقديم الفائز بأفضل فيلم (تلك التي ذهبت كما تقدّم لـ«أبونهايمر»)، حيث فتح باتشينو المغلّف الذي يحتوي على عناوين كل الأفلام المتنافسة هذا العام (عشرة،) وتجاهل ذكرها جميعاً (كما جرت العادة)، وقفز إلى الفيلم الرابح وحده. التصفيق كان للفيلم وليس لاختصاره الذي بدا مقصوداً.
فوز إيما ستون كان لحظة عاطفية في مكانها أيضاً. كما مرّ آنفاً، توجهت جائزة أفضل ممثلة لإيما ستون بدل ليلي غلادستون (نكتة متداولة حالياً أ كلتيهما «ستون»). اللقطة التي تركّزت على وجه إيما ستون لفوزها عن «أشياء مسكينة» عبّرت بأكثر من مئة كلمة عن دهشتها.
وبالعودة سريعاً إلى «باربي»، لم يكن الفيلم الوحيد الذي لم يحظ بجائزة رئيسية ما، بل صاحبه بذلك فيلم مارتن سكورسيزي «قتلة ذَ فلاور مون» الذي سجّل صفر جوائز. وكان الفيلم رُشح لعشر جوائز، من بينها أساسيات مثل أوسكار أفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل ممثلة، لكنه لم ينجز أيّاً منها.
المخرجة كوثر بن هنية مع الممثلة هند صبري
منطقة عربية مطلوبة
لم يفز الفيلم العربي الوحيد المتنافس، وهو «أربع بنات» (أو «بنات ألفة» كما عنوانه الآخر)، بالجائزة التي رُشح لها، وهي جائزة أفضل فيلم عالمي (أجنبي سابقاً). هذه هي المرّة الثانية التي تجد المخرج كوثر بن هنية نفسها قاب قوسين أو أدنى، من الجائزة، لكنها لم تفز بها، بعد اشتراك مماثل قبل أربعة أعوام عندما قدّمت فيلمها السابق «الرجل الذي باع ظهره».
تحليل ذلك لا يحمل فعلاً سياسياً على الإطلاق، فبوجود فيلم «منطقة الاهتمام» الذي نال بين النقاد والمهتمين نقاط إعجاب عالية، كان متوقعاً وصوله إلى خط النهاية من دون سواه. لكن هذا لم يمنع بعض المعلّقين في عالمنا من القول إن الفيلم لم ينل جائزته في هذه المسابقة لأنه عربي (في الواقع هو فرنسي التمويل أكثر منه تونسياً)، وأحد الكتّاب ذكر أن موقف المخرجة المعلن من القضية الفلسطينية والحرب على غزّة، الذي أعلنته في نطاق احتفالات السيزاز الفرنسية، حرمها من الفوز بالأوسكار.. لكن هذا ليس صحيحاً على الإطلاق، لكون معظم التصويت تم قبل حفل السيزار، وليس بعده.
وفي لفتة تقدير واضحة للإنتاجات الأوروبية، فاز «منطقة الاهتمام» بأوسكار أفضل فيلم عالمي، وبأوسكار أفضل صوت، بينما خسر سباق أفضل فيلم، وأفضل إخراج، وأفضل سيناريو مقتبس.
كذلك فاز «تشريح سقوط» بأوسكار واحد (من أصل خمسة ترشيحات)، كأفضل سيناريو أصلي. بدوره كان مرشّحاً لأوسكار أفضل فيلم، وأفضل إخراج، لكن «أوبنهايمر»، ومخرجه كريستوفر نولان، كانا الجوكر الذي كنس كل شيء.
لكن الفوز الأكثر تعدداً لفيلم غير أمريكي كان من نصيب «أشياء مسكينة» الذي خرج بأربع جوائز، أهمّها تلك التي نالتها إيما ستون عن بطولتها لذلك الفيلم.