جلست الأم تحاور ابنها الصغير البالغ من العمر عشر سنوات، وأخذت تسأله عن أحلامه المستقبلية، وعن طموحه، وفوجئت حين قال لها إنه يحلم بأن يملك روبوتاً بشرياً يكون صديقه، ومدير أعماله، ومستشاره، يطيعه في كل أوامره، ويلبّي كل طلباته، ويساعده في حل المشكلات التي يواجهها، كما أنه يحلم بأن يختار له عروسه في المستقبل عندما يصبح شاباً.
ترى، هل يفكر كل الصغار اليوم في ما يفكر فيه ذاك الصبي؟ وهل بات وجود الروبوت البشري حلم كل الأطفال الذين فتحوا عيونهم على التطور الهائل للتكنولوجيا؟
بين الحلم والواقع
الذكاء الاصطناعي لا يستبعد الأمر، والملياردير الأمريكي، إيلون ماسك، كان تنبّأ سابقاً بأن عدد الروبوتات البشرية التي ستعيش معنا، في غضون السنين العشرين المقبلة، سيصل إلى مليار روبوت.
ماسك يأمل بأن تكون الروبوتات التي ستتعايش معنا من تصنيع شركته «تيسلا» التي طرحت عام 2021 روبوتها البشري «أوبتيموس»، والذي ستكلف النسخة الواحدة منه 20 ألف دولار.
لنتابع مع الصغار، ونرَ إن كانت أحلامهم تلامس ما وصل إليه تفكير إيلون ماسك، وكل أولئك الذين يخوضون سباق تصنيع روبوتات تحاكي البشر في الهيئة، والمشاعر.
تقول سارة، ثماني سنوات «لقد سُررت كثيراً بالروبوت البشري الذي يحمل اسمي، سارة، وأتمنى أن يكون لديّ واحد مثله، لكن من أين؟ فهو يكلف كثيراً، ولا أظن أن أهلي قادرون على شراء نسخة منه».
أحمد، 12 عاماً، يمضي معظم وقته وهو يبحث عن الموضوعات المتعلقة بالروبوتات على الإنترنت، فهو لا يحلم فقط بأن يكون لديه روبوت بشري يساعده في كل أعماله، وإنما أيضاً أن يصنِّع واحداً يسميه «فانوس»، ليكون مثل فانوس علاء الدين السّحري، يلبّي كل طلباته، مهما كانت مستحيلة.
أما عبد الرحمن، شقيق أحمد الذي يصغره بعام، فهو يتمنى أن يشتري روبوتا بشرياً ويصعد معه إلى القمر، حيث يقيمان هناك!
بذلك، يمكننا أن نلاحظ كيف اتجهت أحلام الصغار بشكل يتماشى مع التطور التكنولوجي المتسارع، فهل سيتمكن مثل هؤلاء الصغار من تحقيق أحلامهم وطموحاتهم؟
يبدو أننا فعلاً نتجه نحو مستقبل مختلف، ومتغيّر، وقد نرى في غضون سنوات قليلة تكاثراً مذهلاً للروبوتات البشرية، وقد يزداد عليها الطلب فيرتفع سعرها، ويبقى اقتناؤها حلما بالنسبة إلى الأجيال القادمة، أو قد تصبح في متناول الجميع، ويكون في بيت كل واحد منا روبوت يحمل اسم العائلة!
الروبوتات في خدمتنا
الأبحاث في مجال الروبوتات البشرية، تعمل على قدم وساق، على زيادة الشّبه بين الروبوت والبشر، وقد تخطى ذلك تعابير الوجه، والكلام بلغات عدّة، ليصل إلى المشاعر والأحاسيس، وبذلك يصبح امتلاك روبوت بشري، ومصاحبته أمراً اعتيادياً لدى الأجيال القادمة، فكما صار الهاتف الذكي جزءاً من الحياة، سوف نستيقظ مستقبلاً على وجه روبوت مبتسم يُعد لنا الفطور، ويحتسي معنا فنجان القهوة.
روبوت حيواني لتسلية المسنين والأطفال
تستطيع الروبوتات البشرية اليوم، بتفاعلاتها وتعابير وجوهها، محاكاة الاستجابات العاطفية، بما يتناسب مع الإجابة عن السؤال المطروح عليها. ويهدف ذلك إلى دراسة اللغة العاطفية، وتعبيرات الوجه خصوصاً، لجعل الروبوتات المنزلية المستقبلية أكثر إنسانية في استجاباتها.
لدينا بالطبع تساؤلات كثيرة متعلقة بالعلاقات المحتملة بين الإنسان والروبوت، ولدى مصنّعي الروبوتات البشرية إجابات عن كل الأسئلة، وبرامج إبداعية مقنعة، فماذا عن الروبوتات الحيوانية بمختلف أنواعها، من كلاب ودببة؟ في اليابان مثلاً، رائدة تصنيع الروبوتات، زُود العديد من دور المسنين بأنظمة التشغيل الآلي، وبدب آلي ناطق قادر على إقامة حوار مسجل وتسلية المسنين.
النماذج على ذلك كثيرة جداً، وتطور الروبوتات المتسارع، قد يجعل أحلام الصغار واقعاً، وإن كان الروبوت البشري باهظ الثمن، فقد تكون الروبوتات الحيوانية أقل سعراً، بحيث يتمكن الطفل من اقتناء حيوان آلي بدلاً من القطط والكلاب! والخوف، كل الخوف، من أن تسرق الروبوتات مشاعرنا وعواطفنا، ويغدو صغارنا روبوتات بشرية حقيقية!