من المفترض أن ينتقل فيلم Dune-2 إلى العروض المنزلية، على أكثر من منصّة موجهة. ولمن لم يشاهد هذا الفيلم الضخم على الشاشات الكبيرة المناسبة لن تعوّض شاشات المنازل، مهما بلغت من حجم وتقنيات، ما تمتعت به الشاشات الكبيرة لهذا الفيلم، أو لأي فيلم من حجمه. لكن هوليوود عادة ما تستند في مثل هذه المناسبات إلى إيرادات الأسواق العالمية المنجزة في صالات السينما. ما تعرضه منها على الشاشات المنزلية هو استزادة، مقطوعة تشبه «البخشيش» غالباً.
المشكلة هي أن الفيلم، وحتى مطلع شهر أبريل، لم ينجز تجارياً أكثر من 450 مليون دولار، علماً بأن كلفته وصلت إلى 190 مليون دولار، ما يعني إنه بحاجة إلى ضعف ذلك المبلغ لتفادي الخسارة، ما بعد ذلك هو الربح المنشود. الأرقام تعني أن هذا الفيلم لم ينجز ما طمح إليه.
Dune 2.. على متن كوكب بعيد
نعود في «كثبان- 2» لمخرجه دنيس فلنف إلى الكوكب الصحراوي. لا شيء سوى كثبان الرمال، والصخور العالية فوق بعض هضابها. تحت الأرض هناك ديدان ضخمة تعيش تحت تلك الرمال الملتهبة، تلتهم البشر إذا ما سنحت لها الفرصة بذلك. هناك عناكب سامّة، وأصوات شبحية، وفوق كل ذلك غارات تقوم بها قوات هاركونن، ليست بعيدة عن الغارات العسكرية فوق كوكب الأرض.
بول بحاجة إلى أبناء شعب هذا الكوكب الذين يرتدون ثياباً تبدو عربية التصاميم، مع «حطّات» رؤوس كتلك التي تشتهر بها القبائل العربية في شمال أفريقيا. في أحد المشاهد يقوم خافييه باردم، بالركوع والسجود بطريقة تشبه ركوع وسجود المسلمين.
هناك لقاء بين هذه الحبكة وتلك التي في «أفاتار»، رغم اختلاف كل التفاصيل الأخرى. في كلا الفيلمين هناك كوكب بعيد يعيش فيه شعب قنوع، امتلك ذلك الكوكب الحافل بعناصر الحياة الآمنة. في كليهما هناك قوّة تأتي لكي تحتل وتستعمر، لكي تستثمر خيرات ذلك الكوكب (في «أفاتار» الأول إشارات تحاكي ما حدث للقبائل الأمريكية عندما انتشر البيض فوق القارة). هناك فرد واحد يرفض ما يقوم به المحتلّون (من أهل كوكب الأرض في «أفاتار» ومن كواكب أخرى في «كثبان») وينضم إلى المتمرّدين.
عدا ذلك، هناك اختلافات كبيرة بين المسلسلين تدحض أي اعتقاد بأن أحدهما استعار من الآخر مقداره من الأحداث والدراميات المترامية على طول حكاية كل منهما.
بعض هذه الفروقات، العنصر الزمني للأحداث في كل منهما. «كثبان» هو عن مستقبل خال من التكنولوجيا. «أفاتار» التكنولوجيا هي، كحال سلسلة «ستار وورز»، أساسية.
هذا يعود في الواقع إلى أن هربرت فرانك لم يكتب رواية من الخيال العلمي، لذلك من الخطأ اعتبار أن «كثبان» ينتمي إلى هذا الميدان الشاسع. هو، بتعبير دقيق، خيال وليس علماً. كل ما يقع فيه يشبه أزمنة سالفة على الأرض، وبعض المشاهد في الجزء الأخير من الفيلم تشبه تلك التي استخدمها ردلي سكوت في «غلادياتور».
ذكر «غلادياتور» هنا ليس عبثاً. «غلادياتور» كان عن تحرير العبيد من العبودية (ليس بعيداً بدوره عن «سبارتاكوس» لستانلي كوبريك (1960)..
وفي الحديث عن التأثير والمؤثرات، لابد من الإشارة إلى أن تصاميم الملابس في فيلم «كثبان 2». تعود، على نحو شبه مؤكد، لفيلم «العشاء الأخير للمسيح» (The Last Temptation of Christ) كما حققه مارتن سكورسيزي سنة 1988. ألوان الملابس، تصاميمها من الرأس حتى القدمين، متشابهة (هناك من يقترح أن فلِنَف كان تواصل مع سكورسيزي عندما كان الأول في مطلع سنوات مهنته).
ضمانات الربح في الأفلام الضخمة
مشكلة الأفلام الضخمة هي ضخامتها. فتكاليف تحقيقها هي أعلى بكثير من تكاليف تحقيق فيلم يعيش بيننا على الأرض، وليس في فضاءات الأزمنة والأماكن. على سبيل المثال، فيلم مثل «أميركان فيكشن» الذي تنافس على الأوسكار في الشهر الماضي، كلّف 40 مليون دولار. «المستمرون» (من الأفلام التي تنافست أيضاً) لم تتجاوز ميزانيّته الـ30 مليون دولار.
بالمقارنة، هذه الأرقام هي كلفة أسبوع عمل في أي فيلم كبير. بالتالي، فإن حجم الخسارة يتبع حجم الكلفة، وإذا ما وجد الفيلم ربحاً فإن ذلك بجهد تسويقي مضنٍ، ومدروس.
وعليه، ليست هناك ضمانات. فبينما أنجز «أفاتار» الثاني أكثر من مليار دولار، فإن «نابليون» هوى في قاعات العروض، وخسر 200 مليون دولار دُفعت في تمويله.
عايشت هوليوود هذه المشكلة طوال تاريخها. الأفلام الضخمة، سواء كانت علمية-خيالية، أو فانتازية، أو تاريخية، قد تربح، وقد تخسر. الربح يؤدي إلى الرغبة في المزيد، بينما تؤدي الخسارة إلى الانكماش والحذر. لكن الضخامة، بكل أنواعها، هي سلاح هوليوود الدائم ضد المستحدثات التقنية التي تجذب البعض لمشاهدة الأفلام في المنازل. هذا كان سلاحها في مواجهة انتشار التلفزيون في الخمسينات والستينات، وسلاحها الحالي في مواجهة التقنيات المنزلية المتوفرة.