في دورته الـ77 (15 – 24 مايو الجاري)، يفتح مهرجان كان السينمائي أبوابه أمام التقنيات الجديدة من خلال مسابقة أفلام الواقع الافتراضي، ويخصّص لأول مرة، إلى جانب جوائز لجنة التحكيم، وجائزة «نظرة ما»، جائزة مخصّصة لصناعة السينما الغامرة، وهو الحدث الأول من نوعه، يموّله المركز الوطني الفرنسي لصناعة السينما CNC، ويرعاه جان ميشيل جار، رائد الموسيقى الإلكترونية في فرنسا، والذي يدل على رغبة فرنسا في ترسيخ نفسها كنواة عالمية للإبداع الفني، بفضل التقنيات الجديدة.
جائزة تستقطب المبدعين من الشباب
في عام 2017، أنشأ المخرج والمنتج السينمائي وكاتب السيناريو والمؤلف الموسيقي المكسيكي أليخاندرو غونزاليس إيناريتو، وفي الدورة السبعين لمهرجان كان السينمائي، من خلال عمله في الواقع الافتراضي، حدثاً جديداً بعنوان «Carne y Arena» (حاضر افتراضياً، غير مرئي جسدياً)، ليدخل التاريخ لكونه أول عمل واقع افتراضي على الإطلاق، يقدم في الاختيار الرسمي لمهرجان كبير، مثل مهرجان كان. كما أنه ممهور بيد فنان عظيم، غالباً ما تتم دعوته إلى مهرجان كان الذي كان فيه رئيساً للجنة التحكيم عام 2019، والذي حصل على جائزة أوسكار خاصة لهذا العمل.
وبعد سبع سنوات من تلك المحاولة، وفي أعقاب استكشاف سوق الأفلام لتقنيات الواقع الافتراضي والفن الغامر، عموماً، يعلن اليوم مهرجان كان عن إنشاء جائزة تهدف إلى تسليط الضوء على أعمال الجيل الجديد من الفنانين العالميين الذين يبتكرون ويطوّرون تجارب سردية جديدة، كسرت الإطار الثنائي الأبعاد للشاشة السينمائية.
وكان جان ميشيل جار، قد قارن المشروع الجديد بما حدث عند إنشاء شركة إيرباص في عام 1917، التي كانت موضع شك في منافسة شركة بوينغ، والتي أصبحت اليوم لاعباً رئيسياً في الفضاء الجوي العالمي، قائلاً «لدينا كل ما نحتاج إليه في فرنسا وأوروبا، ولكن علينا أن نتحرك»، موضحاً أنه يود أن يجعل من مهرجان كان مركزاً للأفلام المعتمدة على التقنيات الغامرة، ليكون بمثابة هوائي يلتقط روح العالم من خلال استقطاب المبدعين الشباب، على مدار العام.
فروع الجائزة
جائزة Cannes Immersive، أو جائزة كان للأعمال السينمائية الغامرة، (بما في ذلك الواقع الافتراضي والواقع المعزز، والواقع المدمج، والواقع الممتد)، هي جائزة جديدة تُمنح في مهرجان كان، وسيتم اختيار ثمانية أعمال من قبل لجنة من المتخصصين في المجال، وفريق المهرجان، إضافة إلى المندوب العام لمهرجان كان، تييري فريمو، مدير معهد لوميير في ليون. وسيتم عرض الأعمال في مجمع سينما لا بوكا في كان، وفي حرم جورج ميلييه المتخصّص في الكتابة الإبداعية، ومهن الصورة، وستكون الأعمال في متناول الحاضرين المعتمدين في المهرجان.
ويأمل جان ميشيل جار، أن يتمكن مهرجان كان الغامر من الانطلاق خلال مهرجان كان السينمائي 2024، من خلال تقديم أفضل الإبداعات الغامرة، والأعمال التي أنتجها الذكاء الاصطناعي. وبصرف النظر عن هذه الجائزة، سيتم اختيار وعرض مجموعة من الأعمال غير التنافسية، لاستكشاف حدود الواقع الافتراضي، والتقنيات الغامرة.
الواقع الافتراضي في مهرجان البندقية السينمائي أيضاً
ليس مهرجان كان، ليس أول مهرجان سينمائي يستضيف مثل هذه الجائزة للأعمال الإبداعية الغامرة، فمنذ عام 2017، ومهرجان البندقية السينمائي ينظم حدث «Venice VR» الذي يتم فيه سنوياً، اختيار قرابة عشرة إبداعات. ومع ظهور أدوات تكنولوجية قادرة على توليد مقاطع فيديو وأصوات من النصوص، صار هذا النوع من الإبداع، الذي يستخدم خصوصيات تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز لتطوير طرق جديدة، ينقلنا في جسد آخر إلى عالم آخر، وزمن آخر، وهذا مما لا شك فيه تطور مذهل، يتماشى مع روح العصر، أكثر من أي وقت مضى.
ومع كل خطوة جديدة تقتحم أيّ مجال متخصّص، يكون هناك تساؤل حول مدى نجاح الجائزة في استقطاب الأعمال المبدعة حول العالم، فهل سيكون اختيار الجائزة قادراً على جذب جمهوره إلى قلب مصنع السينما في كان؟ وهل سيصبح مهرجان كان الغامر المكان الدائم للترويج لـهذا الاستثناء الثقافي، ورؤية فرنسا للعالم؟ والداعم الرئيسي للشركات الناشئة الشابة التي تطور تقنيات جديدة؟ العيون تتجه نحو مهرجان كان.