ترتبط فريضة الحج بكثير من الطقوس والعادات والتقاليد التي تحافظ عليها الشعوب الإسلامية، وتتوارثها الأجيال، ومن بينها مظاهر الاحتفال بعودة الحاج إلى موطنه، وعلى الرغم من الاختلاف في التعبير عن الفرحة بهذه المناسبة وتنوّعها، إلا أن إحياء التقاليد هو الرابط المشترك بين الجميع.
بين الولائم، وحلقات الذكر، ونقر الدفوف، والزغاريد، ورسم الكعبة، والجمل على جدران البيوت بالألوان المُبهجة، وتزيينها بسعف النخيل، مصحوباً بعبارات الترحيب، وبعض من آيات القرآن الكريم، تحرص بعض الشعوب الإسلامية على إحياء طقوسها الخاصة التي ترمز كلها، للابتهاج بأداء فريضة الحج.
في الإمارات.. استقبال الحجاج يبدأ من المطار
الإمارات.. زهور و«نثور» وأهازيج
ترتبط عودة الحاج بكثير من المظاهر الاحتفالية التي يتوارثها المجتمع الإماراتي، وتستمر العزائم والولائم تكريماً للحاج من قِبل الأهل والأقارب، وفي السابق كان يوضع على المنزل قطعة قماش خضراء اللون إعلاناً عن عودة الحاج، أما الآن فأصبح أبناء الجيل الحالي أكثر اهتماماً بتزيين المنزل بالإضاءات، والمصابيح التي تكون على شكل نجوم، بجانب وضع الأعلام الخضراء. وما زالت بعض العائلات تتمسك بعادات قديمة بينها «النثور»، وهي عبارة عن حلويات تخلط مع بعض الزهور، وأوراق الشجر، والنقود، ويتم تحضيرها لتنثر على رؤوس الحجاج عند عودتهم، وتصاحبها أهازيج الترحيب بالعودة. كما تتميز مراسم استقبال الحجاج بتوزيع الحلويات الفاخرة التي تشبه في تصميمها الكعبة المشرفة، وبعض الهدايا المتمثلة في التمور، وسجادة الصلاة، والسبح، وماء زمزم، وكلها عادات تسهم في تقوية العلاقات الاجتماعية بين الأهل، والجيران.
مصر.. مزمار بلدي ونقوش تزيّن جدران المنازل
في مصر لا تخلو زفة الحاج أثناء عودته إلى بيته من السيارات التي تحمل الرايات البيضاء، وفرقة المزمار البلدي، وهو طقس قديم متوارث، وتنطلق الزغاريد، ويخرج الأقرباء، والجيران، والأطفال، لاستقبال الحاج أمام منزله الذي جهّزه أهله بطلاء جدرانه والنقش عليها ببعض الرسومات كالطائرات، والسفن، وكتابة بعض آيات القرآن الكريم، والأبيات الشعرية المعبّرة عن الابتهاج بعودته، والترحيب والتهنئة بسلامة الوصول، من بينها «حج مبرور وذنب مغفور»، كدلالة على إتمام الفريضة، والتباهي بها علانية. وفي صعيد مصر، تجهز بعض العائلات حصاناً، ويُحمل الحاج ويمرّ على كل منزل بالقرية، ليستقبله الأهل والجيران، ويبادلوه المصافحات والتبريكات، وسط الأناشيد الفولكلورية، كإحدى العادات المتوارثة.
السعودية.. أكلات شعبية و«سرارة»
اعتاد بعض أهل المدينة المنورة، ومكة المكرمة، والطائف، استقبال الحاج بأهازيج وأكلات شعبية في احتفالية يطلق عليها «سرارة»، كما تُؤدى الرقصات الشعبية السعودية، ليأتي بعد ذلك دور توزيع هدايا الحج، وكعلامة فارقة يتم أحياناً وضع الحنّاء على ذقن الحاج، وقدميه.
البحرين.. ذبائح وحلويات
يستعد أهالي الحاج في البحرين، وقبل فترة من قدومه، بتربية خروف يتم ذبحه تحت قدمه قبل دخوله بيته، ثم تبدأ مراسم الزفة بنثر الورود على الحجاج، واستقبالهم بالأهازيج، كما يتم إعداد الحلويات وتوزيعها، بجانب تحضير وجبات طعام توزع على الأقرباء والجيران لمدة أسبوع.
الأردن.. سعف النخيل وهدايا
حين تتجول في الشوارع والأزقة بالأردن قبل قدوم الحاج، ترى الكبار والصغار من الأقارب والجيران يساعدون على تجهيز الزينة، ما يعكس لوحة من التآلف والحب بينهم، فيبدأون بوضع سعف النخيل الأخضر على باب المنزل، ويُعد من أهم مظاهر الاحتفاء بالحاج، كما يحرصون على كتابة بعض العبارات التي تعبر عن المناسبة، وآيات من القرآن الكريم، ليتحول بيت الحاج إلى مقصد لأهل البلدة، ممّن يأتون للترحيب به، ويحرص هو على توزيع الهدايا بين الحضور، وغالباً ما يكون أبرزها السبح، وماء زمزم، المسواك، والبخور والعطور، والأثواب وقطع القماش، والحناء، والتمور.
سوريا.. توزيع «راحة الج» على الضيوف
بمجرد إعلان موعد عودة الحجيج إلى أوطانهم، تشرع عائلة الحاج في سوريا بتجهيز الكتابات والرسومات، التي تتحدث عن فضل حج بيت الله، ويُعِد أهله مآدب طعام من بينها الكباب، والمحاشي، والمناسف، استعداداً لاستضافة من سيأتي ويسلّم عليه في منزله، وهناك ضيافة شهيرة يشتريها الأهل، وهي «راحة الحج»، أو حلوى الحلقوم، لتوزيعها على الضيوف أثناء زيارتهم للحاج فور عودته من الأراضي المقدسة.
العراق.. سيارات مزينة و«جكليت» و«كليجة»
تتميز عادات استقبال الحجاج في العراق بمواكب السيارات المزينة التي تطوف شوارع المدينة، وسط أجواء من الاحتفال والأهازيج الشعبية والزغاريد، وما يميز استقبالهم للحجاج الفرق الشعبية الموسيقية، التي تجول شوارع الحي، وبمجرد ظهور موكب الحاج تعزف مقطوعاتها المفرحة، ليبدأ الأطفال بالرقص والقفز بحثاً عن «الجكليت»، أو قطع الحلوى التي تُنثر هنا وهناك، كما تستعد النساء في البيوت بعمل الكليجة، «المعمول»، وهي أحد أنواع الحلويات الشهيرة في العديد من الدول العربية.
اليمن.. «المدرهة» أبرز مظاهر الاحتفال
اعتاد سكان مدينة صنعاء القديمة في اليمن نصب «المدرهة»، أو الأرجوحة، وهي عادة متوارثة منذ مئات السنين، لوداع واستقبال حجاج بيت الله الحرام، ويوضع عليها شال، أو عمامة الحاج الذكر، أو قماش وخمار إذا كانت الذاهبة للحج أنثى، وتستمر بعد عودة الحاج من مكة شهرين تقريباً، يجتمع حولها الجيران، والأهل، والأقارب، والأصدقاء، ينشدون احتفالاً بعودة الحاج.
الجزائر.. «الوعدة» و«الزردة»
تنظم الاحتفالات الخاصة بعودة الحجاج في الجزائر وفق إمكانات كل شخص، لكن رغم ذلك لا يتخلف كثيرون عن تنظيم «الوعدة»، وتتمثل في تحضير وجبات «الكسكسي» ونقلها إلى المساجد ليأكل منها المصلون، أو توزّع على الأسر الفقيرة. وتشتهر مناطق أخرى بإقامة «الزردة» التي يتم خلالها ذبح الخرفان والأبقار. كما تشمل طقوس عودة الحجاج كذلك عادة محبّبة لدى الأقارب والمهنّئين، وهي الهدايا التي يتلقّونها من الحجاج العائدين، مثل العباءات، وأطقم الصلاة، بالنسبة للنساء، وإكسسوارات الزينة للفتيات، وسجادات الصلاة والسبح والمصاحف للجميع، وفي مناطق أخرى يحظى الحجيج باستقبال جماعي في المساجد، والشوارع، بالطريقة نفسها التي غادروا بها لأداء الفريضة، وأهم ما يميز هذا الاستقبال المدائح الدينية، وحلقات الذكر في المساجد.
تركيا.. تزيين المنازل
تحظى طقوس استقبال ضيوف الرحمن بأهمية كبيرة في العادات التركية، وتبدأ بتزيين العائلات مداخل منازل الحجاج، والأزقة القريبة منها، بالأضواء الخضراء، وكتابة العبارات المرتبطة بهذه الفريضة باللغة العربية، تمهيداً لعودتهم، إذ تزدحم منازل الحجاج بالزائرين للتهنئة والاستمتاع بروايتهم عن رحلة الحج، ثم يقدمون لهم هدايا مختلفة، مثل السبح، والعطور، والحناء، والسواك، إضافة إلى التمر، وماء زمزم، وهدايا الأطفال البسيطة.
إندونيسيا.. «وليمة الشكر» وتغيير الاسم
في إندونيسيا، يتم استقبال الحاج في احتفال يجمع الأهل، والأصدقاء، والجيران، ويتم توزيع الهدايا على المهنئين، ويطلبون من الحاج الدعاء لهم، ثم تقدم «وليمة الشكر»، وأول تغيير يطرأ على الحاج الإندونيسي فور عودته هو أن لقب الحاج يصبح مقطعاً من اسمه، ولقباً يرافقه، وتُعد مناداته بهذا اللقب جزءاً من الاحترام والتقدير، كما يبادر بعض الحجاج ممن يحملون أسماء غير عربية فور عودتهم من أداء المناسك إلى تغيير أسمائهم إلى العربية.