17 يوليو 2024

د. هدى محيو تكتب: يا عاقد الحاجبين...

أستاذة وباحثة جامعية

د. هدى محيو تكتب: يا عاقد الحاجبين...

هل تعلم أن الحاجبين هما من أهمّ أدوات التواصل الاجتماعي؟ من دون أن تدري، يعبّر الحاجبان عن مجموعة من الانفعالات والاستعدادات النفسية تجاه المحيطين بك. فحركة سريعة جداً نحو الأعلى، مدتها لا تتعدى 150 ملّيثانية، تعبّر عن الاهتمام بشخص ما، ورغبتك في التواصل معه، أو أنك عرفته.

أما إذا ارتفع الحاجبان ببطء أكثر فهذه علامة على دهشتك. وإذا ارتفع الحاجبان عند الوسط على شكل زاوية عليا، فسَيَشِيان بمودّتك. وثمة حركات أخرى أكثر دقة تترجم الثقة، وسواها من الحالات النفسية، أو المشاعر.

الجبهة شاشة عرض انفعالاتنا

تعابير الحاجبين شديدة التنوع والاتساع لدى البشر، ويعتقد علماء الإحاثة أنها كانت وسيلة تواصل بالنسبة إلى أسلافنا، قبل ظهور اللغة المحكية ربما. ويعتبر علماء جامعة نيويورك أن شكل الجمجمة هو الذي سمح بنمو هذه المقدرة.

فقبل ظهور «الهومو سابيانس»، أو الإنسان العاقل، لم تكن جبهة أسلافه من أنواع البشر الأخرى بعلو جبهته، وبانتصابها، ما يحول دون أن تشكّل «شاشة» تستطيع فيها رقصة الحاجبين أن تتحرك لتعبّر عن تبدّلات الحالة الشعورية الطفيفة.

فقد قارن الباحثون بدقة، حجم وسماكة اصطفاف عظام الحاجبين لدى هياكل عظمية أحفورية من جنس بشري عاش منذ نحو 300 ألف سنة، مع عظام الحاجبين لدى البشر العصريين، ولاحظوا أن العظام البارزة لدى أسلافنا حالت دون حركات الحاجبين الطفيفة على الجبهة التي كانت متراجعة بقوة إلى الوراء.

وهذا ما نراه اليوم لدى القرود التي تحمل جبهة صغيرة، ومتراجعة. لذا يستحيل عليها التعبير بحواجبها عن مجموعة واسعة من النوايا، أو الحالات العاطفية، وهي مضطرة إلى اللجوء إلى حلول أخرى، كحركات اليدين، والذراعين، وسواها، للتعبير عن المودة، في حين أن البشر يفعلون هذا بحركة بسيطة من حواجبهم.