كيف تحول الهاتف الذكي إلى مركز تسوق عالمي يدعم التجارة الإلكترونية؟
لم يعد الهاتف المحمول وسيلة اتصال أو قطعة إكسسوار مهمة نتباهى بها، فبعدما تحول إلى هاتف ذكي صار أكثر من ذلك بكثير، فهو اليوم جزء ضروري في حياتنا، أعطاها معنى مختلفاً؛ فهو يشغل أوقات الفراغ، يسهل الأعمال، يلهو به الأطفال، ينام قرب السرير أو يغفو تحت الوسادة..
هو الصاحب والصديق، هو المخدر والمسكن، هو الأنيس والجليس، هو مخزن الأسرار والذكريات، رفيق النزهات والرحلات، هو تاريخ مراحل الحياة.
التجارة الإلكترونية بين يديك
إنه حقاً ذكي، يكاد يسطو على العقول ويسلب الأوقات، أينما حللنا وكيفما توجهنا نصادفه بين الأيادي مدللاً مرهفاً و محاطاً بالرعاية على الأكف..
ولقد انعكست الصورة في المجتمعات، فلو نظرنا حولنا لاستغربنا رؤية شخص لا يحمل بيده هاتفه الذكي، يبتسم في وجهه أو يؤنبه لأنه أوصل رسالة مزعجة، أو يعاتبه لأنه لم يتصل بالإنترنت في الوقت المناسب.
ويعد التسوق الإلكتروني من أكثر القفزات النوعية التي طرأت على حياتنا بفضل الهاتف الذكي؛ لذا سنتطرق إلى هذه الناحية التي لم تترك صغيراً ولا كبيراً سواءً من ناحية التسوق أو من ناحية إنشاء شركات تجارة إلكترونية خاصة.
الهاتف الذكي مركز تسوق عالمي
يعد التسوق عبر الإنترنت من أكثر النشاطات المختلفة التي ينجزها لنا الهاتف الذكي، فلقد تحول إلى مركز تسوق ممتد من مشارق الأرض إلى مغاربها، يعرض منتجات لا حصر لها، يسهل عملية الشراء..
ويوفر الكثير من إمكانات الدفع، فيشعر المستهلك بذلك أنه مدلل ومرفه، فلا يضطر للخروج من البيت، طلباته تأتيه بالسرعة المطلوبة وفي الوقت المحسوب.
وقبل إلقاء الضوء على هذه الوظيفة العصرية في التسوق، سنتعرف قليلاً إلى الهاتف الذكي:
الهاتف الذكي هو هاتف خلوي مزود بجهاز كمبيوتر مدمج وميزات أخرى غير موجودة في الهواتف في الأصل، مثل نظام التشغيل (OS)، وتصفح الويب وإمكانية تشغيل تطبيقات البرامج..
وهو يُستخدم كجزء من العمل من حيث توفير إمكانية الوصول إلى العديد من التطبيقات ووظائف الحوسبة، ولقد أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة العصرية اليومية.
ومع النمو المتسارع للهواتف الذكية، وفي ظل المنافسة الشديدة في مجال التجارة الإلكترونية، تبنت صناعة التجارة الإلكترونية استراتيجيات حديثة لتقديم تجربة تسوق أكثر ملاءمة لجذب عدد أكبر من العملاء.
ما هي التجارة عبر الهاتف المحمول (M-Commerce)؟
التجارة عبر الهاتف المحمول (M-Commerce) هي عملية شراء السلع وبيعها وتقديم الخدمات من خلال الأجهزة المحمولة اللاسلكية مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، ولقد اكتسبت التجارة عبر الأجهزة المحمولة شعبية كبيرة، فهي تمثل اليوم أكثر من 60% من معاملات التجارة الإلكترونية في جميع أنحاء العالم.
أنواع التجارة عبر الهاتف المحمول
بشكل عام، يمكن تصنيف التجارة عبر الهاتف المحمول إلى ثلاث فئات رئيسية:
1- التسوق عبر الهاتف الذكي
مع نمو توقعات المستهلكين، لم يعد توفير تجربة رقمية أساسية كافياً، فقد صار من الضروري إنشاء تجربة تجارة إلكترونية متعددة القنوات بحيث يمكن للمستهلك التفاعل مع علامة تجارية ما، ثم القيام بالإجراءات المختلفة بسلاسة أكثر..
بذلك يمكن للمستهلك استعراض المنتجات في تطبيق هاتفه المحمول، ومن ثم شراء ما يريد من المتاجر الحقيقية، مع تلقيه مساعدة عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني أو بواسطة المساعدين الافتراضيين.
2- الخدمات المصرفية
يلجأ اليوم المزيد من المستهلكين إلى الخدمات المصرفية عبر الهواتف الذكية، وذلك لسهولة الوصول إليها واستخدامها، ووفقاً لشركة ديلويت، يلجأ 73% من المستخدمين في أنحاء العالم إلى الخدمات المصرفية عبر الإنترنت على الأقل مرة واحدة في الشهر، 59% يستخدمون التطبيقات لأجل ذلك..
ولا ننسى أن الإقبال المتزايد على استخدام تطبيقات الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول يرتبط بمخاطر الأمن السيبراني؛ فمجرمو الإنترنت يستهدفون تحديداً عمليات الشراء والمعاملات المالية داخل تطبيقات الهاتف المحمول مستغلين نقاط الضعف في أمان المعاملات، ومع تطور الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الآلات..
سوف يعثر هؤلاء على المزيد من الوسائل الذكية للحصول على البيانات الخاصة، من أجل ذلك سوف تحتاج الخدمات المصرفية في السنوات المقبلة إلى دمج تقنيات الأمن السيبراني ومنصاته المختلفة لإنشاء نهج أكثر تماسكاً وانسيابية يحمي المعلومات والخصوصية.
3- الدفع عبر الهاتف المحمول والمحافظ الرقمية
ينقسم سوق التجارة عبر الهاتف المحمول بناء على طريقة الدفع، إلى الاتصالات القريبة المدى (NFC)، الرسائل القصيرة المميزة، والفواتير المباشرة من شركات الاتصالات وغيرها، يمكن للعملاء إجراء معاملات آمنة وغير تلامسية بنقرة بسيطة على الأجهزة، فلم تعد هناك حاجة إلى البطاقات أو النقود..
وقد ساهمت هذه الوسيلة المريحة في انتشار حلول الدفع عبر الهاتف المحمول مثل «Apple Pay» و«Google Pay» وتستحوذ «Apple Pay» وحدها على ما يقارب 92% من حصة التسوق العالمي.
عوامل غذّت التجارة عبر الهاتف المحمول
التحول الجيلي
يُعدّ جيل اليوم الذي يتمتع بالذكاء التكنولوجي، أحد المحركات الرئيسية في نمو التجارة عبر الهاتف المحمول، فهؤلاء الشباب الرقميون، الذين نشأوا و الهواتف الذكية في أيديهم، ينجذبون بشكل طبيعي نحو التسوق عبر الهاتف المحمول لسهولته وكفاءته..
لقد كشفت الأبحاث أن غالبية أبناء الجيل «Z» وتبلغ نسبتهم 28 %، يفضلون الشراء عبر تطبيقات الهاتف المحمول.
تطور الحلول المصرفية
أدت الشعبية المتزايدة لتطبيقات الخدمات المصرفية بفضل سهولة استخدامها إلى اعتماد التجارة عبر الهاتف المحمول على نطاق واسع، إذ تمكن هذه التطبيقات المستخدمين من إدارة شؤونهم المالية وإجراء معاملات آمنة بشكل فعال، من خلال توفير بعض الميزات مثل المحافظ الرقمية والمدفوعات غير التلامسية..
بحسب شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» (PwC)، يتوقع أكثر من 90% من البنوك بفضل استخدام المتعاملين لتطبيقات الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول نمواً يفوق بكثير أي قطاع مالي آخر.
وتشكل المحافظ الرقمية عاملاً آخر في نجاح التجارة عبر الهاتف المحمول، فوفقاً لمسح حديث أجرته شركة Visa، لدى 85% من المستخدمين في هواتفهم تطبيق دفع أومحفظة إلكترونية واحدة على الأقل، و يستخدم 71% منهم هذه الوسائل على الأقل مرة واحدة أسبوعياً.
ما هي فوائد التجارة عبر الهاتف المحمول؟
1- إرضاء العملاء بشكل أفضل
مع توجه صناعة التجارة الإلكترونية نحو التخصيص المفرط، أصبح الذكاء الاصطناعي أداة قيّمة للشركات، وعلى وجه التحديد، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل تاريخ تصفح المستخدمين وتفضيلاتهم لمنتجات معينة وأسلوب شرائهم لها..
الأمر الذي يساعد الشركات على التخصيص والتوصيات، ويؤدي ذلك بالتأكيد إلى تعزيز رضا العملاء أكثر فأكثر.
وهكذا، تشكل التجارة عبر الهاتف الذكي واجهة شاملة وسهلة الاستخدام، من خلال وصول المستهلك إلى جميع الميزات الضرورية في تطبيق واحد.
من ناحية أخرى، يقدم دمج التسوق في منصات الوسائط الاجتماعية للمستخدم سلاسة أكثر في اكتشاف المنتجات وشرائها، مع توفر أدوات دفع سهلة تشجع المتسوقين على الشراء داخل التطبيق، فعلى سبيل المثال، يسمح «Instagram Checkout» للمستخدمين حفظ تفاصيل الدفع الخاصة بهم في التطبيق، بحيث يستطيع المستخدم الشراء تلقائياً وبسهولة.
2- الاستفادة أكثر من بيانات العملاء
يمكن أن تشكل التجارة عبر الهاتف المحمول مصدراً غنياً لبيانات العملاء، وذلك من خلال تحليل تفاعلاتهم والوقت الذي يقضونه في الأقسام المختلفة، وتكرار الزيارة، وعرض المنتجات.. إلخ، الأمر الذي يمكّن الشركات من التخطيط بشكل استراتيجي لإطلاق منتجاتها ومبيعاتها الفورية وعروضها الترويجية.
وبجمعها لهذه المعلومات الأساسية، مثل المنتجات المفضلة والمواقع الجغرافية، تتمكن الشركات من توسيع نطاق الوصول إلى أكبر عدد من العملاء.