الروائية الكورية الجنوبية هان كانج
بفوز الروائية الكورية الجنوبية، هان كانج، بجائزة «نوبل» للأدب هذا العام، يتأكد لنا أن التيار الأكثر تقديراً هو ذاك الذي يعود إلى الذات البشريّة، ويحفر عميقاً في تربتها. قبل ذلك كانت الفرنسية آني آرنو، قد نالت الجائزة الأدبية الأرفع في العالم. وآرنو لا تكتب سوى عن ذاتها، وتجاربها، ومحيطها العائلي، ولا تعرف كيف تكتب عن الآخرين. مع هذا يشعر القارئ بأن العالم كله حاضر في مفكّرتها، أو جيبها الصغير.
مع حلول الخريف، تتسابق دور النشر الفرنسية في إصدار الروايات الجديدة. أكثر من 500 رواية تحتل الواجهات، وتتنافس على الجوائز في ما يسمّونه «موسم العودة الأدبية». وبهذه المناسبة ينشط أصحاب المكتبات في الترويج لبضاعتهم. إن الكُتبيّ، أو بائع الكُتب، هو ملك الموسم، يقصده عشاق المطالعة لسؤاله عن الكتب التي تستحق القراءة، ويطلبون منه النصيحة، وهم واثقون بكلمته.
حين صدرت لي ترجمة بالفرنسية لإحدى رواياتي، حدّدت لي دار النشر موعداً في السابعة صباحاً للقاء عدد من أصحاب المكتبات، في قاعة تابعة لمطبعة فرنسية. كان صباحاً خريفياً غائماً، وبارداً، وكعادتي، ذهبت قبل الموعد بنصف ساعة. اجتزت البوابة الخشبية الثقيلة لمبنى من القرون الوسطى، وتوقعت أنني سأكون أوّل الحاضرين.
ثم جاءت ناشرتي ودعتني إلى الدخول إلى القاعة. فوجئت بطاولة كبيرة مستطيلة يجلس حولها أكثر من خمسين بائعاً. وكان عليّ أن أقدم لهم نفسي بكلمتين، وأن أشرح لهم، باختصار، موضوع روايتي. أخرج ويدخل بعدي مؤلفون آخرون للتعريف بكتبهم، ورواياتهم. فهمت أن مهمة بائع الكتب هي أن يدافع عن كتابي.
في عددها الأخير، طلبت صحيفة «الفيجارو» من عشرة كتبيّين أن يرشحوا لها عشرة كتب من شأنها تغيير حياة قارئها. أطالع إجاباتهم، وأتساءل: ما هو الكتاب الذي غيّر حياتي، ونظرتي إلى العالم وأنا في أول عهدي به؟ هل هو «النبي» لجبران، أو ديوان السيّاب وقصيدة «أنشودة المطر»؟، لعله كتاب «أول الطريق» لصبيحة الشيخ داؤود، أول عراقية تجلس على كرسي القضاء.
كل الكتب الجديدة التي ينصح بها أصحاب المكتبات هي من النوع الذاتي. أي أنها روايات أقرب إلى مذكّرات كاتبها، أو جوانب من سيرته الذاتية. يمكن تسمية هذا النوع بأدب الاعترافات. والقارئ «بصباص» يحبّ التطلع من ثقب الباب إلى غراميات الأدباء المعروفين، وخطاياهم، ونقاط ضعفهم، ولحظات انهيارهم، وبكائهم. ولكي تكون الرواية مقنعة فلابد من الصدق.
نسيت أن أقول لكم إن هناك قائمة سنوية يصدرها أصحاب المكتبات لأفضل 50 رواية فرنسية حسب أذواقهم، و20 رواية مترجمة من كل لغات العالم. وكم كانت سعادتي عظيمة حين اختاروا روايتي «الحفيدة الأميركية» في قائمة العشرين.
اقرأ أيضاً: إنعام كجه جي تكتب: عن الشارقة ومعرضها