17 يناير 2022

كوني قوية.. مراحل التعافي من الانفصال

محررة متعاونة

محررة متعاونة

كوني قوية.. مراحل التعافي من الانفصال

أوقات صعبة تعيشها المرأة بعد المرور بأزمة عاطفية سواء كان الانفصال عن زوج شاركته الحياة لسنوات طويلة أو خطيب عاشت معه الأحلام وتمنت الحياة المشتركة الهانئة والبيت والفستان والزفاف أو حتى حبيب عاشت معه مشاعر الحب وشاركته أوقاتاً سعيدة ومشاعر دافئة وهما يخططان للارتباط الرسمي.. ثم تأتي كلمة النهاية لتغلق صفحة هذه العلاقة في حياة المرأة التي قد تكون قوية وتستطيع تجاوزها بسهولة، ولكن في الأغلب هذا لا يحدث.

طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات الخاصة بالانفصال الزواجي والعاطفي على مائدة أساتذة الطب النفسي وخبراء العلاقات الإنسانية والأسرية وسألتهم: كيف تتخطى المرأة تلك الأوقات الصعبة دون إيذاء نفسي؟ وما العوامل التي تساعدها على اجتيازها؟

كوني قوية.. مراحل التعافي من الانفصال

الفشل العاطفي والزوجي ليس نهاية العالم

في البداية، تؤكد الدكتورة عزة حامد ريان، استشاري العلاقات الزوجية والأسرية، أن الانفصال لا يسبب إيذاء نفسياً للمرأة في كل الأحوال لكنه أحياناً يكون بمثابة بداية جديدة خالية من المشكلات وتشعر كأنها ولدت من جديد بعد الانفصال عن العلاقة المؤذية التي سببت عليها الكثير من الضغوط والأوجاع، وهذا لا يعني أن هذا النوع من النساء لا يشعرن بالحزن و يتجاوزن أحزانهن وآلامهن سريعاً ولكنهن يحزن في البداية على العشرة والعمر الذي فات ولكن بعد فترة قصيرة يدركن أن العلاقة المسمومة يجب ألا تستمر طويلاً.

وتنصح استشارية العلاقات الأسرية النساء اللاتي يعشن تجربة الانفصال أو على وشك المرور بها ألا يستسلمن للبكاء على اللبن المسكوب وألا يتركن أنفسهن فريسة لاجترار الذكريات والتمادي في الحزن وكفاهن البكاء على علاقة تجرعن فيها المر وليبدأن فوراً الاستمتاع بحياتهن والالتفات للمستقبل سواء كان مستقبلها هي أم مستقبلها هي وأولادها.

وترى الدكتورة عزة ريان أن الزوجين عليهما إذا ما قررا الانفصال أن يكون الأمر بشكل متحضر دون إيذاء نفسي وجراح لا تلتئم بسبب الطريقة المهينة التي يتبعها البعض، كما أنه يجب الاندماج مع الأهل والأصدقاء حتى يتجاوز الطرفان المحنة ويبدآ في استعادة نفسيهما بعد قلب هذه الصفحة والبدء من جديد.

ولكن في الوقت نفسه، تحذر د. ريان من التسرع بالارتباط عاطفياً من جديد للتعافي من آثار الانفصال عن حبيب سابق، وترى ذلك خطأ كبيراً ترتكبه المرأة في حق نفسها، لذلك عليها الانتظار مدة لا تقل عن ستة أشهر قبل الخوض في علاقة جديدة، فالمرأة عادة ما تكون بحاجة لأن تضمد جراحها وتزداد نضجاً قبل أن تقدم على ذلك، والأمر يتطلب منا جميعاً وقتاً طويلاً لكي نشفى من جراحنا، وليعلم الطرفان أن الوقت كفيل بشفاء هذه الجراح.

وتشير د. عزة ريان إلى ضرورة استغلال هذه الفترة لتعلم بعض الدروس من العلاقة العاطفية السابقة، حتى تستطيع المرأة أن تختار الشريك المناسب خلال الفترة القادمة، كما يجب عليها خلال هذه الفترة، ألا تنتقد نفسها بشكل قاسٍ، وألا تحاول أن تسترجع نقد حبيبها السابق لها.

كوني قوية.. مراحل التعافي من الانفصال

أنصح كل امرأة ألا تجعل شريكها محور حياتها وتشغل نفسها باهتمامات أخرى وأصدقاء مقربين يدعمونها

ويتفق معها الدكتور تامر الجنايني، استشاري العلاقات الأسرية والزوجية بالقاهرة، في ضرورة التريث قبل خوض أي علاقة جديدة أثناء مرحلة التخبط العاطفي التي يعانيها الشخص بعد خسارته لشريك حياة أو حبيب، ويقول «الحالة السيئة التي تنتاب المرأة بعد فشل أي علاقة عاطفية تكون بسبب إدمانها للطرف الآخر وجعله سبباً لسعادتها لأنها تكرس نفسها لهذه العلاقة لذلك بعد الانفصال قد تصاب بالاكتئاب، لذلك أنصح كل امرأة ألا تجعل شريكها محور حياتها وتشغل نفسها باهتمامات أخرى وأصدقاء مقربين يدعمونها إذا ما حدث الانفصال، بالإضافة إلى أهمية تغيير نمط حياتها إذا لم تكن لها هوايات أو ما يشغلها».

ويحذر الدكتور الجنايني من المقارنة بين تجاربنا وتجارب الآخرين «دائماً أشدد على من يمرون بتجارب انفصال بالبعد عن المقارنات، كأن تقارن تجربتك بتجربة أي شخص آخر، لأنه لا توجد تجربة مشابهة للأخرى كلياً».

ولكي تتمكن المرأة من البدء من جديد، يرى الدكتور تامر الجنايني أنه يجب عليها أن تمحو كل الذكريات التي بينهما من صور أو محادثات وغيرها وتركز على السلبيات في هذه العلاقة و سلبيات الطرف الآخر حتى تقلل من الحنين إليه، ثم تركز على قوتها، وألا تنكسر جراء الانفصال بل تطور من ذاتها، وألا تبدأ علاقة جديدة من أجل النسيان بل يجب إعطاء نفسها فرصة للتعافي.

ويحذر استشاري العلاقات الأسرية المرأة بعد الانفصال من اللجوء إلى أساليب مضايقة الشريك السابق من خلال فضحه والتشهير به خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، موضحاً «لا شك أنك تشعرين بالانكسار والحزن بعد الانفصال وتشعرين بأنك ضحية هذا الرجل الذي أعطيته كل مشاعر الحب والود، لذلك ترغبين بشدة في إخبار جميع من حولك بأن فشل علاقتكما لم يكن خطأك وأن شريك حياتك السابق هو السبب في كل ما آلت إليه الأمور وبأنه أسوأ إنسان قابلته والتشهير به».

كوني قوية.. مراحل التعافي من الانفصال

الارتباط بشريك جديد يجب أن يسبقه تعافٍ كامل

أما الدكتور أحمد البحيري، أستاذ الطب النفسي وتعديل السلوك، فيبين أنه بعد الطلاق يحدث للمرأة ما يسمى بصدمة ما بعد الطلاق، وتتأثر فيها الزوجة نفسياً بشكل كبير وتدخل في حالة اكتئاب، وهناك عوامل كثيرة تحدد مدى قوة هذه الصدمة من سيدة لأخرى. بيد أن هناك ما يسمى بالطلاق المتحضر، وفيه يكون الطرفان متفقين على كل ما يخص تفاصيل الطلاق وكل ما يخص الأولاد من نفقة ورؤية، وفي هذه الحالة تكون صدمة المرأة أخف. بالإضافة إلى دائرة الدعم من المحيطين، فكلما كان حول المرأة المطلقة دائرة أقرباء وأصدقاء داعمين لها فستخرج من هذه الحالة سريعاً.

كما أنها لو كانت سيدة عاملة ولديها دخل مادي سيكون تعافيها أقرب وأسهل من غيرها، وكل هذه الأمور تؤثر إيجاباً فيها على عكس ربة المنزل غير المستقلة مادياً والتي تسوء نفسيتها بالطبع خاصة لو لم يكن لديها مكان بعد الطلاق وتعيش مع أحد الإخوة أو في بيت الأسرة.

ويضيف الدكتور البحيري أنه بالنسبة للمنفصلين بعد الخطبة أو علاقة حب هنا تعتمد حالتهم النفسية على مدى تعلقهم بهذا الحبيب أو الخطيب، فإذا ما كان التعلق شديداً تكون الحالة النفسية سيئة وتحتاج المرأة إلى دعم نفسي من الأسرة والمحيطين.

ويوضح أن المرأة بعد الانفصال تمر بمراحل مختلفة أولاها الانسحاب من العالم والدخول في حالة اكتئاب، وفي بداية الصدمة العاطفية من الممكن أن يصاب الشخص بحالة من الإنكار خاصة المرأة التي تفقد الثقة في نفسها مع الشعور بالغضب والحزن.

كوني قوية.. مراحل التعافي من الانفصال

تعيش المرأة أوقاتاً صعبة بعد الطلاق وعليها أن تدعم نفسها وتستثمر وقتها وتستمتع بحياتها

تنصح الدكتورة مايسة كمال، استشاري العلاج النفسي والزواجي وخبيرة العلاقات الإنسانية بالقاهرة، المرأة التي تريد تجاوز مرحلة الانفصال بالتجديد وتغيير روتين حياتها والتحلي بالصبر والإيمان وتقبل المحن والأقدار وثقافة السلام الداخلي، فهذا ما يكسبها القوة اللازمة التي تمكنها من التعامل مع الأزمات.

وترى استشارية العلاج النفسي أنه للخروج من صدمة ما بعد الانفصال، هناك استراتيجيتان:

  • الأولى: إعادة التقييم السلبي لشريك الحياة والتركيز على الصفات السلبية والأخطاء التي تجنبها الوقوع فيها مرة أخرى
  • الثانية: استراتيجية الإلهاء وفيها يتحرك الفرد للبدء من جديد والأخذ بالمقولة الشهيرة «رب إعاقة تكون انطلاقة»

وتنصح الدكتورة مايسة كمال المرأة التي مرت بعلاقة زوجية فاشلة بالاهتمام بأولادها وشغل وقتها، مع الحرص على أن تكون العلاقة بينها وطليقها طيبة للحفاظ على نفسية الأولاد، مع الاهتمام بنفسها من خلال ممارسة هوايتها المفضلة وإعادة الصلة بينها و صديقاتها القدامى، وتقول «تعيش المرأة أوقاتاً صعبة بعد الطلاق وعليها أن تدعم نفسها وتستثمر وقتها وتستمتع بحياتها وتغلق هذه الصفحة ولا تلوم نفسها ولا تلتفت لأي تعليقات من المقربين أو من الناقدين لها بسبب الطلاق، بل تسعى لخلق ذكريات جديدة مع أولادها وتمحو لديهم كل الذكريات السيئة السابقة، وعليها أن تتقبل الوضع الجديد الذي فرض عليها حتى وإن كانت هي من سعت إلى الطلاق».

 

مقالات ذات صلة