14 سبتمبر 2022

حق المطلقة في السكن في القانون الإماراتي

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

حق المطلقة في السكن في القانون الإماراتي

بين طرد زوجة من منزل الزوجية بعد انتهاء العدّة، وحبس زوج بسبب قرض لبناء مسكن وعدم قدرته على الدفع مع طلب زوجته الطلاق فور حبسه، تتأرجح العلاقة الزوجية بين سندان المحاكم والدعاوى وسندان المودة والرحمة التي نادى بها الشرع الإسلامي والقانون الذي استند إلى هذا الشرع في بنوده، لتتبدّى أن العلاقة هي قيد منزل أو قرض، وأبناء يكونون هم الضحية في كل الأوقات وليس غالبها.

آخر الحالات هي لزوج رفع دعوى قضائية يطالب فيها بطرد مطلقته من مسكنه بصورة مستعجلة وإلزامها بالرسوم والمصروفات بحجة أنها تشغل العقار الخاص به دون سند ولكونها ليست حاضنة وانتهت عدتها. وبالمقابل، زوجة تطلب الطلاق من زوجها بعد سجنه بخمسة أشهر فقط والسبب عدم قدرته على سداد قرض بنى به بيتاً لتلك الزوجة التي تسكن البيت مع أبنائها، مع العلم أن الزوجة تعمل في جهة حكومية وتتقاضى راتباً شهرياً، وفق ما يرويه المحامي راشد بن يعروف السويدي عبر خاصية الفيديو.

والسؤال: هل يحق طرد المطلقة من منزل الزوجية؟ وما هي الحالات التي عالجها القانون الإماراتي؟

تعطي الدولة المطلقة (التي تطرد من منزل الزوجية) منزلاً حتى لو لم تكن حاضنة، في حال عدم وجود معيل من الدرجة الأولى وليس لها أبناء

يوازي المستشار الأسري الدكتور سعيد بالليث الطنيجي المسألة ببعدها القانوني أكثر من بعدها الأسري «في دولة الإمارات، هناك قوانين تحكم الأسرة حيث لا تخرج المشاكل عن نطاق هذه القوانين التي عملت على عدم تشتيت أي طرف.

ففي إمارة الشارقة مثلاً، يسجل عقد المنزل باسم الزوج والزوجة في حال كان المنزل منحة من الحكومة، ويمنح القانون للزوجة الحاضن للأبناء الحق بالبقاء في مسكن الزوجية استناداً إلى رابط الأبناء، كما تعطي الدولة المطلقة (التي تطرد من منزل الزوجية) منزلاً حتى لو لم تكن حاضنة، في حال عدم وجود معيل من الدرجة الأولى وليس لها أبناء».

ويورد د.الطنيجي حالة لإحدى السيدات التي تطلقت من الزوج وخرجت من بيت الزوجية وارتبطت بآخر ولكن ما لبثت أن تطلقت من الأخير وعادت لتسكن في منزل طليقها الأول لكونها حاضنة لأبنائه، وهذا ما ينسجم مع مرسوم في إمارة الشارقة يسمح للزوج والزوجة بتقاسم المنزل في هذا الوضع.

يقول «قانون الأحوال الشخصية في دولة الإمارات هدف إلى عدم تشتيت أي طرف سواء الزوج أو الزوجة في حال حدوث طلاق، وحتى نلحظ أن ثمة تشدداً في إمارة أبو ظبي بمسألة الطلاق التي يتّم حصرها في حالات نادرة ومستعصية على الحل».

وينصح د. الطنيجي بالآتي:

  • أهمية المحاضرات التوعوية التي كان يقيمها صندوق الزواج للمقبلين على الزواج.
  • تقوى الله سبحانه وتعالى.
  • عدم المقارنة
  • الصبر في العلاقة الزوجية واحتواء كل منهما للآخر وتقاضي الأجر مقابل ذلك.
  • أهمية الجلوس سوياً ومناقشة المسائل المترتبة على الطلاق قبل حدوثه.

عالج القانون الاتحادي موضوع مسكن الحضانة بعد الطلاق بإلزام الزوج بأجر مسكن يدفع للزوجة وهي تبحث عن مكان مناسب لها ولأولادها، ويحدد تبعاً لدخل الزوج وعدد الأبناء

في ظل هذه الحالات، تلفت المحامية موزة مسعود إلى أهمية التفريق بين «طلاق يتم باتفاق الطرفين آو يتم بإرادة منفردة من الزوج. وفي هذه الحالة، للزوج الخيار بإبقاء الزوجة والأبناء في منزل الزوجية كمسكن حضانة وإعطائها كافة حقوقها، أو تطليق الزوجة وطردها من منزل الزوجية في فترة العدّة مع أطفالها، وهذه حالات موجودة في المجتمع والسبب مفهوم للزوج بأن تطليق الزوجة وإنهاء الحياة الزوجية يرتبط بغياب أي حقوق للزوجة وأبنائها، وفي حالات كثيرة يتم الطلاق وأخذ الأبناء منها وطردها، وهذا يتوقف على فهم كل طرف لحقوقه وواجباته الزوجية تجاه الآخر».

ثمة حلول وضعت لهذه القضايا في الدولة، توضح مسعود «هناك مرسوم من إمارة الشارقة عالج مثل هذه الحالات عبر تقسيم منزل الزوجية بين الطرفين لتكون الزوجة المطلقة وأبناؤها في أمان. وعالج القانون الاتحادي موضوع مسكن الحضانة بعد الطلاق بإلزام الزوج بأجر مسكن يدفع للزوجة وهي تبحث عن مكان مناسب لها ولأولادها، ويحدد تبعاً لدخل الزوج وعدد الأبناء».

وفي غالب القضايا التي تلجأ فيها الزوجة للمحكمة لطلب الطلاق للضرر، تطلب فيها الحضانة والنفقات والأجور وتتمسك بمسكن الزوجية ليكون مسكن حضانة، والزوج له الحق في رفض هذا الطلب وتحديد أجر مسكن أو قبوله ويعتبر مسكن حضانة، وفق ما تعايش المحامية مسعود من حالات، حيث تشير إلى أن «كثيراً من الزوجات يطلبن بناء منازل فوق طاقة الزوج مقارنة بالآخرين فتكون النتيجة تراكم الديون على الزوج ويدخل بسببها السجن، وفي هذه الحالة الزوج هو مسؤول عن دخوله السجن لأن من المفروض ألا يترك الأمور مفتوحة لطلبات الزوجة آو الأبناء، وبعد دخوله السجن تطلب الزوجة الطلاق وتستولي على البيت كونه بات فاقداً لعمله وغير قادر على دفع نفقات أو توفير مسكن».

حق المطلقة في السكن في القانون الإماراتي

حق المطلقة في السكن في حال الطلاق الرجعي أو البائن

يمايز الدكتور إسماعيل كاظم العيساوي، دكتوراه فقه مقارن وأستاذ مشارك في كلية الشريعة – جامعة الشارقة، بين الطلاق الرجعي والطلاق البائن «الطلاق الرجعي، وهو طلقة واحدة أو طلقتين ولم تصل إلى حد الثلاث، وهنا لا يجوز للزوج إطلاقاً إخراج الزوجة من البيت لأنها لم تزل زوجته ويجب أن ينفق عليها حتى تنتهي العدّة، وحتى الفقهاء قالوا «أن تتزين له» لكون الطلقة الرجعية لا تنهي العلاقة الزوجية نهائياً حتى تنقضي العدّة.

أما بالنسبة للمرأة المطلقة طلاقاً بائناً، في هذه الحالة يجب على الزوجة أن تعتّد في بيت الزوجية ولا يجوز لها الخروج والإثم على الزوج في حال أخرجها من منزلها سواء في الطلاق الرجعي أو الطلاق البائن، استناداً إلى ما أورده القرآن الكريم: «ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة»، بحيث لا تخرج من نفسها ولا يجوز لأحد أن يجبرها على الخروج، بل حتى الفقهاء ذهبوا إلى القول أن تبقى في البيت ولو خرج الزوج من المنزل حيث تقضي عدّتها في المنزل».

الأصل أن المرأة تقضي عدتها في بيتها ولا يجوز إخراجها منه، ولكن ما يفعله الأزواج اليوم لا يخفى على أحد

ويؤكد د. العيساوي «أذكر أن كثيراً من النساء يطرحن السؤال حول الإثم في حال الخروج من عدمه، فالأصل أن المرأة تقضي عدتها في بيتها ولا يجوز إخراجها منه، ولكن ما يفعله الأزواج اليوم لا يخفى على أحد حيث إنّ الحياة المعاصرة تغيرت عن السابق واليوم نسمع آلاف الحالات من الطلاق في الشهر الواحد، في حين لم نكن نسمع سابقاً عن طلاق امرأة لسنوات، وهذا يعود إلى التغيرات في المجتمع والثقافات الغربية التي غزت مجتمعاتنا وتأثر بها الرجل والمرأة، حيث سمى القرآن الكريم الرابطة الزوجية بالميثاق الغليظ ووصفها بأدق المواصفات: «هن لباس لكم وأنتم لباس لهنّ»، ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» لكن هذه المعاني من القرآن الكريم والسنة النبوية غابت عن بعض بناتنا وأبنائنا وبات الطلاق قائماً لأسباب تافهة وسطحية لا تتجاوز نفقة بسيطة أو أسفاراً أو متطلبات أسرية».

اقرأ أيضاً: للمرأة المغتربة في الإمارات.. هذه هي حقوقك عند الطلاق

 

مقالات ذات صلة