بين أزقة السوق الكبير، وفي أحد أقدم الأسواق التقليدية في بر ديرة، وشارع البلدية تحديداً، يستعد سكان دبي لاستقبال شهر رمضان المبارك بإحياء فعالية «سوق رمضان»، أبرز العادات التراثية التي تمنح شهر رمضان نكهته الخاصة، وتوفر للمتبضعين تجربة تسوق فريدة بأسعار تنافسية.
على الرغم مما يتميز به شهر رمضان المبارك من روحانيات وعبادات، إلا أن عاداته وتقاليده تمنحه نكهته الخاصة، حيث يعرض السوق الذي يقصده سكان دبي، والإمارات الأخرى، من المواطنين والوافدين والسياح بمختلف جنسياتهم، مجموعة واسعة من البضائع والمنتجات الرمضانية، بدءاً من زينة رمضان والملابس والعطور وأدوات المطبخ، وكل ما يحتاج إليه الصائم خلال الشهر الكريم، إضافة إلى العروض الترفيهية والفعاليات الخاصة بالأطفال.
تسعى بلدية دبي ومن خلال «سوق رمضان» للحفاظ على التراث، والثقافة الإماراتية، وتشجيع السكان على التواصل من خلال زيارة الأسواق التقليدية، وشراء منتجاتها اليدوية والمحلية، حيث يعتبر السوق فرصة لاستكشاف تراث الإمارات والاستمتاع بأجواء رمضان التقليدية.
تكشف شفيقة محمد، صاحبة متجر لبيع العود والبخور، عن دور فعالية سوق رمضان والمعارض الأخرى في استقطاب العديد من الزبائن من مختلف الجنسيات لمنتجاتها، وتقول «بدأت مشروعي بصناعة العود، حيث كنت أسوّق للمنتج بين الأصدقاء، والأقارب، والأهل، لكن وجود سوق رمضان، وغيره من المهرجانات والمعارض ساعدني على جذب العديد من الزبائن من مختلف الجنسيات، الراغبين في اكتشاف ثقافة دولة الإمارات، وكيفية صناعة العود بالطريقة التقليدية للنساء الإماراتيات، وبشكل خاص، خلال شهر رمضان المبارك، وهم في الأغلب من السياح».
على الرغم من امتلاكه متجراً خاصاً به في سوق ديرة الكبير، إلا أنه ارتأى أن يكون له مكان خاص في سوق رمضان، يشير عبد الحكيم عبد العزيز، فنان يتقن فن الرسم بالرمل، إلى أن «إقبال الزوار على السوق خلال هذه الفترة من العام زاد من حجم الطلب على أعمال الرسم التي أنفذها خاصة من قبل الأجانب والسياح الذين يبدون اهتماماً كبيراً بالزينة، وهذا النوع من الرسم، وأكثر الطلبات تكون لرسومات خاصة بزينة رمضان، أو الأسماء، ولوحات الأندية الرياضية».
يضيف عبد العزيز «للأسواق القديمة في دبي و«سوق رمضان» بخاصة، نكهة مميزة، حيث يحرص سكان دبي، كغيرهم من مناطق أخرى في الوطن العربي والعالم الإسلامي، على أن يكون لشهر رمضان خصوصية تختلف عن بقية أشهر السنة، وتكون عادة التركيز على استقبال الشهر الكريم بتبضع احتياجات المنزل قبل دخوله والحرص على اقتناء الزينة، وكل ما يتعلق بمظاهر الفرح».
من جانبها، تشير هدية محمدي، صاحبة متجر للعطور، إلى أن «اهتمام السكان المحليين، والعرب بشكل عام، بالعطور والمسك والتطيب، أثر في حركة السوق على هذه المنتجات التي شهدت إقبالاً كبيراً من قبل زوار السوق من جميع أنحاء العالم». أما عن تأثير السوق في نوع العطور، فتضيف هدية محمدي «تجربة السوق، وحركة الزبائن تشجع السياح على استكشاف العطور العربية بالطابع المحلي التراثي الذي يعكس رغبة ارتباطهم بالثقافة المحلية».
يكشف محمد عبد الجبار، سائح، الفرصة التي وفرها «سوق رمضان» لاكتشاف الثقافة المحلية لدبي، والتعرف إلى الكثير من المنتجات «في السوق يمكن للزائر أن يكتشف مجموعة كبيرة ومتنوعة من المنتجات المحلية اليدوية، على سبيل المثال، الأزياء المحلية، والحِرف اليدوية، والتحف الفنية، إضافة إلى فرصة تذوّق الأطعمة المحلية، والاستمتاع بالعروض الترفيهية التي تلبي رغبة السائح، وتثري تجربته».
تُعد أسواق ديرة التاريخية في دبي من بين أهم الأسواق التقليدية التي يعود تاريخها لمنتصف القرن التاسع عشر. تأهيل هذه الأسواق وترميمها جعلها موقعاً جذاباً، للزوار والمقيمين، لوجود مجموعة واسعة من المنتجات، مثل الأقمشة، والمواد الغذائية، والعطور، والمجوهرات، والأدوات المنزلية، التي جعلت منها وجهة تسوق مثالية لجميع أفراد العائلة.
كما أن حرص بلدية دبي سنوياً على تنظيم فعالية «سوق رمضان» ساعد على تنوع الأنشطة التجارية والسياحية في الإمارة، ومنح أصحاب المشاريع الصغيرة والتجّار فرصة الاستثمار، وزيادة الإقبال على هذا النوع من الأسواق، وتوفير تجربة تسوق ممتعة تعكس تراث وثقافة دبي الغنية للزوار.
* تصوير: السيد رمضان
