27 ديسمبر 2021

جردة حساب النجاح والفشل.. خريطة الطريق نحو 2022

محررة في مجلة كل الأسرة

جردة حساب النجاح والفشل.. خريطة الطريق نحو 2022

مع بداية كل عام، يعمد البعض إلى إجراء «جردة حساب» لإنجازاته وإحباطاته ومطبات الفشل ونقاط النجاح خلال عامه المنصرم، في حين يكتفي البعض الآخر بوضع النقطة على آخر السنة الفائتة والانطلاق إلى العام الجديد دون أي خطط أو استراتيجيات تاركاً للقدر تحريك مساره نحو أي اتجاه. بين هذا وذاك، ثمة فئة تعيش القلق وتجدها في منطقة «اللاتوازن» حيث عدم القدرة على السير قدماً بعد المرور بإحباطات شتى، ما يضعها في عين العاصفة ويضاعف من فرص فشلها كون القرار بعدم الإنجاز نابعاً من قلقها من الفشل وعدم المبادرة.

شريفة البادي
شريفة البادي

الأهّم أن أدخل العام الجديد بصحة وعافية وأحمد ربي على كل شيء

دخول هذا العام قد يكون مختلفاً وخارجاً عن العادة التي دأبت عليها شريفة البادي، حيث تقول «أرغب بدخول هذا العام من دون تفاؤل وتوقعات وكأي يوم عادي وأستكمل حياتي بشكل طبيعي ولا أمنّي النفس أن يكون العام القادم أكثر إيجابية أو ازدهاراً».

فأجواء «كورونا» وما رافقها من إحباطات كثيرة وغيرها قاد البادي للنظر إلى الصورة من زاوية أخرى «الأهّم أن أدخل العام الجديد بصحة وعافية وأحمد ربي على كل شيء».

تتسم شريفة بقدرتها على تدوير الزوايا والانطلاق من جديد «أقوم بجرد كل ستة أشهر لكل جوانب حياتي وحتى على صعيد المستلزمات التي لا أحتاجها من ثياب وغيرها والتبرع بها لأفراد محتاجين».

فهذا النمط من التفكير منهجي وضروري لدى شريفة التي تأمل أن يدأب الناس على القيام بجرد كامل لحياتهم وطموحاتهم وحتى أشيائهم من باب ترتيب أولوياتهم وتنظيف مناطق تفكير متخمة بالكثير من التشويش «جردة الحساب لا تحتاج إلى عام جديد لمحاولة التغيير من أنفسنا، بل يجب أن تكون نمطاً حياتياً معتمداً كون التغيير قد يحدث في أي لحظة».

لا أؤنب نفسي ولكن أعطي لنفسي دافعاً بضرورة العمل على تحقيق ما فاتني خلال العام القادم

تواكب جيسي شامي نهاية كل عام بجردة حساب «أجلس مع ذاتي وأفكر وأرصد ما وضعت من مخططات وما أنجزته وما لم أنجزه وما الأمور التي كان يمكنني القيام بها بشكل أفضل».

خلال هذه الجلسة، تعتمد جيسي الموضوعية في تقييم المطبات التي اعترضتها لتحقيق أهدافها «يمكنني إضافة المزيد أو وضع لمسات تحسين للعام 2022 كون عام 2021 لم يكن عاماً يسيراً في الكثير من المراحل والمحطات».

توضح «هذا العام لم يعكس بعض توقعاتي وهناك أمور حدثت لم تكن في الحسبان وحتى أن ثمة أموراً كنت أرغب بالقيام بها ولم أقم بذلك. لا أؤنب نفسي ولكن أعطي لنفسي دافعاً بضرورة العمل على تحقيق ما فاتني خلال العام القادم بغض النظر عن الأسباب وأشجع نفسي لإنجاز ما كان من ضمن مخططاتي».

جردة الحساب تشمل أمومتي، دراسة أبنائي ونظامهم الغذائي، روتين المنزل وحتى ديكوره

تجد عائشة المذكور أن جردة الحساب التي تتزامن مع نهاية العام ضرورية لتقييم ما أنجزته خلال العام الماضي «أنا إنسانة أحب الإنجاز ولا أقف عند عمر. ولكن ما يشغل بالي هو عدم توظيف الأفراد الذين يتجاوزون عمراً معيناً. فأنا على أبواب الأربعينات وما يمكنني إنجازه في مجال وظيفي يتخطى جهد موظفات صغيرات في السن».

تعتبر مسألة التوظيف مطلباً عاماً لكثير من الشرائح حيث يمكن الاستفادة من خبرات متراكمة «أنشط في مجال الجمعيات أو صناديق الادخار حيث الكثير من المشاركين وجدوا، عبر هذه الآلية، منفذاً لتحقيق أهدافهم بعيداً عن الاستدانة وبالأخص أن المبالغ التي يتقاضونها يمكن توظيفها في مجالات تطوير أعمالهم أو بدء حياتهم».

لدى المذكور أيضاً مشروع «توزيعات» باعتبارها تهتم بالأطباق التراثية وتحاول مواءمتها مع متطلبات الجيل الحالي، كما تولي التخطيط جزءاً من اهتمامها «جردة الحساب تشمل أمومتي، دراسة أبنائي ونظامهم الغذائي، روتين المنزل وحتى ديكوره، كما آمل أن أداوم العام المقبل في وظيفة لأن الإنجاز ليس له عمر. فجائحة «كورونا» لم تغير من مخططاتي لأنني بطبيعتي متفائلة وأتسم بطاقة إيجابية».

التخطيط غائب عن حياتي، وفي حال القيام بجردة حساب سنوية قد لا تكون الدفة لصالحي

تتسم ميرا الحاج حسين بعشوائية ما في يومياتها «ما أركّز عليه هو أن أكون بصحة وعافية ومستقرة مادياً ولا أشتّت نفسي في وضع أجندات ومخططات قد لا تجد طريقها للتنفيذ أو حتى مجرد الاطلاع عليها حيث حاولت وفشلت لأكثر من مرة».

تقول وهي تضحك «ما يمكنني قوله إن التخطيط غائب عن حياتي، وفي حال القيام بجردة حساب سنوية قد لا تكون الدفة لصالحي وتصل إلى حد جلد الذات وتأنيبها على الكثير ممّا لم أحققه. ثمة أحيان، أعمد إلى وضع خطط واستراتيجيات على صعيد عملي والكثير من جوانب حياتي، إلا أنني أجد نفسي غير ملتزمة بالتنفيذ مع أول مطب يعترضني».

ليس يأساً ما ينتاب ميرا حيث «الإصرار على العمل قائم وتطويره هدف أساسي في حياتي، إلا أن الظروف الحالية تحول دون الشعور بالراحة في تنفيذ أجندتي أو حتى القيام بجردة حساب قد تعيقني عن المضي قدماً».

تأمل ميرا أن يحمل العام الجديد لها ولعائلتها الخير «أحاول أن أكون متفائلة وهذه الإيجابية قد تغيّر بعض المسارات إلى الأفضل وما يشكّل هاجسي هو التخطيط لمستقبل ابني كون الأمومة هي مرآة لنجاحات أبنائنا أكثر من نجاحاتنا سواء على الصعيد المهني أو الشخصي».

منيرة عبدالله
منيرة عبدالله

يجب التمييز بين جلد الذات ومحاسبة النفس بطريقة واعية أستكشف من خلالها نقاط القوة ونقاط الضعف لتطوير منظومة التعامل مع الواقع وتحسين مهاراتي دون تجريح النفس أو نعتها بصفات سلبية

مع نهاية كل عام، يقوم البعض بجردة حساب في وقت يعمد آخرون إلى محاسبة أنفسهم وجلد ذواتهم بحجة عدم الإنجاز. في هذا الصدد، تؤكد الكوتش منيرة عبدالله، مدرب معتمد في التدريب الذاتي وتحسين طرق التفكير وأخصائي إرشاد نفسي، أهمية التمييز بين محاسبة النفس وجلد الذات «مع نهاية كل عام نتذكر الأهداف التي خططنا لها ونرى أننا لم ننجز لأسباب كثيرة وكثير من الأفراد يلومون ذواتهم ويبحثون عن أسباب عدم الإنجاز، متهمين أنفسهم بالتقصير والإهمال بالمقارنة مع الآخرين».

تصل ببعض الحالات إلى حد جلد الذات، «حيث يبدأ الفرد بتوجيه اللوم لنفسه لارتكابه بعض السلوكيات غير الصحيحة ويبدأ بإذلالها (أي نفسه) وتحقيرها ويستمر جلد الذات و«تعذيب النفس»، ما يدخله في مرحلة الاكتئاب السوداوي والذي يؤدي بالبعض إلى الانتحار».

تتلمس الكوتش عبدالله خطورة جلد الذات والمتاهات التي قد يقع فيها الفرد وتأثيرها في الصحة النفسية «يجب التمييز بين جلد الذات ومحاسبة النفس بطريقة واعية أستكشف من خلالها نقاط القوة ونقاط الضعف لتطوير منظومة التعامل مع الواقع وتحسين مهاراتي دون تجريح النفس أو نعتها بصفات سلبية».

توصي الكوتش منيرة عبدالله بالقيام بجردة حساب عبر خطوات إيجابية:

  • البحث عن أسباب عدم الإنجاز بموضوعية.
  • تدعيم المهارات عبر الالتحاق بدورات أو استشارة مختص.
  • تحديد نقاط الضعف ومحاولة علاجها وفهم أخطائي وعدم تكرارها والعمل على تحسين ظروفي.
  • البدء بالعمل والإنجاز وكسر الروتين.
  • الرأف بذواتنا عند محاسبتها دون تجريح النفس أو نعتها بصفات سيئة.
  • قراءة الرسائل الإيجابية والكتب المحفزة.
  • في حال عدم تحقيق هدف، أعطي لنفسي دافعاً لتحقيق هدف بديل والعمل بجهد على التخطيط السليم والجيد لتحقيق أهدافي.
  • الابتعاد عن العزلة وعدم المقارنة السلبية مع الآخرين.
  • الابتعاد عن القلق وتعداد النعم حولنا وعدم التركيز على العوائق.
  • نعيش حياتنا بطريقة جيدة والتخلص من جلد الذات.
  • الاستعانة بالله سبحانه وتعالى والابتعاد عن الأفكار السلبية والوساوس والقلق.
  • تصفية الذهن والخروج من دائرة الراحة والانطلاق للعالم.
  • الانخراط في مجموعات إيجابية والتعرف إلى أفراد جدد.
  • غير حوارك الداخلي وعزز نفسك بكلمات إيجابية.
  • كن فخوراً بإنجازاتك مهما كانت صغيرة وثق بنفسك وتحلّ بالصبر.
  • جزئ أهدافك إلى أهداف قصيرة المدى وطويلة المدى.
  • كتابة الأهداف خطياً.

عمر فرحان الكعبي
عمر فرحان الكعبي

لا بد من التخطيط لتقييم الخسائر والإنجازات ومقاربتها للاستفادة منها في المخططات المستقبلية.

يركّز عمر فرحان الكعبي، مدرب في مجال تطوير الذات ومحاضر في التخطيط الاستراتيجي، على محوري التخطيط حيث المحور الأول يطرح السؤال ماذا أنجزت خلال العام الماضي والمحور الثاني يستشرف الإنجازات خلال العام القادم. في رصد إنجازات العام الماضي، لا بد من دراسة المصاعب والتحديات ونقاط القوة والضعف وما مر من أحداث أثرت سلباً أو إيجاباً، في حين يضع المحور الثاني بجردة الحساب لما نريد تحقيقه في المجال الشخصي، الاجتماعي، الوظيفي، التعليمي، الروحاني، المالي وغيرها من المجالات التي تحدد فيها أهدافك وترتب أولوياتك من الأهم إلى المهم إلى الأقل أهمية.

بيد أن الخطة «يجب أن تراعي التغيرات الحاصلة والمستجدات المتسارعة، بمعنى أن تتوازى الطموحات والأهداف مع خطة متطورة وتكون الخطة والمتغيرات على خطين متوازيين».

يقول «لا بد أن تكون «جردة الحساب» موضوعية بعيدة عن التشاؤم ويجب أن نكون إيجابيين لجهة عدم القيام بجردة عامة بل تخصيص جردة خاصة بكل مجال».

يوضح الكعبي «لو ارتأيت القيام بجردة حساب على الصعيد المالي، يمكن النظر إلى ما تحقق على صعيد زيادة الراتب من عدمها، الامتيازات، المدخلات، الفرص الموجودة التي اقتنصتها والخسائر التي تحملتها وصولاً إلى تقييم ما أنجزته وما لم أنجزه».

وهذا ما ينسحب على الجانب الأسري لجهة «علاقتي بزوجي أو زوجتي، مع أبنائي، هذه الجردة تظهر لنا الكثير من مسارات النجاح وبعض مطبات الفشل ولكن لا بد من طلب مساعدة أشخاص في الجرد وتقييم حياتهم معنا كشركاء لنا لاختيار ما يحتاج إلى تغيير أو تعديل أو تأجيل».

وبما أن الجرد العشوائي يقتل الطموح، يوجه المدرب الكعبي نصائح أساسية:

  • النصيحة الأولى ترتبط بالشخص نفسه ورغبته بالتغيير للانطلاق في العام الجديد حيث هناك 365 فرصة للتغيير.
  • يجب الالتزام بالخطة المعدّة.
  • الاستعانة بشخص لتقويم مسار الفرد وإصلاح حياته سواء كان قريباً أو حتى مستشار تخطيط، حيث يمر على الفرد بعض حالات الانكسار والإحباط