10 فبراير 2022

أهمية الرياضة الجماعية للأطفال والمراهقين

محررة باب "صحة الأسرة" في مجلة كل الأسرة

أهمية الرياضة الجماعية للأطفال والمراهقين

يمكن أن تشكل مرحلة المراهقة والسنوات التي تسبقها مرحلة صعبة لكثير من اليافعين، حيث تبدأ بنيتهم الجسدية في التغير، وتشتد لديهم مستويات الهرمونات، وكل هذا قد يسبب لهم القلق وربما الشعور بالاكتئاب.

هنالك بعض الطرق العلمية التي يمكن من خلالها تحسين حالة الطفل النفسية ووقايته من القلق والاكتئاب، وأفضلها ممارسة الرياضة ضمن جماعة من الأقران.

حماية من الاكتئاب

وجدت الأبحاث الحديثة أن المشاركة في الرياضات الجماعية كانت مرتبطة بحجم أكبر لـ«الحصين» (منطقة الدماغ المسؤولة عن معالجة الذاكرة طويلة المدى والاستجابات العاطفية) في كل من الأولاد والبنات.

من قبل، تم ربط حالة الاكتئاب بضمور منطقة الدماغ التي يطلق عليها اسم «الحُصين» لذلك فإن التغلب على هذه الحالة لا يهم فقط لتحسين الحالة النفسية للطفل بل ولمنع الآثار المترتبة عليه والتي ربما تؤثر في دراسته وتحصيله العلمي.

وجد بحث حديث انخفاضًا في معدلات الاكتئاب بين الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و11 عامًا والذين شاركوا في الرياضات الجماعية.

تعتبر هذه النتائج منطقية، فالرياضة الجماعية ضمن فريق توفر نشاطًا بدنياً منتظمًا والذي يكون من الرياضات الهوائية التي ثبت أن لها تأثيرات مفيدة في الذاكرة والإدراك والمزاج.

يمكن أن توفر نفس المشاركة أيضًا للأطفال شبكة اجتماعية من الأقران بينما تغرس فيهم أيضًا الشعور بالهدف والانتماء والإنجاز، ويرى العلماء أن كل هذه العوامل تحمي من الاكتئاب.

شمل البحث العلمي 4191 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 9 و11 عامًا، واعتمدت على الآباء للإجابة عن أسئلة حول مشاركة أطفالهم في مجموعة متنوعة من الأنشطة بالإضافة إلى أي أعراض للاكتئاب تظهر عليهم من خلال الإجابات لم يجد العلماء آثاراً مفيدة للأنشطة غير الرياضية، وهذا لأن المشاركة في الألعاب الرياضية تزيد من «الحُصين» وتقلل من الاكتئاب.

أهمية الرياضة الجماعية للأطفال والمراهقين

التحكم في الانفعالات العاطفية

تعمل الرياضة ضمن فريق بطبيعتها على تعزيز تطوير المقدرة على التحكم في تثبيط الانفعالات العاطفية أمام الآخرين، وتحسن ومهارات التنظيم الذاتي، حيث يجب على اللاعبين اتباع قواعد اللعبة وتذكرها، والتناوب والتعاون مع زملائهم في الفريق، وبناء الثقة فيهم، وتجربة التعاطف مع الآخرين أثناء الانتصارات والخسائر.

يظهر على الأطفال الذين يعانون اضطراب التآزر النمائي معدلات أعلى من الشعور بالوحدة وتدني مفهوم الذات مقارنة بالأطفال الذين يتطورون بصورة طبيعية، وقد أظهرت الدراسات أن هؤلاء الأطفال أنفسهم قد ظهر لديهم قدرًا أقل من هذه الوحدة عند المشاركة في الرياضات الجماعية بالرغم من حالتهم هذه.

يتجه بعض الآباء خلال الإجازات المدرسية لملء فراغ أبنائهم بإلحاقهم بدور تعليم الموسيقى والفنون الأخرى كالرسم والنحت والتمثل. بالمقارنة مع هذه الأنشطة وغيرها لاحظ الباحثون أن الفوائد الإيجابية للرياضات الجماعية لم تتضح في مثل هذه الأنشطة الأخرى، على وجه التحديد لم يتضح أن الأنشطة غير الرياضية مرتبطة بزيادة حجم «الحُصين» أو انخفاض معدلات الاكتئاب.

أيضاً لم تظهر الرياضات الفردية أنها تحدث فرقًا في أي من المجالين.

يُعتقد بأن سبب عدم اتضاح تأثيرات للمشاركة في أنشطة أخرى قد يكون لأنها ليست كالرياضة الجماعية التي تجمع بين التدريب البدني والعمل معًا كفريق واحد لتحقيق هدف مشترك والتغلب على الخصم.

تشجع على التعاون

لذلك لا يكفي أن يكون طفلك ضمن فريق فقط (كنادي الشطرنج، على سبيل المثال)، أو مجرد الانخراط في نشاط بدني (مثل تدريب رفع الأثقال)، بل للحصول على الفوائد الحقيقية المذكورة يجب أن يقوم الطفل أو اليافع بكلا الأمرين، المشاركة في رياضة جماعية حيث يجد التعاون والنشاط البدني.

دمج الطفل في فريق رياضي هو الأفضل، لأن في حالة الرياضات الفردية، مثل السباحة والجولف، وغيرها من الأنشطة غير الرياضية كالفن أو الموسيقى أو الحرف اليدوية أو الشطرنج، يتدرب المشاركون ويؤدون ويتنافسون بمفردهم، لذا فإن فوائد التنشئة الاجتماعية تكون أقل بكثير.

قد لا يتفهم بعض الآباء التغيرات السلوكية التي تنجم عن التغيرات الجسدية، وربما لا يتعاملون مع النشء بالطريقة المناسبة فيكون أسلوب التعامل هو الصراخ والتهديد والوعيد ما يصل بعلاقتهم بأبنائهم إلى طريق مسدود أو إلى انعدام الاحترام والتعامل بالندية من قبل الأبناء.

من خلال اتباع الاستراتيجيات المدروسة يمكن الخروج من هذه الأزمة المؤقتة بأقل الخسائر التي قد تترتب على نفسية اليافعين.