6 أكتوبر 2022

حتى لا يصبح طفلك اتكالياً.. اتبع هذه النصائح

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

حتى لا يصبح طفلك إتكالياً.. اتبع هذه النصائح

يخطئ بعض الآباء وبدوافع عاطفية في سلب الأطفال استقلاليتهم وتنمية روح الاتكالية، فهم يفرطون في تدليلهم ومنحهم الاهتمام، وينجزون عنهم مهام كان من المفترض أن يقوموا بها، ما يضعف ثقتهم بأنفسهم ويولد لديهم الإحساس بالعجز عن القيام بأي مهمة.

هذا الطرح يقودنا إلى سؤال بديهي:

هل يمكن أن تكون اتكالية الأبناء من صنيعة الأهل؟
وهل يمكن أن تكون العاطفة سبباً في انقياد الأم واتهامها بعدم قدرة الأبناء على تحمل مسؤولياتهم؟

تكشف دكتورة القياس والتقويم النفسي، مديرة مركز أفق الإبداع للتعليم وتنمية المهارات، أسماء أدلبي «من فرط حب الوالدين للطفل وحرصهما عليه يميلان إلى إغلاق منافذ العالم دونه، يؤمنان له شتى أنواع الترف والدلال والرفاهية، فيما تعزز بعض الأمهات التصرفات غير الناضجة ويقدمن الحماية المفرطة لأنهن لا يردن لأطفالهن أن يكبروا، وهي جميعها أساليب تربوية خطأ تسهم في خلق جيل من أصحاب الشخصية الاعتمادية وتنشئ أطفالاً بعجز مكتسب وشخصية اتكالية ضعيفة مهزوزة، يميل بعضهم إلى الكسل، وبذكاء سلبي يتعلمون كيفية التأثير في الراشدين للحصول على ما يريدون من خلال قيامهم بالدور الطفولي».

كيف تعلم طفلك الاعتماد على الذات؟

1- التربية بالقدوة

حتى لا يصبح طفلك إتكالياً.. اتبع هذه النصائح

تبين د. أسماء أدلبي طرق اكتساب الطفل مهارة الاعتماد على الذات ودور الأم في ذلك «الاستقلالية سلوك مكتسب بناء على الخبرات الحياتية اليومية تحتاج لتدريب وتأهيل بدءاً من الأم التي تربي بالقدوة، حيث عليها أن تكون نموذجاً في توكيد الذات لأبنائها، في تجنب ظهورها بصورة اعتمادية على الأب، وزرع الهمة العالية في الطفل منذ صغره بما يشكل ضمان بناء شعوره العالي بالمسؤولية وزيادة رغبته في الاستقلال. والعديد من الأطفال في مراحل الطفولة المبكرة على استعداد للقيام بالأعمال طواعية كروتين يومي، والمشاركة في مهام على المستويين الشخصي والأسري وذلك باستخدام قاعدة: مهام واضحة +مشاركة بالمسؤوليات = طفل مستقل يعتمد على نفسه ويعتمد عليه مجتمعه».

2- قيام الأطفال بالأعمال المنزلية

حتى لا يصبح طفلك إتكالياً.. اتبع هذه النصائح

تشير د. أدلبي، «في حين أظهرت دراسات عديدة تأثير قيام الأطفال بالأعمال المنزلية في زيادة شعورهم بالاستقلالية، وتحسن في سلوكهم الاجتماعي، وتحقيق رضى ذاتي أعلى، كشفت دراسة أسترالية أخرى بحثت في علاقة الأعمال المنزلية بالوظائف الإدراكية للدماغ في الأطفال، وبالتحديد المهام التنفيذية، أن قيام الأطفال بالأعمال المنزلية يزيد من قدرة أدمغتهم على القيام بالمهام التنفيذية، وإدخال مهام مناسبة لأعمارهم مثل الطبخ أو التنظيف يزيد من قدرتهم على النجاح في مهام أخرى في الحياة سواء دراسياً أو اجتماعياً».

في هذا الصدد، توضح دكتورة القياس والتقويم النفسي «قد يكون من السهل السماح للأطفال بمواصلة أداء نفس الأعمال لأنهم يجيدونها، ولكن تقديم أعمال جديدة على فترات منتظمة سيفيدهم بالفعل، وذلك بتحديد فترة تدريبية للأعمال الجديدة وتعريفهم إلى تفاصيل مهامها».

3- الصبر والتدرج

حتى لا يصبح طفلك إتكالياً.. اتبع هذه النصائح

في هذا السياق توضح اختصاصية علم النفس التربوي وأخصائية تعديل السلوك وتنمية المهارات صعوبات التعلم للأطفال، أميرة عبد الله، العواقب الوخيمة لاتكالية الأبناء «تساهل الأم وتأديتها واجبات طفلها رغبة منها في سرعة إنجاز العمل وأخذ الطفل دور المتفرج، خطأ يغرس سلوك الاتكالية، ويعزز ضعف الثقة بالنفس والشعور بالعجز عن القيام بأي مهمة يكلف بها بل ويطال التحصيل الدراسي في المستقبل مما قد يدفعه لارتكاب أخطاء أكبر».

وتوضح «عدم قدرة الطفل على تحمل مسؤولياته وعجزه عن إبداء الرأي أو اتخاذ قرار يصطدم مع ميوله في مرحلة البلوغ فينشأ داخله صراعٌ إما ينتهي بالتمرد والخروج عن سلطة الأبوين والبحث خارج المنزل عمن يساعده في تسيير شؤون حياته كجماعة الرفاق والأقران الذين يعظم تأثيرهم في تلك المرحلة، أو تكون سبباً في انطوائه وانعزاله وضعف شخصيته واستمراره في حالة الاتكالية والاعتماد على الآخرين».

توجز عبد الله «أن محاولة تعديل أي سلوك يظهر عند الطفل يحتاج للصبر والتدرج كونه اكتسبه خلال فترة زمنية طويلة وبالتالي يحتاج لوقت لتغييره، ومما لا شك فيه تجنب الخوف المفرط والدلال الزائد كونها قيوداً تمنعه من إخراج قدراته ومهاراته وبالتالي تفقده القدرة في الاعتماد على نفسه».

4- التربية تبدأ من الأشهر الست الأولى من عمر الطفل

حتى لا يصبح طفلك إتكالياً.. اتبع هذه النصائح

يشير الدكتور عصام محو، مدرب وخبير في الإعلام التربوي، إلى «أن غرس الثقة في قلب الأطفال وهاجس رؤيتهم يكبرون قضية تشغل الآباء والأمهات على حد سواء، لذلك ومن البديهي أن تتخاطر لهم بعض التساؤلات، منها: كيف نصنع من أبنائنا أشخاصاً قادرين على الاعتماد على أنفسهم؟ وكيف نعزز ثقتهم بها؟ وقبل كل ذلك، ما هو التوقيت المناسب لهذه المهمة؟»، يكمل «(ما زال صغيراً) عبارة ورد فعل طبيعي للكثير من الآباء والأمهات أضاعوا وقتاً ثميناً من التربية، ثم اصطدموا فيما بعد بحقيقة مرة وهي أنّ العود قد اشتدّ وكبر، ولن ينفع معه بعد هذا الحين سوى الكسر! كسر لا يجبر شعثه إلا بشق الأنفس!»

يقول الدكتور عصام محو «من جانبي أتفهم جيداً رغبة الآباء والأمهات في حفِّ أبنائهم بالرعاية الكاملة، والخوف عليهم من بعض الأعمال التي قد توكل إليهم، لكن في المقابل أعلم تماماً أن فيهم رغبة توازي رغبة أن يروا الأبناء وقد تذوقوا طعم الاستقلالية».

الأم الذكية هي من تستثمر كلّ مرحلة يمرّ بها طفلها لتنمّي من مهاراته، وتقوي بها شخصيته

ولتجاوز الأخطاء، يوضح د. محو «على الآباء والأمهات أن يعلموا أن الأشهر الست الأولى من عمر الطفل هي الوقت الأمثل للبدء في التربية، وأن إسباغ الحب وتقديم الرعاية الجسدية يكون من جانب الأم لأنها أكثر ملازمة له، فمن أجمل اللحظات التي يمرّ بها الآباء بعد أن يُرزقوا بطفل هي تلك التي يبدأ فيها ذاك الوليد بتلمّس الأشياء، وإمساكها! والأم الذكية هي من تستثمر كلّ مرحلة يمرّ بها طفلها لتنمّي من مهاراته، وتقوي بها شخصيته، إن أرادت أن تستفيد من قدرته على الإمساك عليها أن توفر له بعض الألعاب يلهو بها ويشعر بامتلاكها وبمسؤولية الحفاظ عليها وهنا تكون قد زرعت فيه أولى بذور تحمل المسؤولية، وهي مسؤوليته أمام ألعابه.

وبعد سنة أو ما يزيد على بداية تربيته يمكن للأم أن تنتبه لمسألة تعامل الطفل مع الألعاب بعنف وكسرها، هنا عليها ألا تتسرع في إحضار لعبة جديدة مباشرة، بل تحاول أن تواسيه، وتظهر حزنها غير المبالغ فيه أمامه، وبالمقابل، يجب أن تشعره بأنّه ليس من السهل عليه استبدال أيّ شيء يستهتر باستعماله، فهنا يغدو حريصاً على المحافظة على أشيائه أكثر من قبل، لأنه بات يعلم أنّ ما يخسره قد لا يُعوَّض بسهولة»

يلفت «لتعلم الطفل اللغة دور كبير في تعزيز ثقته بنفسه، وهو خطأ تقع فيه الكثير من الأمهات في تقليل الحديث مع طفلها أو تعمدها محادثته بكلمات وعبارات لا تحمل أي معنى بدعوى أنّه ما زال صغيراً، ولن يفقه أصلاً ما يُلقى عليه، فيولّد هذا الأمر عنده فيما بعد ضعف ثقة بالنفس، ذلك أنّه لا يمتلك كلمات وعبارات يكوّن منها كلامه، فتظهر التأتأة، والتلعثم، ويشعر بالحرج، والخجل، لا سيما إن تمت مقارنته بأقرانه. كما ينبغي على الأم أن تعي أن الطفل في سنيّ حياته الأولى يلتقط كثيراً من العادات، ومن أبرز تلك العادات التي يجب الالتفات إليها الاعتناء بالواجبات الاجتماعية، فحين ينشأ الطفل وهو معزول عن أهله، يجلسونه وحده، لأنّ طعامه مختلف عن طعامهم، لا بد أنّه سيشعر يوماً بعد يوم بأنه ليس مؤهلاً بعد لمشاركة العائلة، وسيعتاد لاحقاً على تناول طعامه بمفرده، من غير مراعاة واحترام لأوقات اجتماع العائلة، لذلك ينبغي تعليمه أنّ هذه أوقات مقدّسة، لا يمكن تجاوزها».

 

مقالات ذات صلة