يقف الأب والأم وهما يشعران بالحرج أو يعجزان عن الإجابة عن أسئلة بريئة من أطفالهما، مثل:
كيف ولدت أنا؟
من أين جئت؟
متى سألد مثلك يا أمي؟
لماذا ليس لدي ثدي مثلك يا أمي؟
لماذا أخي ولد وأنا بنت؟ ولماذا جسده لا يشبهني؟
طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات حول علاقة الآباء بالأبناء، وما هو المسموح للابن في العمر الصغير أن يعرفه، وما هي تساؤلات الأبناء الشائعة في السن الصغيرة، وكيف يجب التعامل معها التعامل الأمثل، وماذا عن تساؤلات مرحلة المراهقة وكيف نستعد لها بشكل أفضل:
ما يجب تجنبه عند التعامل مع الأسئلة المحرجة لأطفالنا
1- المعتقدات الخطأ بشأن التربية الجنسية للأطفال
في البداية، يؤكد الدكتور إيهاب ماجد، استشاري الصحة النفسية والعلاج الأسري والتربوي للأطفال والمراهقين بالقاهرة، أن من أكثر الأخطاء التربوية التي نقع فيها هي المعتقدات الخطأ بشأن التربية الجنسية للأطفال، وبالتالي نتعامل بشكل خطأ مع أسئلتهم المحرجة والفضولية سواء في فترة الطفولة أو في فترة المراهقة بحجة أننا لا نريد أن نفتح أعينهم على هذه الأمور.
ويقول «يجب علينا أخذ هذه الأمور ببساطة، لأن تعنيف الطفل وإحراجه والاستخفاف بعقليته يدمر حاسة التفكير والإبداع عنده ويصيبه بضعف الشخصية ويقلل ثقته بنفسه».
لذلك على الأسرة جميعاً أن تكون على استعداد تام للإجابة عن الكثير من الأسئلة الفضولية للأطفال وعدم تركها للصدف، كي لا يكتسب الطفل إجابات مغلوطة أو غير دقيقة. لكن كل سؤال وإجابته يعتمدان على التطور الذهني والمرحلة العمرية التي يمر بها الطفل.
2- الاستخفاف بعقيلة الأطفال
يشير د. إيهاب ماجد إلى أن الحكمة في هذه الأمور مطلوبة كثيراً لأن سن الطفولة تتشكل فيها شخصية الطفل، وجميع الأطفال يتمتعون بدقة ملاحظة شديدة، وكل ما حولهم هو موضوع للملاحظة وللاستفسار، وفي إطار دقة ملاحظتهم هذه قد يشاهد بعض تصرفات والديه مع بعضهما في إطار علاقتهما الطبيعية دون أن يشعرا بذلك وهو لا يفهم هذه التصرفات، وبالتالي لابد له أن يسأل عنها. ونحن بدورنا يجب أن نجيب على كل أسئلتهم ولكن بقدر معقول من المعلومات التي يستوعبها عقلهم الصغير، خاصة أن النت سيجيب عن كل تساؤلات أولادنا ويفسر لهم الكثير من الأمور، وهنا ستكون المشكلة.
3- تجاهل تساؤلات الطفل
وتتفق معه الدكتورة شيماء إسماعيل، استشارية العلاقات الأسرية وخبيرة التربية النفسية للأطفال والمراهقين بالقاهرة، في أنه يجب استقبال تساؤلات الطفل باهتمام وكذلك يجب الإصغاء جيداً للطفل حين يسأل والحذر من إهماله وتجاهل تساؤلاته مهما كانت لأنها تعيد للطفل توازنه النفسي وتنمي الثقة بالنفس.
وتوضح «الأطفال حتى عمر 10 سنوات تكون أسئلتهم فضولية، ولا يعرفون عيباً في طرح أي سؤال، وهو أمر يحتاج من الآباء والأمهات التعامل مع هذه الأسئلة ولو كانت محرجة، بكل صدق وأمانة، وتقديم الإجابات المنطقية، مع تشجيعهم بدلاً من تعنيفهم عند طرح مثل هذه الأسئلة».
وتضيف «منذ لحظة الولادة والأم تلعب دور الوسيط بين طفلها والعالم الخارجي. وكلما نجحت الأم بالقيام بهذه الوساطة هيأت لطفلها الظروف الطبيعية لنموه العضوي والنفسي على حد سواء، أما الطفل فإنه ينظر لهذه الوساطة نظرة خاصة، لا تلبث أن تتغير مع بدايات نضجه. ففي البدء ينظر الطفل لأمه (لاحقاً لأبيه أيضاً) على أنها إنسان خارق، يستطيع أن يلبي له جميع حاجاته ورغباته وأنه يعلم كل شيء وعلينا أن نتوخى الحذر أن نقول للطفل إننا لا نعلم لأن بذلك ستهتز ثقته بنا».
4- تقديم معلومات مغلوطة وغير صحيحة
وتحذر الدكتورة شيماء إسماعيل الأسر من تقديم معلومات مغلوطة وغير صحيحة لأطفالهم، فمثل هذه المعلومات تترك آثاراً بالغة السلبية في نفسية الطفل وتؤثر في نموه ونضجه النفسيين.
ذلك أن طرح الطفل للأسئلة هو دليل على بلوغه مرحلة من أهم مراحل تطوره النفسي، وهي المرحلة التي يبدأ فيها باكتساب قدرة التعبير عما يعتبره مفارقات، وإدراك المفارقة هو مرحلة مهمة من مراحل تكون ملكة التفكير وتطورها. وعليه فإن طرح الطفل للأسئلة هو محاولة جادة من قبله لفهم العالم من حوله وتكوين مواقف منه، ونحن إذا قدمنا الإجابات المغلوطة لهذا الطفل فإننا بذلك نعيق هذا التطور.
كيف نتعامل مع أسئلة الطفل المحرجة؟
فتح مجال للحوار
من جانبها، تؤكد الدكتورة سهام حسن، استشارية الطب النفسي والمتخصصة في العلاج النفسي للأطفال، أن نوعية الأسئلة الفضولية تختلف وتتباين وفقاً للمرحلة العمرية و نمو الطفل حتى مرحلة البلوغ، وترى ضرورة فتح مجال للحوارات الخاصة مع الأبناء منذ عامهم الأول واختيار اللغة المناسبة والأمثلة التي نتعامل بها مع كل سن، لأن ذلك هو الذي سيجعلهم أصدقاء لنا في مرحلة البلوغ.
تثقيف الأبناء جنسياً
تقول د. دكتورة سهام حسن" ينبغي لنا أن نعلم الولد أو البنت الاختلافات الجسدية التي تطرأ عليهما وسببها، وأن نبسط لهم مسألة الزواج حسب العمر الذي تراودهم فيه الأسئلة حول هذا الأمر، ففي سن السابعة وما دونها نوضح لهم أن الأم تجري جراحة بسيطة في بطنها تخرج بها الجنين، بينما في سن العاشرة أو أكبر نوضح لهم تفاصيل أكبر إذا استدعى الأمر.
وتنصح الاستشارية النفسية الأمهات بقراءة الكثير عن الثقافة الجنسية للأبناء منذ الصغر وتوجههم، قائلة «يجب أن تعلمي طفلك أسماء كل أعضاء الجسم بأسمائها الصحيحة، فهناك بعض الأمهات يلجأن إلى ابتكار أسماء مموهة للتخفيف من حدة نطقها، خاصة في المراحل الأولى من عمر الطفل، لكن عندما يكبر الطفل ويصل إلى سن ما يبدأ عندها شرح المعلومات الجنسية بالتفصيل. أما عن أسئلة الولادة والحمل ومن أين يأتي الطفل، فيمكن إجابته بالتفصيل مع ذكر أجزاء الجهاز التناسلي بالأسماء العلمية حتى تكوين الجنين وخروجه من جسد الأم بصورة تتضح بشكل يناسب عمر الطفل، مع التشديد على حماية الطفل فكرياً من التعرض للتحرش الجنسي من أي شخص كان حتى وإن كان قريباً، بتعليمه المحظورات بالتعامل مع الناس».