كيف أعالج نفسي من إدمان "السوشيال ميديا"؟.. خطوات عملية من الدكتور عادل سجواني
هل أنت مدمن «سوشيال ميديا»؟ كم ساعة تقضيها على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل تشعر بأنك رهينة للأجهزة الإلكترونية؟ هذه الأسئلة تفتح الباب أمام مناقشة إدمان الـ«سوشيال ميديا» الذي يعتبر وباء العصر، ويهدّد صحتنا، الجسدية والنفسية، ويقودنا نحو العزلة والاكتئاب.
فلا يمكن أن نغضّ الطرف عمّا أرسته مواقع التواصل الاجتماعي من مفاهيم جديدة نسفت معها علاقاتنا الاجتماعية، وإدارتنا ليومنا، وأثّرت بشكل سلبي في حياتنا اليومية، حيث إن قضاء وقت طويل أمام الشاشات قادنا إلى منظومة حياة منعزلة، بكل المقاييس.
لطالما توقف الدكتور عادل سعيد سجواني، استشاري طب الأسرة في مستشفى ميدكلينك باركفيو، في دبي، عند تلك المسائل الحيوية التي تمسّ المجتمع.
يوضح «إدمان مواقع الـ«سوشيال ميديا» هو نوع من الاعتماد السلوكي والنفسي على منصات التواصل الاجتماعي، ويدخل ضمن الإدمان على الإنترنت، أو إدمان الإعلام الرقمي، وهو ينتشر في الفترة الحالية.
حيث إن ثمة إحصائية أجريت عام 2021 في الولايات المتحدة الأمريكية، أظهرت أنّ 10 % من الشعب الأمريكي مصابون بإدمان الـ«سوشيال ميديا»، أي ما يستهدف نحو 3 ملايين أمريكي».
بيد أنّه في دولنا العربية، لا تتوافر إحصاءات علمية ترصد تلك الظاهرة، يضيف «حالياً، لم يتم تصنيف إدمان التواصل الاجتماعي كمرض ضمن قائمة الأمراض الطبية، أو بكونه اضطراباً، والخلاف يتركز على سؤال في ما إذا كان مرضاً بحدّ ذاته، أو أنه حالة مرضية تؤدي إلى أمراض واضطرابات أخرى؟ ولكن للآن لم يتم تصنيفه كمرض بحدّ ذاته».
علامات إدمان مواقع التواصل الاجتماعي
يرصد د.سجواني علامات إدمان التواصل الاجتماعي:
- قضاء وقت طويل على مواقع التواصل الاجتماعي يفوق الطبيعي.
- شعور بالقلق في حال لم يستخدم الفرد الـ«سوشيال ميديا» لبعض الوقت، أو ما يعرف بمتلازمة «الفومو»، وهي خوف الأفراد من فوات حدث ما لا يشاركون فيه.
- عدم ممارسة الرياضة أو المشاركة في أنشطة تتطلب المشاركة.
تأثير إدمان الـ«سوشيال ميديا» في صحة الأطفال
على صعيد الأطفال، يتطرق د.سجواني إلى أمور تتعلق بالصحة العقلية، منها:
- التنمّر الإلكتروني للأطفال: يمكن للأطفال أن يتعرضوا للتنمّر، وينعكس ذلك عن طريق الاحمرار في الوجه، والارتجاف، وزيادة دقات القلب، الغثيان، صعوبة التواصل، عدم الثقة بالنفس، وهذه أمور تعتبر خطرة وتحتاج إلى تدخل سريع، بخاصة لدى فئة الشباب واليافعين
- الاكتئاب
- ضعف الإدراك
- سرعة الغضب
- عدم التركيز
- عدم الإصغاء وسرعة الانفعال: ثمة دراسات أظهرت أن للـ«سوشيال ميديا» دوراً كبيراً في فرط الحركة عند الأطفال.
مشاكل أسرية وصحية بسبب إدمان الـ«سوشيال ميديا»
وعلى صعيد الكبار، يؤدي الإدمان الإلكتروني إلى مشاكل أسرية عميقة، وكذلك مشكلات صحية ونفسية، منها:
- غياب التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة، وتدهور العلاقة بين الزوجين، وبين الأهل والأبناء، بسبب الانشغال الدائم بالـ«سوشيال ميديا»: كثير من العائلات باتت تعاني مشكلات أسرية وعائلية، لغياب التواصل حتى في الجلسات العائلية، حيث يتواجد كل فرد على التلفون، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ويبحث عن عالم افتراضي خاص به مع آخرين لا يعرفهم، في وقت يكون متواجداً جسدياً مع عائلته.
- حالات من الغضب ومن ضعف التركيز: الاستخدام المفرط للشاشات يؤدي إلى تشتت الانتباه، وبالتالي عدم التركيز، وخفض الإنتاجية عند الكبار، وضعف الأداء الأكاديمي عند الشباب، وكذلك يؤدي إلى الإجهاد العصبي الذي يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالغضب الدائم، نتيجة التعرض المستمر للمؤثرات البصرية، والصوتية، وزيادة النسيان.
- مشكلات جسدية: يعاني مدمن الـ«سوشيال ميديا» آلاماً في الرقبة، والكتف، والظهر، مشاكل في النظر، متلازمة النفق الرسغي (نتيجة الضغط على العصب المتوسط في اليدين)، شدّاً في الرقبة، والشعور الدائم بالإرهاق الشديد.
- مشكلات نفسية: مثل القلق، الوسواس، والاكتئاب، وغيرها من اضطرابات نفسية.
طرق للحدّ من إدمان الـ«سوشيال ميديا»
ولكن كيف يمكن الحدّ من إدمان الـ«سوشيال ميديا»، واستعادة التحكم في حياتنا اليومية؟
يجيب د.سجواني «لا نستطيع الامتناع عن وسائل التواصل الاجتماعي لدورها الإيجابي في استقاء المعرفة، والعلم، والتواصل، والشهرة، والحصول على المال، ولكن لا بد من طرق للتعامل مع إدمان الـ«سوشيال ميديا»، والحد منه، وأهمها:
- الاعتراف بوجود مشكلة: الاعتراف بالمشكلة يقود إلى استنتاج الحلول.
- تحديد وقت معين لاستخدام الـ«سوشيال ميديا» والالتزام به: نحو ساعتين في اليوم.
- تعلّم استثمار وإدارة الوقت.
- التبليغ في حال التعرّض لأي أذى، أو تنمّر إلكتروني.
- عدم تفعيل الإشعارات في الهاتف، أو التنبيهات، لأن هذا الأمر يصيبك بالقلق، والوسواس، حيث إيقاف الإشعارات يقلل التشتيت، وعدم اللجوء لتفقد الـ«سوشيال ميديا» بشكل مستمر.
- ممارسة الرياضة: تخصيص وقت لحياة اجتماعية واتّباع نظام صحي وممارسة الرياضة.. أمور تؤدي إلى صحة جسدية ممتازة، وكذلك إعطاء الوقت لأنشطة بديلة كالقراءة، أو تعلّم هواية جديدة.
يخلص د.سجواني إلى أن «التواصل الاجتماعي مهم، ولكن شرط ألا ينعكس بصورة سلبية على مسار حياتنا، والحل هو الموازنة بين الحياة الجسدية، والعقلية، والأسرية، والاجتماعية، والوعي بمخاطر إدمان الـ«سوشيال ميديا»، وأثرها في الحياة الشخصية، والمهنية».