يعد حفل الزفاف وما يتضمنه من تفاصيل أحد أهم اهتمامات العروس، وهو اليوم الذي تحلم أن تكون فيه كالملكة، تختار فستانها بعناية وكذلك شكل الكوشة وعدد أدوار كيكة العرس وباقات الورود.. وإذا كان تطلعها في السابق منحصراً على أن تفعل مثل إحدى أخواتها أو قريباتها أو صديقة لها، جاءت وسائل التواصل الاجتماعي لتزيد التطلعات المرتبطة بهذه المناسبة بشكل مبالغ فيه.
تقول أسماء عبدالله، 23 عاماً، «يتأثر العروسان بما يشاهدانه من مقاطع مصورة لحفلات زفاف الآخرين، الذين إما يبالغون بالفعل فيما يفعلونه لإبهار كل من يتابعهم، أو يسلطون الضوء على بعض الأمور التي تزيد فقط من التطلعات، كل ذلك ينعكس سلباً على تكلفة ليلة الزفاف، والتي ترهق ميزانية بعض الشباب بشكل كبير نتيجة تلبية كل ما تتمناه العروس لحفل زفافها، ليفرز ذلك عن مشاكل متلاحقة وديون ترهق ميزانية أسرة لم تكتمل أركانها بعد».
يضيف محمد سعيد، 27 عاماً، من واقع تجربته الشخصية «ارتبطت بخطيبتي منذ عام ونصف العام تقريباً وحالياً نؤسس بيتنا وهذه ليست المشكلة، بل ما يرهقني حقاً تطلعاتها لحفل العرس، فمرة تحدثني عن «بلوجر» صممت أن يجلب لها العريس ورود الحفل من بلد آخر كي يكون أكثر تميزاً، وأخرى أقامت حفلين باهظي الثمن في «الملجة» وفي حفل زفافها، وارتدت 3 فساتين في عرسها، وعندما أحاول أن أوضح لها أن ليس كل ما تتابعه من أخبار وفيديوهات صحيحة تأتي لي بالدليل وتريني صورهم بعد الزواج وملامح السعادة التي تظهر على وجوههم ولا أجد شيئاً سوى الصمت.. فحقاً لا يأتي من وراء هؤلاء سوى المشاكل".
تتحدث شيخة محمد الكعبي، مدربة تحفيز ذاتي، عن خطورة الانسياق وراء كل ما يعرض عبر السوشيال ميديا والذي في الغالب الأعم لا يعبر عن الحقيقة، خاصة تلك المتعلقة بحفلات الزفاف والبذخ المصاحب لها، مسلطة الضوء على الأسباب التي تؤدي بمؤثري المحتوى لفعل ذلك وتأثيره في طموحات الشباب.
لماذا يتباهى المؤثرون على مواقع التواصل بحياتهم الشخصية؟
هناك 8 أسباب وراء المبالغة في إظهار المؤثرين لكل ما يتعلق بحياتهم الشخصية:
- يفتقد بعض مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي لفهم أنفسهم وموازنة ذواتهم، ما يجعلهم يتجهون إلى ذلك البريق الزائف في أن يكونوا محط اهتمام الآخرين، فيغيرون من واقعهم ليتحول الأمر إلى هوس يسلبهم راحتهم وحقيقة من يكونون.
- عدم الثقة في أنفسهم وأنهم لا يستطيعون أن يصلوا إلى أحلامهم إلا بإظهار حياتهم للعلن، بل والمبالغة فيما يقدمونه من تفاصيل خاصة بحفلات زفافهم ومناسباتهم المختلفة، وهو ما يدفع الكثيرين إلى تقليدهم واعتبارهم مثالاً يحتذى.
- نظرتهم الدائمة التي تكسوها السلبية فتفشل مخططاتهم، إما لاعتقادهم بأنها صعبة التحقيق أو أن لا أمل في تحقيقها على أرض الواقع.
- الطمع المتحول للجشع والرغبة في الكسب السريع بغض النظر عن الخسائر في فقد المحتوى السليم والسمعة الشخصية، بحيث تكون المبالغة فيما يعرضونه من بذخ وترف مرتبط بتفاصيل أعراسهم باباً خلفياً لتحقيق ذلك.
- عدم حصولهم على الدعم العاطفي والمعنوي من الوالدين، وفقدانهم لهذه القيمة يعرضهم للدونية، مما يجعلهم يهيمون إلى العشوائية في انطلاقاتهم والجري وراء جذب الانتباه ولو بلفت النظر لصرعات جديدة خاصة بحفلات أعراسهم، في سبيل جذب انتباه المتابعين ومحاولة تقليدهم، والحقيقة أن عواقب ذلك هو السقوط السريع المؤلم لاحقاً.
- غياب الوازع الديني وتساهل الأهل مع ذلك وحجتهم كي لا يصبحوا معقدين نفسياً، فيتركونهم دون نصح أو إرشاد أو توجيه، ولا يشرحون لهم أنهم قد يكونون قدوة لمن يتابعهم فيسهمون في هدم نفسية الشباب المقبل على الزواج وسخطهم على واقعهم.
- اندثار القيم وطمس الهوية بحجة أننا نواكب التطور وكل ما يعرض مباح حتى ولو كان خارج نطاق العادات والأصول.
تقرّب من أبنائك وتعرّف إلى نقاط قوتهم وطورها
توجه شيخة الكعبي، نصيحة للآباء والأمهات، يتصدون من خلالها لمخاطر السوشيال ميديا، والتي تشكل اتجاهات بل واهتمامات أبنائهم خاصة المقبلين على الزواج وفق ما تراه مصلحة القائمين عليها.
5 نصائح لكبح جماح سلبيات مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي
- تقرّب من أبنائك وتعرّف إلى نقاط قوتهم وطورها، أرشدهم، وجههم، فهم في حاجة ماسة لمصدر دائم للأمان موثوق في رأيه يساعدهم في الوصول إلى أهدافهم وطموحاتهم، حتى لا ينساقوا وراء الخدع البراقة التي تبدو ثمينة إلا أنها بلا قيمة.
- اغرس في أبنائك أن الحياة رحلة وأنهم من يحددون ويختارون فيها ما يجعلهم سعداء من خلال الإيمان بأحلامهم التي يسعون لتحقيقها، عندئذ يستصغرون ما يقدمه المؤثرون من محتوى كاذب، وأن النجاح يأتي بالجهد والتحدي للظفر بالهدف المرجو.
- علمهم بأن صعوبات الحياة وارد أن نقع فيها، ولذلك يجب أن يكون الشخص مرناً ومتوازناً داخلياً وخارجياً وقادراً على مواجهتها وتخطيها.
- انصحهم بلطف ولين لكسب صداقتهم كي لا يقعوا فريسة لمثل هؤلاء ممن يطلقون على أنفسهم مؤثرين.
- مدوا نحوهم جسور الحوار والنقاش العميق مع استخدام العصف الذهني، والذي ينسف الكثير من المنغصات ويمهد للحلول الفريدة من نوعها.