9 ديسمبر 2020

د. حسن مدن يكتب: شتاء «كوروني» آخر

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، "يوميات التلصص".

د. حسن مدن يكتب: شتاء «كوروني» آخر

في الشتاء الماضي عندما كانت الموجة الأولى من جائحة «كورونا» تترواح بين بدايتها في بعض البلدان وذروتها في بلدان أخرى، خاصة الأوروبية منها، قيل لنا إن الصيف موعدنا، فما أن تأخذ درجات الحرارة في الارتفاع فإن الوباء سائر إلى زوال، لأن الفيروس لن يقوى على تحمل الحرارة العالية.

جاء الصيف وذهب. لكن «كورونا» لم يختف ولم يذهب. لقد ظلّ حاضراً بقوة لا تقل عن تلك التي كان عليها في الشتاء المنقضي، يحصد الأرواح، وينال من أجساد الملايين عبر قارات العالم، ولنا أن نتخيل هذا الفيروس، فيما يشبه الرسم الكاريكاتيري الساخر، ماداً لسانه شامتاً في الذين وعدوا العالم بزواله مع مجيء الصيف.

ها نحن الآن في الشتاء الثاني منذ أن ظهر الفيروس، أو على وشك الدخول فيه. الأخبار من حولنا تتحدث عن اكتشاف عدة لقاحات، لا لقاحاً واحداً فحسب في أكثر من بلد، لكن الطريق إلى إنتاج أي من هذه اللقاحات بالكميات الكافية لتلبية حاجة البشر إليه على الكوكب ما زالت طويلة، دونها عقبات وصعاب، والأرجح أن الشتاء سينتهي دون أن يكون بوسع غالبية البشر الحصول على أي من هذه اللقاحات.

ما زال الوقت مبكراً، إذاً، على أن نقول: وداعاً يا «كورونا». علينا أن نتعايش معه شتاء آخر على الأقل، وإذا كنا نحن، في بلدان الخليج، محظوظين بأن شتاءنا ليس قارس البرودة، وبالتالي بوسعنا أن نجد في الشتاء فسحاً للمتعة لم تكن متاحة في الصيف الحار الذي بالكاد صار خلفنا أو أوشك، فعلينا تخيّل أحوال تلك الشعوب التي يجلب لها الشتاء الكآبة والبرد القارس، وهي تلج شتاءها الثاني محاصرة بالفيروس، بالتزامن مع إغلاق جزئي في بعض الدول، وحظر تجول شامل في دول أخرى.

عدة نصائح يجزيها المختصون لجعل الحياة أفضل في «الشتاء الكوروني»، بينها ممارسة الرياضة في الهواء الطلق، خاصة رياضة المشي أو الجري، لأنها ليست فقط ضرورية للحفاظ على اللياقة البدنية والصحة النفسية، وإنما لأنها، أيضاً، وسيلة فعالة لكسر العزلة وقلة التواصل المباشر مع الأصدقاء وحتى الأقارب.

بالقياس للشتاء المنقضي، فإن شتاء «كورونا» الثاني يحمل آمالاً أكبر بقرب جلاء الغمة، لأن ثمار الجهود الدؤوبة التي بذلها العلماء لمواجهته بدأت تعطي أكلها، ما يجعل من وطأة المعاناة أقل، ومساحات الأمل والتفاؤل أرحب، ويحملنا ذلك على الأخذ بالنصيحة التي أوردها موقع إلكتروني، وهي «أن كل ما يحدث الآن رغم صعوبته (فترة ستمر) لتعود بعدها الحياة مرة أخرى للشكل الذي نعرفه».

 

مقالات ذات صلة