12 يناير 2022

د. هدى محيو تكتب: غلاف يصعب التخلي عنه

أستاذة وباحثة جامعية

د. هدى محيو تكتب: غلاف يصعب التخلي عنه

الجميع يعلم أن أصابع الاتهام موجهة إلى عالم الموضة في مجال الترويج لصورة المرأة النموذجية التي تبدو لنا كخيط رفيع لا شكل فيه ولا تضاريس ولا حتى سمات أنثوية. بيد أن هذه الصورة التي تؤثر في عقول النساء والمراهقات على الأخص قد تسببت أقله في تشويه صورة المرأة عن نفسها وأحدثت في أسوأ الحالات اضطرابات نفسية وغذائية وصلت في بعض الأحيان إلى نزعات انتحارية.

وفي سبيل إظهار حسن النية، قررت بعض دور الأزياء النسائية في السنوات الأخيرة، التخلي عن العارضات الشديدات النحافة لصالح أخريات ذات المقاسات الأكبر. والحقيقة أن كل شيء قد بدأ في العام 2015 مع حملة صحفية عالمية مبنية على رقم مبيعات دور الأزياء، تؤكد أن عارضات الأزياء اللواتي يشبهن لعبة «باربي» قد فقدن قدرتهن على البيع. ولم تكن العارضات الجديدات، في أغلب الحالات، من السمينات حقًا، ولكن بحجم النساء العاديات الملتفات مع احتفاظهن بجاذبيتهن كاملة.

والسؤال الذي يطرح، في ما يتعدى الاعتبارات التجارية هو: هل يجب أن نسلك مسار تقديم السمنة في الإعلانات على أنها ظاهرة طبيعية وعادية ومعيار من معايير الجمال، كما كانت في السابق، أم يجب استبعادها وإدانتها؟

من المؤكد أن بعض الأشخاص الزائدي السمنة لا يستطيعون ببساطة أن يخسروا الوزن الزائد وهم يعانون أسباباً صحية أو وراثية لا حل لها حتى يومنا هذا. ومن الطبيعي أن يعمل المجتمع على عدم جعلهم يشعرون بأنهم مستبعدون أو محتقرون أو مهملون بسبب سمنتهم المفرطة.

وفي المقابل ينبغي ألا نخطو خطوة إضافية إلى الأمام لننشر فكرة أن السمنة ظاهرة عادية ومقبولة وليس من الضروري التصدي لها ومحاربتها.

السمنة الزائدة والوزن الزائد مصدر عدد لا يحصى من الأمراض، بما فيها السرطانات والتهابات المفاصل وأمراض القلب والشرايين.. المطلوب ليس تقديم نساء مفرطات في النحافة، فهذا مرضي أيضًا في كثير من الأحيان، وليس إدانة أصحاب وصاحبات الوزن الزائد، بل المطلوب هو حثهم على إدراك الأخطار التي يعرضون أنفسهم لها والعمل على تداركها عبر حفاظهم على وزن مقبول.

المشكلة ليست سهلة لأن العلاقة مع الطعام مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمشكلات العاطفية والنفسية، والطريق طويل للوصول إلى التوازن الداخلي الذي يجعلنا نتخلى عن ذاك الغلاف الدهني السميك الذي يوحي لنا بالاطمئنان والأمان. بيد أن المكافأة في نهاية الطريق تستحق الجهود المبذولة، فهي عبارة عن حياة أقل عبئًا ووزنًا بالمعنيين المجازي والحرفي للكلمة.