دليلك الشامل لزيارة فرايبورغ.. أكبر مدن جنوب ألمانيا وأجملها
يندر أن تحظى مدينة بروعة وجاذبية وسحر مثلما هو موجود في فرايبورغ، أكبر مدن جنوب ألمانيا، فالمباني فيها لا تزال تحمل عبق التاريخ، وطبيعتها الخلابة تبدو كلوحة سوريالية، والمستقبل فيها يطل عليك بأنشطة وخطوات مستدامة في مقدمتها «المدينة الخضراء»، أما الغابة السوداء فهي حكاية لوحدها لا تمل من جمالها والأنشطة فيها.
ثقافة، رياضة، تسوق، مطبخ، تراث وتقاليد.. كل ما يتمناه السائح يحظى به هنا، بالتالي من المستحيل الشعور بالملل في فرايبورغ، بل ستتمنى لو كانت إقامتك فيها لأيام أخر.
موقع استراتيجي مثالي
يعود تاريخ المدينة إلى القرن الحادي عشر، ويظهر ذلك واضحاً من خلال المباني التي لا تزال شاهدة على عراقتها والشوارع الضيقة التي تظهر وكأنها صورة من الخيال. موقعها استراتيجي، بالقرب من المثلث الحدودي السويسري والفرنسي والألماني.
يقول عنها أهلها إنها مدينة الشمس لأنها تحظى بنور الشمس أكثر من أي مدينة أخرى في ألمانيا، هل هذا صحيح؟
عندما تزورها ستعرف الإجابة. ولكن ما هو أكيد أنها واحدة من أجمل المدن، بأنفاقها الصغيرة التي ينساب فيها الماء الصافي وتراها إلى جانبك في كل شارع تسير فيه لأنها الإرث والفولكلور للمدينة، منظر لا تجده إلا في فرايبورغ.
علاوة على الثقافة الغنية فيها والمقاهي التي تأخذك إلى عالم من الهدوء والاسترخاء الذي ينسيك كل شيء ويجعلك أسير اللحظات البديعة التي تمضيها هناك، ناهيك عن مشاهد الطبيعة التي لن تصدق عينيك جمالاً بهذه الروعة، والأطباق الساحرة والشهية التي تمنحك لذة المطبخ المحلي ونكهة مكونات طبيعية وطازجة من مزارع فرايبورغ.
متعة وترفيه ومهرجانات طوال السنة
كانت فرايبورغ سوقاً مزدحمة في العصور الوسطى، ونجحت في الحفاظ على سحرها التقليدي حتى يومنا الحاضر. لذلك ستصادف أينما ذهبت في جميع أنحاء المدينة نماذج من العمارة القديمة.
ابدأ رحلتك من المتحف الأثري، واحرص على زيارة المعالم المشهورة فيها مثل كاتدرائية العصور الوسطى، قاعة التجار القديمة، بوابات المدينة التي تمنحك شعور العودة بالزمن، بيت الحوت.
وكذلك العديد من المتاحف الأخرى. وستتفاجأ بين كل هذا بالجمال المدهش لأزقتها الضيقة وساحاتها العامة التي تضم معارض فنية ومسارح.
لمحبي الطبيعة بانتظارهم الكثير من المتنزهات والحدائق، مثل الحديقة النباتية وبحيرة وحدائق سيبارك وحديقة كولومبي وتل شلوسبرغ.
وفي آخر النهار بإمكانك التوجه نحو وسط المدينة حيث ستجد روعة التسوق بين المتاجر العالمية الشهيرة والبوتيكات المتخصصة من ملابس وأكسسوارات ومجوهرات وتذكاريات.
تجربة تسوق استثنائية
وفي كل يوم، ستحظى بتجربة استثنائية مع منتجات زراعية ومشغولات يدوية ومنتجات منزلية.. جميعها محلية، تجدها داخل السوق المحلي الذي يقام عند «مونستربلاتز»، أما سوق الأنتيكات فموقعه في «بيترسبلاتز» حيث بإمكانك هناك الحصول على أشياء تروي سيرة المدينة وأهلها وحياتهم اليومية، بسعر يمكنك التفاوض بشأنه.
وعند الانتهاء من جولتك، ستجد عدداً كبيراً من المقاهي والكافتيريات والمطاعم لمختلف الأذواق، بطابع محلي أو عصري، تقدم لك مزيجاً من الراحة والاسترخاء مع المتعة والترفيه.
فرايبورغ مدينة نشطة، فروزنامة الأحداث والفعاليات والمهرجانات فيها تجعلها نابضة بالحياة لتمنح سكانها وزوارها فرص الاستمتاع والتسلية طوال السنة، مثل:
- المسيرات الكرنفالية في فبراير.
- حفلات الاوركسترا في مارس.
- مهرجان فرايبورغ في أبريل.
- مهرجان الخريف في مايو.
- مهرجان منتصف الصيف في يونيو ومهرجانين في يوليو وأغسطس.
- مهرجان الجاز في سبتمبر.
- مهرجان أكتوبر.
- مهرجان الرسومات التوضيحية في نوفمبر.
- سوق رأس السنة في ديسمبر.
الغابة السوداء.. مغامرات ومناظر مذهلة
الكثير منا سمع عن، أو حتى شاهد، الغابة السوداء في المسلسلات والأفلام، غالباً ما تكون مصحوبة بخرافات وقصص السحر والرعب والغموض، لذلك أطلق عليها الرومان هذا الاسم وكذلك بسبب كثافة أشجارها التي تبدو من بعيد وكأنها سوداء.
ولكن هذه الغابة الواقعة على نهر الراين هي على العكس من ذلك. فالكثير من الأشخاص باتوا اليوم يبحثون عن مكان ينقطعون فيه عن حياة السرعة والتوتر واللهاث اليومي، والغابة واحدة من أروع الأماكن التي توفر لزوارها فرصة الشفاء بقوة الطبيعة من خلال المشي الهادئ بين الأشجار وسماع حفيف أوراقها وخرير مياه جداولها وشلالاتها وتغريد الطيور على اختلاف أنواعها ورؤية نباتات لم تكن من قبل تراها.
مغامرة لن ينساها أي شخص خاصة مع اندماجه في أنشطة الغابة. ومن يبحث عن متعة أكبر له ولعائلته فهناك الدراجات الهوائية والكهربائية، التي تأخذه في مسارات ساحرة في الهواء الطلق داخل الغابة، ومن يود خوض التحدي مع أصدقائه فعليه بتسلق التلال والهضاب داخل هذه الغابة مترامية الأطراف.
ومن معالم الغابة السوداء التي لا بد أن يستمتع بها جميع أفراد العائلة عربات التلفريك التي تمنحهم مناظر مذهلة من الأعلى للمدينة ووادي الراين على ارتفاع 465 متراً، إضافة إلى فرصة تناول العشاء في هذا المكان الساحر.
وتستوعب عربة التلفريك الواحدة 25 شخصاً مع تسهيلات لصعود الكراسي المتحركة وعربات الأطفال.
أطباق من المزارع مباشرة
أول ما سيثير انتباهك وإعجابك فيما يخص إعداد الطعام في فرايبورغ هو الاعتماد على منتجات طازجة من المزارع المحلية التي بالتأكيد ستشاهدها على مد النظر، وكذلك منتجات ألبان محلية ستميزها حتماً من نكهتها.
وبفضل الخيارات المحلية العديدة للزراعة في فرايبورغ، ستجد تنوعاً مثيراً وشهياً للغاية من الأطباق، وهناك أيضاً ستجد مطاعم الوجبات الحلال.
المطبخ المحلي يعتمد على مكونات بسيطة ولكنها شاملة، وعلى الرغم من عشرات الأطباق التي ستقدم على طاولتك أثناء الزيارة، إلا أنك لا بد حتماً أن تسأل عن الأطباق التالية وتجربها:
- سباتزل – نودلز البيض الطري مع رشة خفيفة من الجبن و/أو الخضروات.
- براجيل – طبق ثانوي من البطاطا المقلية، يكون مثالياً عندما يقدم مع طبق اللحم.
- فلامكوخن – النسخة المحلية للبيتزا، تحتوي في الطبقة العلوية على شرائح بصل، لحم، قشدة حامضية وجبن، وهي وجبة خفيفة في كل وقت.
- كيكة الغابة السوداء – واحدة من أشهر الحلويات في فرايبورغ.
- كيرشنميشيل – حلوى أخرى لذيذة للغاية تشبه بودينغ الخبز، تقدم دافئة وفي الأعلى منها يوضع التوت أو المكسرات أو الفانيلا.
ساعات «كوكو» والزجاجيات اليدوية
أكبر "ساعة كوكو" في العالم
الزائر لمدينة فرايبورغ سيلاحظ أن ساعات طائر الوقواق، الشهيرة بساعات «كوكو»، في كل مكان، صغيرة وكبيرة، ضخمة وبسيطة.
والمثير أن واحدة من أهم فقرات السياحة هنا هي زيارتك لورشة صناعة هذه الساعات التي يعود تاريخها إلى عام 1885 وهو معمل أوغست شوير الذي لا يزال بإدارة عائلة ويقع في شونوالد، في قلب الغابة السوداء.
بإمكان الزائر التجول في معرض المصنع وورشة العمل فيه والاطلاع على تفاصيل صناعة الساعة التي أصبحت واحدة من أشهر الصناعات الألمانية، والسبب تفاصيلها الدقيقة وصناعتها يدوياً وموادها التي تأتي من الغابة السوداء نفسها، لذلك حصلت هذه الساعة على جائزة ساعة العام لثمان سنوات.
كما أن واحدة من أهم صناعات الغابة السوداء هي الزجاجيات، وجولة واحدة في مصنع «دوروثينهات» تكفي السائح للانبهار بهذا المكان، حيث يوفر معرضاً لتاريخ هذه الصناعة علاوة على فرصة مشاركة السائح في صناعة مزهرية مثلاً بطريقة النفخ، أو الرسم على الزجاج، وكذلك الاطلاع على كيفية صنع مختلف أنواع الزجاجيات من البداية وحتى خروجها للسوق وجميعها يدوياً.
حي فوبان.. مدينة المستقبل الخضراء
النقل الأخضر في مدينة المستقبل "فوبان"
يعتبر حي فوبان السكني في فرايبورغ من أفضل نماذج مدن الاستدامة في عالم اليوم، بحيث إنه بات وجهة سياحية لا بد أن يطلع عليها كل زائر لهذه المدينة الجميلة. من مزايا هذا الحي أنه يدار من قبل سكانه عبر جمعية خاصة بهم يتخذون فيها القرارات التي تناسب الصفة الخضراء للحي. وسائل النقل العام من النوع الصديق للبيئة، ومشهد الترام وهو يشق طريقه وسط الأعشاب الخضراء لا يصدق، وسيارات السكان غير مسموح لها بالوقوف فيها بل داخل موقف خاص على طرف الحي الذي يضم شبكة واسعة من المسارات المخصصة للمشي والدراجات الهوائية لأن جميع المتاجر والمدارس والأعمال يمكن الوصول إليها مشياً.
البنايات خضراء من الداخل والخارج في "فوبان"
لذلك فإن 70 بالمئة من سكان الحي لا يمتلكون سيارة. جميع المباني هنا من النوع الذي يلبي المعايير الخاصة لاستهلاك الطاقة إلى أقل حد، وللحي نظام مجاري بيئية فريد من نوعه حيث يتم سحب الفضلات ونقلها إلى «هاضم» خاص يحولها إلى غاز بيولوجي يستخدم في الطبخ.
أما عن الأشجار والنباتات والساحات الخضراء العامة والخاصة، فحدث ولا حرج.
أفضل وقت لزيارة فرايبورغ
بسبب موقعها الجغرافي المتميز، فإن فرايبورغ تنعم بطقس معتدل على مدار السنة، فهي المدينة الأكثر نوراً في ألمانيا. أفضل أوقات زيارتها في أواخر الربيع والخريف، الشهر الأكثر إشراقاً فيها هو الصيف، والشهر الأكثر جفافاً هو مارس. ولمن يخطط لنشاطات خارجية فإن أبريل ومايو وأكتوبر هي الأشهر المناسبة.
الوصول إلى المدينة
من مزايا فرايبورغ الكثيرة أن الوصول إليها أسهل، وبطريقة أجمل، من أي مدينة أخرى في ألمانيا وأوروبا. فمطار بازل مثلاً، في سويسرا، يبعد عنها 75 كيلومتراً فقط، وتتصل بمدن أوروبا بواسطة شبكات قطارات، مثل ميلانو وباريس وأمستردام التي تبعد عنها بين 3.5 إلى 6 ساعات فقط.
وهناك قطارات مباشرة تغادر منها إلى مدن أقرب مثل بازل وبرلين وزيورخ وكولونيا. وبمجرد وصولك المدينة يمكنك استخدام نظام النقل العام الرائع ورخيص الثمن، أو التجول على الأقدام لأن الكثير من المناطق السياحية فيها ضمن مساحة صغيرة يسهل الاستمتاع بالمشي فيها.
ولا تنس أن هناك التلفريك الذي يطل بك على مناظر لن تصدق روعتها في الغابة السوداء. أما المبيت، فالفنادق هناك من كافة المستويات وأسعارها في متناول يد كل السياح سواء داخل المدينة، أو خارجها عبر الأكواخ والنزل القابعة في أحضان الطبيعة.