08 يونيو 2022

جولة في أعماق التاريخ داخل متحف الشيخ صقر بن محمد القاسمي

محررة في مجلة كل الأسرة

جولة في أعماق التاريخ داخل متحف الشيخ صقر بن محمد القاسمي

في متحف الشيخ صقر بن محمد القاسمي، في منطقة سيح البريرات بإمارة رأس الخيمة، تتجسد أصالة الماضي بكافة مكوناته وتفاصيله ويغوص بنا في عمق التاريخ ليعود بنا لذلك الزمن الجميل، كاشفاً عن خباياه بمقتنيات فيها صور وملامح من حياة الآباء والأجداد ، هي حصيلة سنوات طويلة جمعها صاحبه محمد أحمد علي بن حجر الشحي وكللها بافتتاحه عام 2014.

جولة في أعماق التاريخ داخل متحف الشيخ صقر بن محمد القاسمي

4200 قطعة نادرة من الفخاريات

هذه الهواية لم تأتِ من فراغ، فقد حرص الشحي ولفترة غير قليلة من الزمن على مشاركة والده البحث عن القطع النادرة من الفخاريات قبل أن تتمخض فكرة إنشاء المتحف ويشرع في تنفيذها باقتناء أكثر من 4200 قطعة مختلفة ترسم ملامح البيئات المحلية القديمة جمعها من داخل الدولة وخارجها. يشير إلى أن الهدف من تسمية المتحف باسم الشيخ صقر بن محمد القاسمي «رحمه الله»، ما هو إلا تخليد وتثمين لدور هذه الشخصية في إرساء قواعد قيام دولة الإمارات ومكانته الكبيرة لدى سكان وشعب إمارة رأس الخيمة.

جولة في أعماق التاريخ داخل متحف الشيخ صقر بن محمد القاسمي

البيت الإماراتي القديم

لم يبخل الشحي في تخصيص جزء من منزله لإقامة المتحف وتخصيص مدخل خاص به، فمنذ الوهلة الأولى يرصد الزائر مدى الدقة في التنظيم والاهتمام في طريقة ترتيب المقتنيات الموزعة على ثلاثة أقسام شملت جميع البيئات المحلية الإماراتية، وتوثيق البيت الإماراتي القديم، ومن المطبخ الإماراتي تحديداً، أو «واقع التراث الإماراتي» كما وصفه.

جولة في أعماق التاريخ داخل متحف الشيخ صقر بن محمد القاسمي

اطلعنا على مجموعة كبيرة من الفخاريات مختلفة الأشكال والأحجام منها «اليحلة» زير ماء صغير مصنوع من الطين المحروق يجمع فيه الماء المتساقط من «الحب» داخل إناء كبير توضع فيه كميات كبيرة من الماء، إلى «البرمة» وهي آنية مصنوعة من النحاس لتبريد الماء تعود صناعة بعضها إلى قبل 200 عام، وقدور الطهي، وصواني نحاسية بزخارف ونقوش مختلفة، و«المخضة»، كيس من جلد الماعز يستخدم لتحويل الحليب إلى لبن رائب.

جولة في أعماق التاريخ داخل متحف الشيخ صقر بن محمد القاسمي

القهوة العربية

تقديم وشرب القهوة العربية جزء من طقوس البيوت الإماراتية المعروفة بـ «السنع»، لذلك في متحف الشحي نجد دلال القهوة مختلفة الصنع، منها الإماراتية والبغدادية والشطراوية، نسبةً لمنطقة الشطرة المعروفة بصناعة دلال القهوة في العراق»، وما يزيد على 250 فنجان قهوة بأشكال فريدة ومميزة يعود بعضها لفترة تولي الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان الحكم، وما يقارب 20 محمصة لصنع القهوة، أربع قطع منها عثمانية الصنع.

جولة في أعماق التاريخ داخل متحف الشيخ صقر بن محمد القاسمي

الحرف الإماراتية

لم يغفل الشحي عن رصد أهمية وتأثير الزراعة في تأمين مصادر القوت اليومي إلى جانب صيد السمك وتربية الأغنام في حياة الآباء والأجداد عبر تخصيصه «سرداب»، غرفة تحت الأرض، لاستيعاب أكبر عدد من المقتنيات منها المحراث وأدوات السقي، والدلو، والقراب، جمع «قربة»، و«قبان» مصنوع من النحاس، أداة تستخدم لوزن الأشياء الثقيلة.

كما يزين جزء من جدران السرداب بعض السيوف والخناجر الإماراتية المطلية بالذهب والفضة وأخرى من صناعة يهود اليمن وأحزمة ورماح مصنوعة من الحديد وسهام يعود تاريخها لخمسة آلاف عام مصنوعة من الحجر وأدوات خزن البارود ومخطوطات ومداخن حجرية يهودية، وكذلك كتابات يهودية مخطوطة على حجر المرمر، وعملات يعود تاريخها لعصر ما قبل الإسلام، وأختام عثمانية وأخرى حجرية يمنية وعراقية وخواتم قديمة.

جولة في أعماق التاريخ داخل متحف الشيخ صقر بن محمد القاسمي

ركن خاص يسرد تفاصيل حياة المرأة الإماراتية

في جانب آخر من جوانب المتحف خصص الشحي مكاناً خاصاً بالمرأة يسرد تفاصيل حياة المرأة «يضم الملبوسات بألوانها وتفاصيلها الجذابة وخلاخل وأدوات الزينة وأحزمة ومباخر مصنوعة من الفضة حيث تبرز اهتمام المرأة الإماراتية بالبخور كجزء أساسي لا تستغني عنه في حياتها اليومية ومناسباتها الخاصة».

جولة في أعماق التاريخ داخل متحف الشيخ صقر بن محمد القاسمي

في متحف الشيخ صقر بن محمد القاسمي لا يمكن حصر تنوع القطع التي تغوص في أعماق التاريخ وتنقلنا لتفاصيل الماضي، فقد احتفظ الشحي بأكثر من 70 نوعاً من أنواع علب الكبريت ومحابر حضرمية و«بياجر»، جهاز آلي استخدم قديماً لإرسال نداءات على شكل رسائل قصيرة، وهواتف قديمة وطوابع ولوحات لأرقام سيارات وهرم خشبي من أربعة أجزاء للأحجار الكريمة كالعقيق اليمني والبرازيلي، الكوارتز والياقوت وحجر كتب عليه «الله محمد» بطريقة طبيعية تكبد لأجل شرائه عناء السفر إلى الملكة الأردنية الهاشمية، هذا الفرق الذي رصده الشحي في جمعه للمقتنيات بين معاناته في السابق مضطراً للسفر والبحث عن القطع الثمينة وبين ما يعيشه في الوقت بوصولها إليه من المتاجرين بها دون عناء أو تعب.

*تصوير: السيد رمضان