01 يونيو 2023

"الفومو" وضعف الثقة بالنفس.. أسباب تمنعنا عن قول كلمة "لا"

محررة في مجلة كل الأسرة

تعتبر كلمة «لا» من الكلمات المفتاحية لإبعاد الضغوط عنا أو حتى لرفض ما لا يتناسب مع واقعنا، ظروفنا وقدراتنا. بيد أن متلازمة إرضاء الآخرين قد تفرض علينا الرضوخ دوماً، لترافقنا «نعم» في كل الأوقات.. فلماذا لا يستطيع البعض قول «لا»، ولو جاء ذلك على حسابه نفسياً وجسدياً؟

الدكتورة منال نابلسي
الدكتورة منال نابلسي

تحلل الدكتورة منال نابلسي، مدربة في تطوير الذات ومهارات الحياة، أبعاد الشخصيات التي لا تستطيع قول «لا»، قائلة «هم أفراد تتسم شخصياتهم بمحاولة إرضاء الغير، حيث يتلمسون سعادتهم من خلال تحقيق سعادة الآخر ويتملكهم الخوف من انتقاد الآخرين لهم ورغبتهم في الحصول على محبة الأفراد، حيث يتوهمون عدم تقبلهم لهم أو الشعور بالضيق منهم أو تكوين فكرة خطأ عنهم، ما يقودهم إلى ترداد «نعم» على الدوام».

وتلفت «من لا يستطيع قول «لا» للآخرين قد يعاني «الفومو»، وهي ظاهرة الخوف من ضياع شيء ما، بحيث تلازمه كلمة «نعم» مع الآخر لخوفه ألا يكون جزءاً من هذا المجتمع وألا يشارك في نشاطاته لدرجة يستحضر قيمته من خلال الآخر. فكثيرون لا يشعرون بقيمة ذواتهم ويفتقدون الثقة بأنفسهم، ما يجعلهم مجبرين على قول «نعم» على الدوام لكون صورتهم عن ذاتهم محطمة».

كما تلعب البيئة دوراً محورياً «كمجتمع عربي، نشأنا على عدم قول «لا» لأحد من باب العيب وعدم رفض أي طلب وإعطاء الآخرين ما يرغبون فيه لخوفنا من انتقاد المجتمع ورغبة منا أن نترك صورة جميلة عن أنفسنا».

من تداعيات قول "نعم" دوماً، خسارة الفرد لهويته الخاصة وضعف الثقة بنفسه والشعور بالتوتر والاكتئاب

ومن هذا المنطلق، ترصد د.نابلسي تداعيات هذا التوجه على الأفراد أنفسهم:

  1. تولد علاقات تتسم بالصعوبة لجهة تلاعب الآخرين بهم.
  2. شعور بالتوتر على الدوام، لكون لا أحد يهتم بمشاعر هذا الفرد في وقت يسعى طول الوقت لإرضاء غيره.
  3. الشعور بالاكتئاب والشعور بالوحدة، بحيث يشعر الفرد بأنه يفهم الآخرين في وقت لا يجد أحداً يفهمه.
  4. خسارة هويته الخاصة أو الصورة الذاتية لنفسه، بحيث لا يعرف ماذا يريد ولا يسعى إلى اكتشاف ذاته.
  5. ضعف الثقة بالنفس، لدرجة يصل إلى مرحلة يرى أن حياته بلا معنى عملياً، اجتماعياً أو عاطفياً، بحيث يعطي على الدوام ولا يرفض أي طلب، ما يفقده الثقة بنفسه ويشعره بأنه غير مرغوب فيه، ويقوده إلى الانطواء على نفسه والانعزال عن المجتمع بطريقة ما.

تحدي مخاوفنا

ولكن ما الخطوات الواجب اتباعها لنبدأ بقول لا؟

توجهنا د. نابلسي ببعض خطوات تساعدنا على قول «نعم» لأنفسنا و«لا» للآخرين:

  • حوار داخلي يعكس الذات الداخلية وماهية القيم والمعتقدات والمخاوف التي تعيقني من قول لا للآخر، مثل «يهجرني»، «يتحدث عني بالسوء»، «يرفض التعامل معي».
  • التركيز على المعتقد الخطأ الذي تمت برمجته في العقل والذي يعيقني عن قول «لا» في وقت من المفترض أن أقولها وبكل قوة.
  • التركيز على تحدي المخاوف وليس تحدي الأفراد الذين أخاف أن أقول لهم «لا»، بحيث تكون البداية بتحدي خوفي الداخلي والقدرة على الرفض.
  • تدوين المخاوف على ورقة وتدوين أسوأ الاحتمالات القائمة في حال واجهت بـ«لا» ورصد ردات فعل الأفراد عند الرفض، بحيث قد أكتشف أني ألعب سيناريو خطأ ويمكن أن أكون أكثر واقعية.
  • تعزيز ثقتي بنفسي أكثر والامتناع عن قول «نعم» إرضاء للآخرين على حساب نفسي، بل التماهي مع رغبتي وقناعاتي.
  • محاكاة مبادئي والعمل على مخاوفي وتعزيز حبي لذاتي ووضع «حدود صحية» بيني وبين الآخرين.

تخلص د. نابلسي «أفضل علاقة في حياتنا تبدأ مع ذواتنا لنستطيع تقييم أنفسنا بطريقة صحيحة ونرى انعكاس ذلك على علاقاتنا وليرانا الآخرون بطريقة صحيحة كما نرغب».