يعتبر «أسبوع مستقبل المناخ» الذي عقد في متحف المستقبل بدبي، بالتعاون مع مؤسسة «فكر»، مرتكزاً أساسياً وصورة تمهيدية ضمن استعدادات الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف «COP 28» في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
فيما يلي، إضاءات على هذا الأسبوع الذي قدم صورة مصغرة عن حوارات عالمية حول المناخ والاستدامة:
1- إقامته في متحف المستقبل وفي دبي: لإقامة هذا الأسبوع في متحف المستقبل دلالاته العميقة لتماس هذا الحدث مع أهداف إقامة «أجمل مبنى على وجه الأرض» بحيث يتبع معايير الاستدامة في كل مرافقه وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة في مواجهة تحديات كوكب الأرض، وبداخله «مختبر إعادة تأهيل الطبيعة» لتعريف زواره بمفهوم الطبيعة ومسؤولياتهم تجاهها وتحفيزهم على اتباع الحلول المستدامة.
2- توقيته: أتى انعقاد هذا الحدث مع استضافة الإمارات لمؤتمر الأطراف «COP 28»، ويعد ذلك ضمن الاستعدادات العملية والنقاشات المستمرة حول تأثيرات التغير المناخي وعرض الحلول المستدامة وتوظيفها في مجالات الإبداع والزراعة والاقتصاد وغيرها.
3- الحضور النوعي: استضاف «أسبوع مستقبل المناخ» شخصيات قيادية وحكومية ومسؤولين وخبراء في مجالات المناخ والاستدامة من المنطقة والعالم، منهم الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وهو الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف «COP 28»، الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، وتحدث عن مستقبل التجارة العالمية المستدامة، كما تناول عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، موضوع أهمية توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في ابتكار حلول جديدة من أجل مواجهة تحديات التغير المناخي.. إلى جانب شخصيات بارزة في المجال البيئي.
بدوره، توقف خلفان بلهول، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، عند ملامح الماضي بما تحمله من إرث مستدام ورؤية استشرافية إثر قيام اتحاد أرسى دعائمه الآباء المؤسسون، مستعرضاً مسيرة دبي في مجال الاستدامة واستمرارية هذه المسيرة والتعاون من أجل تحقيق مستقبل أفضل، في حين لفت عصام كاظم، المدير التنفيذي لمؤسسة دبي للتسويق السياحي، إلى «أن دبي تعتبر أول مدينة في العالم تجسد متطلبات الاستدامة كجزء أساسي من نظام تصنيف الفنادق وتسهم في تحقيق المبادرة الاستراتيجية للحياد الكربوني 2050».
4- حقائق صادمة عن الماء والتلوث والبلاستيك والكثير من الوقائع والإحصائيات الصادمة التي قدمها «أسبوع مستقبل المناخ»: وعلى سبيل المثال، وضع أمين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) نجيب صعب، الإصبع على الجرح عبر أرقام بينت التفاوت الهائل بين الدول العربية في نسبة المياه العذبة، إذ «يوجد 14 بلداً عربياً من ضمن الـ 18 بلداً حول العالم ندرة في المياه العذبة، حيث بلد مثل الكويت لا تتجاوز حصة الفرد فيه من المياه الطبيعية 4، 5 متر مكعب، فيما يصل نصيب الفرد في موريتانيا نحو 3000 متر مكعب».
هذه الأرقام لا تقف عند حد المياه العذبة بل تأثيرات التغير المناخي على الغذاء، الزراعة، وكوارث طبيعية، وثمة دراسات تلفت إلى أن بعض دول الخليج قد تتجاوز درجات الحرارة فيها 60 درجة مئوية بحلول منتصف القرن الجاري.
5- تجارب ملهمة وحلول مستدامة: الكثير من التجارب المبدعة وحلول الاستدامة وابتكارات وتقنيات قدمت خلال الجلسات وورش العمل، وهي تقنيات تم توظيفها لمواجهة تغير المناخ، منها قصة توبي غريغوري، مؤسس فريق التجديف العربي لعبور المحيط، الذي أكد أن الوضع البيئي للكوكب في حالة صعبة جداً وعلينا بذل جهود أكبر لمعالجة مشكلاتنا البيئية وتمهيد الطريق نحو مستقبل أفضل.
وكان غريغوري قد قام بإنجازات كبيرة في رحلته من المحيط الأطلسي إلى مؤتمر الأطراف عبر تعزيز الوعي من خلال حملة البحار النظيفة بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة
ليلى عبداللطيف تشرح رؤيتها حول البيئة والتغيرات المناخية
6- المرأة الإماراتية حارسة للبيئة وعنصر حيوي في التوعية والابتكار: ألقى هذا الحدث الضوء على شخصيات نسائية ملهمة، بينهن ليلى مصطفى عبد اللطيف، مدير عام جمعية الإمارات للطبيعة، التي كانت لها مشاركة واضحة المعالم والاستراتيجية شرحت فيها جهود الدولة في ابتكار منتجات عملية لدعم النظام البيئي، مؤكدة «أننا محظوظون في الدولة بوجود نظم البيئة الساحلية التي تتكون من أشجار المانغروف وخلايا الأعشاب البحرية في المستنقعات المالحة، وهي بمثابة الرئة الخضراء للمنطقة».
الحدث أطل أيضاً على مسيرة الدكتورة عائشة عبدالله الخوري كباحثة ومهندسة وعالمة إماراتية، حيث قادتنا إلى رحلتها الملهمة في محاولة صياغة مستقبل أخضر، إذ «شغفها بالكيمياء قادها إلى تطوير محفزات لتثبيت ثاني أكسيد الكربون واستخدام هذه المحفزات يقلل من كمية استخدام الطاقة عند تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى ميثان».
كما حضرت فعالية «شعر البيئة والطبيعة» من خلال مشاركات نسائية للفنانة والشاعرة الإماراتية شما البستكي والشاعرة عفراء عتيق.
جانب من المعرض
7- معرض التصوير الفوتوغرافي: تكمن خصوصية هذا المعرض كونه ضم أسماء مصورين إماراتيين تماهوا مع جماليات الطبيعة والبيئة الإماراتية ورصدوا تأثيرات التغير المناخي في مختلف العالم العربي. وهؤلاء المصورون هم نورة النيادي عبيد البدور وحامد مشربك.
والتقط كل من المصورين صوراً من أماكن مختلفة وركزوا إما على بعض «أعراض» التلوث البيئي أو على «فرادة» الكائنات التي تم تصويرها من نباتات فريدة وأشجار نخيل منمقة و«تناغم مذهل» مع المناظر الطبيعية.
8- مهرجان أفلام المناخ: السينما تخدم المناخ وتبث الوعي في عقول وقلوب الشباب الذين اجتذبهم الحدث وبالأخص مع الحضور الطلابي المكثف. فالأفلام تطرقت إلى انعكاسات التغير المناخي على البيئة ضمن قالب سينمائي درامي يحاكي جميع الفئات والتوجهات. وتنوعت الأفلام المناخية بين عربية وأجنبية من لبنان (كوستا برافا) حيث تحاول عائلة الهرب من التلوث والاضطرابات الاجتماعية في مدينة بيروت إلى بيت جبلي تم بناؤه من قبل الأسرة لسنوات. M'HAMID OASIS فيلم يطل على أعمال الترميم في الواحات النائية في وادي درعة على حافة الصحراء الكبرى في المغرب، إلى أفلام تواكب التأثيرات الثقافية للتغير المناخي في جبال روكي الكندية، إلى مكافحة ذوبان القمم الجليدية.
9- البعد الإنساني: في مبادرة لافتة، استعرض أسبوع «مستقبل المناخ» في متحف المستقبل صوراً من مأساة ليبيا حيث إغفال تداعيات التغير المناخي أدى إلى مشاهد كارثية عرضت على شاشة كبيرة، كما تم عرض فيلم قصير يوثق مسار المساعدات الإنسانية والإغاثية التي أرسلتها الإمارات، في دعوة إلى استمرار التضامن مع ليبيا وضحاياها والنظر مطولاً إلى تأثير التغير المناخي في حياتنا.
* تصوير: صلاح عمر