المصمم الإيطالي روبرتو بالومبا: على المصممين الجدد ربط ابداعاتهم بالإستدامة فهي ضرورة لاستمرار البشرية
شارك روبرتو بالومبا، المهندس المعماري والمصمم العالمي المعروف، في تأسيس استوديو بالومبا سيرافيني أسوشياتي في عام 1994 في ميلانو، وهو استوديو تصميم مشهور بمشاريعه المبتكرة في مجال التصميم الداخلي، والعروض، والتصميم الصناعي، والمعمار على مستوى العالم. كما جعل إبداع روبرتو منه استشارياً مطلوباً ومديراً فنياً لشركات تصميم راقية، حيث تعاون مع علامات تجارية دولية ذائعة الصيت..
وضمن فعاليات أسبوع دبي للتصميم الذي أقيم مؤخراً، كان لنا هذا الحوار الحصري مع روبرتو بالومبا، للتعرف أكثر إلى شغفه وقصة نجاحه:
زوبرتو ولودوفيكا بالومبا
روبرتو بالومبا
كيف اكتشفت شغفك بعالم التصميم؟
شغفي بالتصميم متجذّر بعمق منذ نعومة أظفاري. واختياري للتصميم لم يكن نتيجة قرار واعٍ فقط، بل كان المجال الذي لطالما رغبت في دخوله. فمنذ نشأتي الأولى، كنت أعلم أن التصميم سيكون مهنتي المستقبلية. وقد أثّرت نشأتي في مزرعة في الريف الإيطالي الجميل بشكل كبير في أفكاري، حيث كانت الطبيعة والمناطق المحيطة بها مصدر إلهامي لدخول مجال التصميم.
كيف أثّرت نشأتك في بلد الفن والجمال إيطاليا في دخولك هذا العالم؟
لقد أثّرت نشأتي كصبي مُفعم بالطاقة في الريف الإيطالي بشكل كبير في دخولي عالم التصميم، حيث كان للطبيعة المحيطة دور كبير في تغذية طفولتي بالإبداع. وقد ساهمت كل هذه العوامل في خلق إحساس بالحريّة داخلي، وهو ما يظهر اليوم في أسلوب التصميم الخاص بي. ويمكنني القول أنّ الجمال الفني في إيطاليا وريفها الساحر ورقيّها متجذّر بعمق في عقلي الباطن، حيث تشكل مزيجاً متناغماً دائماً ما يؤثّر في نظرتي الجماليّة وفلسفتي في التصميم.
كيف تصنف نفسك كمصمم داخلي، وما هي فلسفتك في العمل؟
يشبه دوري كمصمّم داخلي إلى حد كبير دور قائد أوركسترا، يلعب كل عنصر فيها دوراً فريداً. والحصول على التصميم الجيد لا يحتاج إلى التنسيق بين الأشخاص فحسب، بل يتطلّب أيضاً تحقيق التوازن المثالي بين الجماليّات، وسهولة الاستخدام. ولتحقيق ذلك، يجب أولاً أن نفهم كيف يمكن للتصميم أن يخدم غرضه على أفضل وجه، وكيف يمكن لكل عنصر أن يلعب دوره بشكل مثالي.
ما هو الستايل المفضل لديك؟
أنا أميل عموماً إلى الأساليب التي تجسّد البساطة والأناقة والاستمراريّة وسهولة الاستخدام. وتروق لي هذه الأساليب لأنها تخلق تصاميم عمليّة ومستدامة. وفي رأيي، تعتبر الجودة هي مفتاح الحصول على تصميم جيّد ومتكامل. فبغضّ النظر عن أسلوب التصميم، يجب دائماً أن تكون الجودة هدفه. لا أعتقد أن هناك تصميما سيئاً، أو أسلوباً سيئاً، ولكن يمكن أن تكون هناك جودة رديئة فقط. وسواء كان الأسلوب تقليدياً، أو معاصراً، أو أي نمط آخر، فإن الحصول على التصميم المثالي يتطلّب وجود الأمانة والأصالة لدى المصمم.
يمكن لأي شيء من حولي أن يكون منبعاً للأفكار والابتكار، بما في ذلك رحلاتي حول العالم
ما هي مصادر الهامك التي تستوحي منها الأفكار عادة؟
أستمدّ الإلهام من كل ما حولي، ومن كل ما أقوم به واختبره. ويمكن لأي شيء من حولي أن يكون منبعاً للأفكار والابتكار، بما في ذلك رحلاتي حول العالم، وتفاعلاتي مع أشخاص من خلفيات مختلفة، واستكشاف أماكن وثقافات جديدة. وعندما ابدأ مشروعاً جديداً، أحاول فهم متطلباته الفريدة لتحديد مصدر الإلهام الذي قد أحتاج إليه. ويعتبر التأمل الذاتي أحد أهم الخطوات التي اتّبعها للبحث عن مصادر جديدة لإلهام تصاميمي، حيث أحاول قدر الإمكان الاستفادة من الأفكار والعواطف التي تخطر في بالي.
كيف تستطيع مواكبة التطور والتغيير السريع في مجال عملك؟
تتطلب الريادة في عالم التصميم الاستمرار في التعلّم واستكشاف العالم والتسلّح بالفضول ورفض البقاء في منطقة الراحة التي، في رأيي، قد تؤدّي إلى تراجع الإبداع. وأعطي الأولوية للتعلّم المستمر، وصقل المهارات للبقاء مطّلعاً على آخر التحديثات في مجال التصميم، والسفر لتنمية الحس الإبداعي.
تعمل كمستشار أو مدير فني للعديد من العلامات العالمية، حدثنا عن ذلك أكثر؟
في دوري كمستشار ومدير فنّي للعديد من العلامات التجارية العالمية، كان لخلفيّتي الإيطالية دور كبير في إتّباعي لنهج شامل في التصميم. وعدا عن تصميم منتجات عالية الجودة، فإنني أعطي الأولوية للحفاظ على البيئة. وكمدير فنّي، تكمن أهميّة التصميم في صياغة روايات مقنعة للعلامة التجارية لضمان التواصل الفعال مع المستخدمين. ولا يتعلق الأمر بالمنتج فقط، بل يمتد إلى تعزيز التواصل من خلال سرد القصص والحفاظ على القيم الأخلاقية في كل تصميم، ما يعكس جوهر وجهة نظري كمصمم إيطالي: التفاني في التميز، والاستدامة في كل جانب من جوانب تمثيل العلامة التجارية.
ماذا يمثل لك التعاون مع علامة شهيرة مثل «إيديال ستاندرد»؟
كان انضمامي إلى «إيديال ستاندارد» في مرحلة عرفت فيها العلامة تحولاً مهماً، حيث ساهمتُ بشكل فعّال في تطويرها، وعملت جنباً إلى جنب مع فريق استثنائي. وأتشارك مع «إيديال ستاندرد» وجهات النظر نفسها المتعلقة بالالتزام بمعايير الجودة العالمية، ما يخلق بيئة تدعم النموّ المستمر، يتخلّلها العديد من الحوارات البنّاءة، حيث نتبادل وجهات النظر باستمرار ونعمل على دفع العلامة التجارية إلى صفوة الريادة.
كيف تصل إلى التصميم الأنيق والوظيفة المثالية في تصميم الحمام؟
يتطلب تصميم الحمام بشكل أنيق وعملي توازناً دقيقاً، حيث أعتقد أن البساطة تجسّد الأناقة، وأنّ التصميم الجيد هو عبارة عن تناغم بين الناحية الجماليّة وقابلية الاستخدام. وأركّز دائماً على العمل الجاد المثمر لإيجاد الحلول المناسبة لكل تصميم، ما يضمن أن كل منتج ليس مُرضياً بصرياً فقط، ولكنه عملي ومثالي، أيضاً.
ما هو التحدي الأهم الذي تواجهه وكيف تتغلب على ضيق الوقت أو الميزانية المحدودة؟
دائماً ما يكمن التحدي في عملي في الموازنة بين التزامي تجاه العملاء، والوقت الشخصي، ولكن يمكن التغلب على هذا التحدّي من خلال تحديد أولويات المهام، ووضع الحدود، والحفاظ على حوار مفتوح مع العملاء. وعند تحقيق هذا التوازن، يصبح بإمكاني تلبية توقعات العملاء بشكل فعال، مع الحفاظ على وقتي الشخصي. فالتعامل مع قيود الوقت والميزانية المحدودة يتطلب القدرة على التكيّف وتخفيف التوتّر. إضافة إلى ذلك، يساعد التواصل الفعال على فهم المشاكل والتحدّيات بشكل أفضل.
ما أهمية الاستدامة في عالم التصميم في رأيك؟
لا أرى الاستدامة في التصميم الداخلي على أنّها مجرد خيار، بل أعتقد أنها ضرورة لاستمرار البشرية على كوكبنا. ونظراً للتأثير البيئي للأجيال السابقة، مثل انتشار البلاستيك، والتلوّث، والأضرار التي لا يصعب إصلاحها، فإنّ الاعتراف بأهمية حماية البيئة أمر بالغ الأهمية. ويجب ألا تكون الاستدامة مجرّد توجّه، بل عنصراً ضرورياً في جميع تفاصيل حياتنا لضمان حياة صحيّة وآمنة للأجيال القادمة.
ما هي نصائحك لأي مصمم داخلي شاب مقبل على الحياة العملية؟
بالنسبة إلى مصممي الديكور الداخلي الطموحين، أعتقد أنّ التوافق مع جيلهم هو أمر بالغ الأهمية، حيث يحمل كل جيل مهمّة فريدة تختلف عن الجيل السابق، وفي العصر الحالي، تمتد هذه المهمّة إلى إنقاذ الكوكب وحماية البيئة. ويجب على المصممين الطموحين أن يتحملوا هذه المسؤولية، وأن يلتزموا بهذه المهمّة، وأن يربطوا إبداعهم مع الاستدامة. ومن خلال الاعتراف بمهمّتهم، يمكنهم غرس أهدافها في كل تصميم جديد، والمساهمة ليس في الجماليات فقط، ولكن في خلق سرد ذي معنى يعكس الاحتياجات الملحّة لكوكبنا.