كانت تتسوّق في السوبرماركت، التفتت إلى يمينها لتسأل إحدى المتسوّقات عن منتج تبحث عنه، ولما نظرت في عينيها، صرخت «أهذه أنت يا سارة؟»، أجابت المرأة بعناق حار، وقالت «كم اشتقت إليك يا هند!».
وفي حديث حميم دار بين الصديقتين اللتين تجاوزتا الخمسين من العمر، في بلد الغربة، حيث دام الفراق أكثر من خمسة عشر عاماً، سألت سارة هند «لا أرى تجاعيد الزمن ظاهرة على وجهك، فبشرتك ما زالت شابة، هل أجريت عمليات تجميل؟ ظننت أنك ضد هذه الفكرة»، فأجابت هند «بالطبع لم أجرِ أيَّ عملية، فأنا أغسل وجهي بالماء والصابون فقط، وأظن أنها جينات ورثتها عن أمي».
تمعّنت هند في وجه صديقتها، فوجدته مُكتَسحاً بالتجاعيد والبقع السود، فبدت كأنها في السبعين من عمرها!
لماذا تغزو التجاعيد أنواعاً معينة من البشرة، ولا تُخطّ آثار الزمن على وجوه أخرى؟
الشباب الخالد حلم يراود معظم الناس، خصوصاً عندما تبدأ ساعة الزمن بالإسراع في حساب الوقت، فمن يا ترى لا يتمنى البقاء في مرحلة الشباب، والفتوّة، والقوّة؟ أو على الأقل، أن يبدو أصغر من عمره الحقيقي؟
بشرتنا تشبه صفحة كُتبت عليها سنوات عمرنا؛ تجاعيد تظهر حول الفم لأقل ابتسامة، وأخرى تشكل سحابتَيْ حزن تتمركزان عند زوايتَي العينين.. نحن نمضي في الحياة، ونركب قارب العمر، ولا ندري في أيِّ بحار نعوم، فالقارب الذي نركبه يمكن أن يحمل صفات وجينات تستبعد عن الناظرين إلينا، عمرنا الزمني، فنبدو أصغر سنّاً، أو قد يحمل القارب سوطاً يلسع فيه وجوهنا فتبدو هرمة كأنها قفزتْ قفزاتٍ كبيرة في الزمن.
تجاعيد البشرة.. البكتيريا في قفص الاتهام
يرتبط ظهور التجاعيد، سواء كانت عميقة أو سطحية وخفيفة، بالتقدم بالعمر الذي يصحبه نقص في إنتاج مادة الكولاجين المسؤولة عن ليونة الجلد، وأيضاً بكثرة التعرض للشمس، وبأسلوب الحياة، وبعض العوامل البيئية. وإذا كانت الشيخوخة تطرق بابنا بعد الخامسة والعشرين، فإن التجاعيد تسارع إلى غزو البشرة أكثر، كلما زاد التعرض لأشعة الشمس، وللتلوث، ودخان السجائر. ولكن هذه العوامل ليست وحدها المسؤولة عن شيخوخة البشرة، كما كشف باحثون في «(Center for Microbiome Innovation (CMI» في جامعة كاليفونيا، في سان دييغو، ومركز لوريال، حيث بيّنوا أن الميكروبات الموجودة على البشرة، أي البكتيريا، يمكن أن تلعب دوراً جوهرياً في ظهور التجاعيد، والنقاط السود.
كما أثبتت دراسات لاحقة أن أنواع الميكروبات الموجودة على البشرة تتغير مع التقدم في العمر، إذ إن وظائف البشرة تتغير مع الزمن، فتصبح أكثر جفافاً، وتغزوها التجاعيد، مع اختلافات بين البشر تجعل بشرة بعض الناس أكثر شباباً، أو أكثر شيخوخة، من سواهم، على الرغم من التماثل في السّن.
وتمكن الباحثون بعد إجراء إحصاءات متقدمة، من تحديد نوع البكتيريا التي تسبب التجاعيد، والبثور السود. وقد توصلوا إلى هذه النتيجة بعد تحليل معطيات شملتها 13 دراسة عن صحة البشرة قامت بها لوريال، في السنوات الأخيرة، وأجريت على 650 امرأة، تراوح أعمارهن بين 18 و70 عاماً. وتبيّن للباحثين أنه إلى جانب العلاقة المباشرة بين نوع البكتيريا التي تعيش على البشرة، وظهور التجاعيد، يلعب فقد الجلد للماء وتراجع عمل الحاجز المناعي مع التقدم في السن، دوراً كبيراً في ظهور علامات الشيخوخة.
طفرة جينية مسؤولة عن شيخوخة البشرة
ومن خلال دراسة حديثة جداً أجريت على 2693 شخصاً من كبار السّن، اكتشف باحثون أن هناك جيناً مسؤولاً عن شيخوخة البشرة، فقد تبيّن من خلال الدراسة أن الأشخاص الذين يملكون طفرتين من جين MC1R يبدون أكبر ممن هم في مثل عمرهم بعامين على الأقل، ممن لم تحدث لديهم هذه الطفرة. وعليه، إذا نظرت في المرآة ورأيت بعض التجاعيد على وجهك مع أنك ما زلت شاباً، فاعلم أن هناك عوامل كثيرة تدخل في انعكاس مظهرك في المرآة، ولكن التجاعيد تبقى إحدى أبرز العلامات للتقدم في السّن.
نصائح للحفاظ على نضارة البشرة وشبابها
على الرغم من كل العوامل المذكورة آنفا، والتي تسهم في ظهور التجاعيد، يمكننا اتخاذ بعض الاحتياطات التي تؤخر عملية التقدم في العمر، بحيث نبدو أصغر بعدد من السنين.
وتلعب التغذية والهرمونات ونسبة التعرض للشمس والعادات اليومية، دوراً كبيراً في جعل البشرة إما نضرة، صحية ومشرقة، وإما جافة، متهدّلة، ومملوءة بالتجاعيد، وينصح الخبراء باتّباع بعض العادات للحصول على بشرة شابة ونديّة، منها ما هو خارجي، ومنها ما هو داخلي:
عادات خارجية للحصول على بشرة شابة
عادات داخلية للحصول على بشرة شابة