26 فبراير 2024

معركتك مع التوتر.. كيف تحوّلها إلى تحدٍّ يمدّك بالطاقة الإيجابية؟

رئيس قسم الشباب في مجلة كل الأسرة

معركتك مع التوتر.. كيف تحوّلها إلى تحدٍّ يمدّك بالطاقة الإيجابية؟

مع ضغوط الحياة ومتطلباتها الكثيرة، وعلى الرغم من تسهيلات التكنولوجيا لأمور أساسية، فإن التوتر هو أكثر ما يسيطر على شخصيات معظم الناس فينغّص حياتهم، ويقضّ مضاجعهم، ويجرّهم إلى أمراض، عضوية ونفسية، عدة.. و ما لا يعلمه الكثيرون أن التوتر والضغط لا يؤثران في صحة الجسم فحسب، إنما قد يصل تأثيرهما إلى العقل، والقدرات الذهنية. فعلى كل من يصيبه الإجهاد والتوتر أن يستثمر في طاقاته الداخلية ليحوّل ما يشكو منه إلى طاقة إيجابية تدفعه للنجاح والراحة. فكيف يكون ذلك؟

معركتك مع التوتر.. كيف تحوّلها إلى تحدٍّ يمدّك بالطاقة الإيجابية؟

ضغط وأزمات وخلافات

التعرّض للصّدمات الشديدة، الأزمات العاطفية، الضغط في العمل، مشكلات الحياة الزوجية، الانتقال من البيت، الامتحانات.. إلخ، حالات كثيرة مجتمعة، متلاحقة أو منفردة، تصيبنا بالتوتر الذي قد يؤدي إلى انهيار دفاعات الجسم، فلا يستطيع المقاومة والتغلب على ذلك الهجوم الشرس، فيصاب باضطرابات وعوارض مَرضية قد تكون كفيلة بتدمير الصحة، وهي أغلى ما يمكن أن يملكه الإنسان.

وتبيِّن الإحصاءات أن معظم سكان العالم يعانون الإجهاد الناجم عن الضغط، والظروف الحياتية السيّئة، الأمر الذي يجعلهم تحت سياط التوتر، والقلق. ووفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، في عام 2019، أصيب قرابة مليار شخص حول العالم باضطراب عقلي واحد، على الأقل، ومنذ ذلك الحين، والوضع يتفاقم بشكل كبير. وتقدّر هيئة الصحة أن أمراض القلق والاكتئاب قد زادت عالمياً، بنسبة 25% في السنة الأولى لجائحة «كوفيد-19» وحدها.

ومن هنا، لا بد أن ندرك أهمية العمل لمحاولة وقف التوتر الذي يُطلق عليه البعض علّة القرن. وإذا كانت الإجراءات ضرورية على المستويين، العالمي والوطني، فعلى كل فرد أن يتحرك أيضاً ليتعامل مع ظروفه الصعبة بشكل يمنع تأثيرها في صحته، ورفاهيته.

معركتك مع التوتر.. كيف تحوّلها إلى تحدٍّ يمدّك بالطاقة الإيجابية؟

من هم القادرون على كسب المعركة؟

يتعلق التغلّب على التوتر بالكيفية التي نتعامل فيها مع ظروفنا، وردود فعل أجسامنا، ذلك ما جاءت به دراسة بريطانية حديثة، أجراها باحثون في جامعة باث، بالمملكة المتحدة، ونُشرت نتائجها في مجلة Stress and Health. ترى الدراسة أن هناك صلة بين نظرة الإنسان لوضعة في حالات الإجهاد والتوتر، وما قد يصيبه من أمراض، نفسية وجسدية وعقلية، نتيجة لذلك. فبعض الناس يرون في التوتر تحدّياّ لقدراتهم، وآخرون يرون في الإجهاد سبباً لتهديد الجسم بالعِلل المختلفة.

ولتأكيد هذا الاستنتاج، وضع الباحثون مجموعة من الرياضيين ممن يتمتعون بلياقة بدنية عالية، تحت المراقبة في أوقات الإجهاد الرياضي الشديد، ليعلموا ما إذا ما كان شعورهم في تلك الأوقات يتحول إلى تهديد لصحتهم العامة، أو تحدٍّ لاختبار قدراتهم. وقد تبيّن أن ردود فعل الجسم تتعلق بالطريقة التي نتعامل بها مع الموقف العصيب، والذي يمكن أن يؤثر، أو لا يؤثر، في الصحة البدنية، والعقلية.

وقد لاحظ الباحثون أنه يمكن لأي شخص أن يتعامل مع الإجهاد الذي يتعرض له بطريقتين؛ إما أن يشعر بالإرهاق فيصبح الأمر تهديداً للصحة، وإما يشعر بالقدرة على مواجهه الموقف و إدارته، فيصبح الإجهاد تحدّياً للقدرات، وهو أمر يمكن ملاحظته بشكل خاص لدى الرياضيين، ويلعب دوراً كبيراً في أدائهم.

وأجرى الباحثون استطلاعاً شمل 395 رياضياً عبر الإنترنت، في دراستهم التي تعتمد على مقاييس «صحيحة وموثوقة» لتقييم التحدّيات و/أو التهديدات، والصحة العقلية، والرفاهية، ومشكلات الصحة البدنية. وقد أشارت نتائج الاستطلاع إلى أن الرياضيين الذين ينظرون إلى المواقف العصيبة على أنها تهديدات هم أكثر عرضة للمشكلات الصحية؛ الجسدية والعقلية، مقارنة بأولئك الذين ينظرون إليها نظرة تحد.

وعلى الرغم من أن الدراسة أجريت على الرياضيين، لكنها تنطبق كذلك على كل شخص معرّض للإجهاد، والتوتر، وقد تراوح الآثار السلبية الناجمة عن طريقة التعامل مع المواقف الصعبة من نزلات البرد البسيطة، أو الإنفلونزا، أو حتى ضعف الجهاز المناعي، إلى اضطرابات الصحة العقلية، مثل القلق أو الاكتئاب.

معركتك مع التوتر.. كيف تحوّلها إلى تحدٍّ يمدّك بالطاقة الإيجابية؟

هل تشعر بالتوتر كتحدٍّ أم كتهديد؟

«هناك صِلة بين الصحة العقلية والجسدية، ونظرة الشخص إلى المواقف العصيبة»، هذا ما يوضحه الدكتور «لي مور»، من قسم الصحة بجامعة باث، وأحد المشاركين في الدراسة. ويقول: «لقد وجدنا أن التعامل مع الموقف العصيب باعتباره تحدّياً، يزيد من احتمال التمتع بصحة وشعور جيّدين. وإذا كان الباحثون قد وجدوا، على مدى الخمس عشرة سنة الماضية، أن الأشخاص الذين يظنون دائماً أنهم لا يملكون الطاقة الضرورية للتعامل مع المواقف العصيبة يعرّضون صحتهم للخطر، ولكن، هذه هي المرة الأولى التي تختبر فيها نظرية هذه العلاقة بشكل صحيح ودقيق».

ويضيف الدكتور مور: «يختلف الناس في كيفية تقييمهم للمواقف التي يتعرّضون لها، واعتمادهم على تفاصيلها، فبعض الأشخاص يرون في جميع المواقف العصيبة تهديداً لهم، ومن خلال الدراسة تبيّن أن مثل هؤلاء الأشخاص يتعرّضون أكثر من سواهم لتدهور الصحة والعيش برفاهية».