بحثاً عن الدفء والأمان، وهروباً من فصل الشتاء القارس في موطنها الأصلي، تحطّ الطيور المهاجرة رحالها في الإمارات، تلك الوجهة المفضلة للكثير منها، بهدف التنعّم بموسمها الشتوي المميز، إذ يوجد 117 نوعاً من الطيور البرية في حديقة الحيوانات بالعين، 60% منها طيور مهاجرة، مثل الشناقب (الشنقب الصغير)، والعقيبات، والبلاشين الكبيرة (البلشون الأرمد)، والصغيرة (البلشون المذهب)، والبط الغمّاس.
واستكمالاً لجهودها في رصد الطيور المهاجرة والمقيمة، التي بدأت دراستها منذ عام 2017، كانت «كل الأسرة» ضمن فريق عمل موظفي حديقة الحيوانات بالعين أثناء قيامهم بتجربة تعليمية وتوعوية، لمشاهدة التنوع الهائل من الطيور البرية في منطقة سفاري العين، والتي اتخذت من الحديقة موطناً آمناً لها.
تأتي هذه المبادرة من منطلق حرص الحديقة على إطلاع الموظفين على منهجية رصد الطيور وتشجيعهم على مراقبتها بشكل مستمر، ما قد يسهم في رصد أنواع جديدة متواجدة في أماكن مختلفة بالحديقة.
تحرص الحديقة على دراسة حركة الطيور البرية في السفاري بشكل شهري، وتلاحظ أعدادها، وأنواعها، ومدة إقامتها، وتعمل على مقارنة نتائج دراستها بنتائج دراسات أخرى في مجال هجرة الطيور، ومن أهم النتائج التي تم رصدها كثرة تواجدها في موسم الشتاء، الذي يمتد من شهر أكتوبر، حتى مارس، من كل عام، ومن أبرز الأنواع التي تم رصدها، هي: طائر أصقع أبيض، وحذفة شتوية، الكيش (أبو مجرف)، إلى جانب وقارية عربية، والشقراق الهندي التي جاءت أغلبها من موطنها في أفريقيا.
سفاري العين.. محميات آمنة وأماكن مظلّلة لجذب أنواع مختلفة من الطيور
توفر سفاري العين العديد من العوامل التي تسهم في جذب مختلف أنواع الطيور، مثل وجود محميات آمنة وأماكن مظلّلة، إضافة إلى تنسيق الأشجار، وترتيبها، وتنظيفها بشكل دوري، ووجود برك وأحواض المياه، وعدم استخدام المبيدات الحشرية على الأشجار، أو النباتات.
التقت «كل الأسرة» عدداً من موظفي الحديقة أثناء رحلتهم لرصد الطيور المهاجرة، بهدف تسليط الضوء على أهمية مثل تلك المبادرات، حيث قالت مريم مسعود الأحبابي، ضابط أول إعلام «استفدت كثيراً من وجودي على مقربة من عمل ومهام زملائي القائمين على رصد اكتشاف الطيور، المهاجرة والمقيمة، إذ تم تزويدنا بمعلومات جديدة وغريبة حول هذا العالم الملهم، والحقيقة أنها كانت رحلة ممتعة، تعرفت من خلالها إلى أنواع الطيور المهاجرة، ومواسم تكاثرها، وتواجدها، ومواعيد رحيلها، كما تعرفت إلى البعض منها ممن استقر في سفاري العين، نظراً لبيئتها الغنية بالموارد الطبيعية المناسبة لتعايش هذه الطيور».
أضافت العنود علي الشرياني، مرشد ثقافي بالحديقة، «بحسب معطيات فريق صون الطبيعة، يبدأ موسم الهجرة ورصد الطيور في الإمارات من شهر أكتوبر، ويستمر حتى مارس، من كل عام، وتتمحور الرحلات الدورية حول أهمية رصد الطيور المهاجرة، والمساعدة على خلق بيئة مناسبة لجميع الأنواع الموجودة في حديقتنا.
فقبل الانطلاق لمثل تلك الرحلات تقوم رئيسة وحدة تطوير برامج صون الطبيعة بتوضيح «عملية رصد الطيور البرية»، وتوزيع أوراق تحتوي على صور لبعض أسماء الطيور المتوقع رؤيتها في منطقة سفاري العين، إضافة إلى شرح إرشادات الأمن والسلامة، وأثناء الرحلة نحرص على التقاط الصور، وتدوين الملاحظات.
وكم سعدنا بمصادفة طائر نادر، طائر الغاق الكبير المهاجر، الذي فاجأنا بعرض جوي بديع. وأودّ هنا توجيه رسالة للجمهور، وهي الحد من المخاطر التي تفسد رحلتها، وتقليل التلوث البلاستيكي، والحد من سوء إدارة النفايات، والصيد الجائر، ويكفي الطيور تغيّر المناخ الذي يعكر صفو حياتها، كما على المهتمين وعشاق الطيور عند رؤيتها في الدولة، التقاط صور واضحة وإرسالها لنا عن طريق البريد الإلكتروني الخاص بالحديقة، أو عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة».
تعلّق حصة أحمد القحطاني، رئيس وحدة تطوير برامج صون الطبيعة في حديقة الحيوانات بالعين «يعتبر موقع الإمارات ضمن مسار هجرة الطيور، بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، سبباً لاستضافتها أعداداً كبيرة من الطيور المهاجرة، إذ يبدأ موسم هجرة الطيور في الدولة خلال فصل الشتاء، وأصبحت موطناً رئيسياً للعديد منها بسبب توافر البيئات الطبيعية ووجود الغذاء والأمان».
وتتابع حصة القحطاني «تلعب الطيور دوراً مهماً في المحافظة على التوازن البيئي، وتواجدها يُعد مؤشراً على صحة البيئات التي تتواجد فيها، وتهتم حديقة الحيوانات بالعين بصون الطبيعة، خاصة الطيور المهدّدة بالانقراض، وتوفر لها عوامل الجذب البيئي، حيث تقع الحديقة في جزء من مسارات الطيور المهاجرة، والتي تمكنت من معرفة بيئة الحديقة بنفسها، كما توفر البيئة الطبيعية الحاضنة لهذه الكائنات المختلفة، خاصة بعد تمدد العمران أصبحت الحديقة ملاذاً آمنا للطيور البرية، وعلينا جميعاً العمل للمحافظة على بيئتنا لكوننا جزءاً من المنظومة البيئية التي تحيط بنا.
ويلعب أفراد المجتمع دوراً مهماً في المحافظة على تنوع الحياة الفطرية من خلال المشاركة في برامج رصد الطيور لرفع الوعي ونشر المعلومات حول أهميتها، ودورها في التوازن البيئي، والمشاركة في حملات التنظيف للمحافظة على بيئاتها، ودعم الزراعة المستدامة وتجنّب استخدام المبيدات الحشرية، ودعم الجهود الحكومية والمنظمات البيئية في الدولة».