سرّ النجاح في عالم الأزياء.. التدريب والإرشاد يسدّ الفجوة بين التعلّم الأكاديمي والتطبيق العملي
تصميم الأزياء صناعة بحدّ ذاتها، وبالتالي يكون تابعاً للسوق، فعندما يقرّر الشاب دراسة تصميم الأزياء، قد يميل إلى المبالغة، ولكن في الحياة الواقعيّة لا يمكننا الاستفادة من هذا دائماً.
لذلك يمكن تخصيص مرشد خاص يتمتّع بالخبرة لكلّ طالب، لإعطائه نصائح مهنيّة وأفكار في التصميم؛ لسد الفجوة بين التعلّم الأكاديمي والتطبيق العملي، وإعدادهم لمستقبلهم المهني في عالم الأزياء.
هذا ما أكدته سابرينا ماندلي، المؤسسة والمديرة الإبداعيّة لـ SSHEENA، في حديثها مع «كل الأسرة»، عن البرنامج الإرشادي المتخصّص في صناعة الأزياء في «معهد مارانجوني دبي»..
حيث التقينا بطلبة خاضوا تجربة تعلّم تصميم الأزياء في المعهد، وحرصوا على تعزيز الهويّة الإماراتيّة في صناعة الموضة.
تبنّي نهج احترافي في عالم الأزياء
في حديث عن رؤية الجيل الجديد في الأزياء، تقول ماندلي: «من المهم بالنسبة لي أن أرى كيف ينظر الجيل الجديد من المصمّمين إلى العالم ويصورونه بأعينهم الشابة، فالإرشاد مهم بالنسبة لهم، لتعلّم وفهم كيفية عمل الصناعة..
يمكن للطلاب أن يتوقّعوا تجربة غامرة تتجاوز أساليب التدريس التقليديّة، حيث يطوّرون فهماً أعمق لتصميم الأزياء والإنتاج والأعمال التجاريّة، وهذا بدوره سيعزز ثقة الطلاب ويساعدهم على تبنّي نهج احترافي لعملهم، إنها تجربة تحوليّة للطلاب، تزودهم بالمهارات والمعرفة والأدوات اللازمة للنجاح في مجال صناعة الأزياء».
صناعة تصميم الأزياء
كما سلّطت سابرينا ماندلي، الضوء على دور البرنامج في تطوير المهارات الإبداعيّة للطلبة، وتزويدهم بالأدوات اللازمة لتقديم تصاميم ذات معنى، وتبيّن «يمكن لأي شخص تصميم شيء ما، لكن التصميم يجب أن يكون معقولاً..
كل التفاصيل، كل خيار يتم اتخاذه في كل قطعة ملابس يجب أن يكون ذو معنى، وإلا فإنك تصمم منتجات فارغة، علاوة على ذلك، ما أريد أن أتركه للطلاب بعد هذا الإرشاد هو الوعي بأن تصميم الأزياء هو صناعة وبالتالي فهو أيضاً تابع للسوق.
غالباً عندما تكون شاباً وتدرس تصميم الأزياء، تميل إلى المبالغة في الأمر، ولكن في الحياة الواقعيّة لا يؤتي هذا ثماره دائماً، لعل أحد الأسباب التي جعلتني أرغب في دراسة تصميم الأزياء في المعهد هو أن أروي قصتي، والتي ستعرّف الجميع مع مرور الوقت على ذوق وجماليات التصاميم الخاصة بي.
لكنني سرعان ما أدركت أنه لأتمكن من تحويل الفكرة إلى فستان، فأنا بحاجة إلى إتقان طريقة التصميم وفهم كيفية بناء الملابس، لذلك بدأت أيضاً حضور دورة لتعلّم الخياطة».
بناء جسر بين التقليد والحداثة، مع الحفاظ على جوهر تراثنا
وحول تجربتها في تعلّم تصميم الأزياء، تتحدّث الطالبة فايزة فيصل منشدي في البداية عن التحدّي الأكبر الذي يواجهه المصمّمون الشباب في الجمع بين الإبداع والمرونة في عصر السرعة.
وتشرح «من المهم أن نبقى على اطلاع دائم على كل ما هو جديد مع الحفاظ على رؤيتنا الفنيّة الخاصة، إن القدرة على الابتكار والتكيف مع الاتجاهات المتغيرة، والحفاظ على صوت إبداعي ثابت، أمر ضروريّ للنجاح، يجب أن يتمتع المصمّمون الشباب بالموهبة لتصوّر وتشكّل أسلوبهم الفريد.
بالإضافة إلى المرونة اللازمة للتنقّل في المشهد المتغيّر باستمرار لصناعة الأزياء، فقد دفعني البرنامج للعمل بشكل مختلف، وشجعني على التفكير بشكل إبداعي لدمج أفكاري مع أفكار سابرينا لخلق شيء جديد ومبتكر.
فطموحي المستقبلي في مجال الأزياء هو خلق هويّة مميّزة تحكي قصة مكان وأشخاص ورسالة ستتوارثها الأجيال بفخر.
أتخيل علامة تجارية تعكس تراثي وثقافتي وقيمي، وتحتفل بجمال التنوع وتعزّز الشموليّة والاستدامة، طموحي هو ابتكار ملابس لا تكون جذّابة من الناحية الجماليّة فحسب، بل وذات معنى وتأثير أيضاً، وتلهم الناس لارتداء ما يعبّر عنهم بثقة وفخر.
من خلال أزيائي، آمل في تقديم جسر بين التقليد والحداثة، مع الحفاظ على جوهر تراثنا الثقافي. في نهاية المطاف، هدفي هو بناء علامة تجارية تترك إرثاً دائماً، علامة يتذكّرها العالم لأصالتها وإبداعها وتأثيرها الإيجابي على العالم».
تشابه العباءة الإماراتية والكيمونو الياباني
كما تضيف فايزة لمسة إماراتيّة للأزياء، وتوضح «الهوية الإماراتيّة قويّة بطبيعتها، وثريّة بعناصرها الفريدة، وفي مجال عملي في التصميم، أستمدّ الإلهام من ثقافات مختلفة لتعزيز هذه الهويّة بشكل أكبر.
على سبيل المثال، أتطلّع إلى ثقافة اليابان، وتحديداً إلى قصة الكيمونو، لإلهام تصاميمي، من وجهة نظري، الكيمونو والعباءة، على الرغم من أصولهما المختلفة في الثقافة والجغرافيا بين اليابان والعالم العربي، فإنهما يظهران تشابهاً ثقافيّاً مذهلاً يثري منهجي الإبداعي..
إذ يجسّد كلا الثوبين الاحتشام، ويحملان أهمية رمزيّة عميقة، وهما جزء لا يتجزأ من الاستخدامات الاحتفاليّة، ويعرضان تطوّراً في الموضة والحرف اليدوية، لا تعكس هذه الجوانب القيم الجمالية فحسب، بل تعكس أيضاً الروح الاجتماعيّة والدينيّة لمجتمعاتها».
وعلى الرغم من أوجه التشابه هذه، من المهم الاعتراف بالسياقات الثقافيّة والدينيّة والتاريخيّة المتميّزة التي تمنح الكيمونو والعباية هويتهما ومعانيهما الفريدة ضمن ثقافاتهما المختلفة.
يؤثر هذا المفهوم على فلسفتي في التصميم، ما يسمح لي بتصميم قطع تحترم التقاليد، تعزّز الحوار بين الجماليّات الثقافيّة المتنوّعة».
لدينا ثقافة قويّة وماضٍ هما جزء أساسي من هويّتنا
أما الطالب علي الأنصاري، فيصف تجربته في عالم الأزياء أنها جديدة ومختلفة خصوصاً عند تصميم علامته التجاريّة الخاصة.
ولكن عند تصميم علامة تجاريّة أخرى يجب إيجاد التوازن بين جمالياته وجماليات ورؤية العلامة التجاريّة التي يصمّم لها.
ويقول: «كان برنامج الإرشاد مع سابرينا مانديلي، تجربة رائعة لتعلّم كيفية عمل الصناعة وكيفية العمل مع متخصص لديه رؤيته وإرشاداته من دون التخلّي عن رؤيتك الخاصة، الأمر الذي يعزز خططي المستقبلية في صناعة الأزياء لعدّة سنوات واكتساب الخبرة وبناء أساس قوي.
خصوصاً أني أتعلم كيف تعمل الأشياء في العالم الحقيقي، ففي النهاية أود أن يكون لدي علامتي التجاريّة الخاصة، أعتقد أن لدينا ثقافة قويّة وغنيّة في منطقتنا، وماضينا هو جزء أساسي من هويتنا اليوم، وهو سبب شغفنا بالنجاح والاستمرار.
ومن واجبنا كمصمّمين أن نحمل هذا الإرث إلى العالم، تصاميمي حديثة جداً ومتطورة في مجال الأزياء، ولكن أيضاً التركيز على التناقض هو نهجي عندما أقوم بالتصميم، لذلك سترى بالتأكيد عناصر من منطقتي في تصميماتي.
على سبيل المثال، أود أن أمزج فن الماضي مع الفن المعاصر الحديث وأخلق تصاميم جديدة، خصوصاً أن مشهد الموضة ما يزال ينمو في منطقتنا وما زلنا نكافح كمصمّمين للحصول على الفرص والظهور.
يُعد الافتقار إلى التوجيه والإرشاد مشكلة أخرى أيضاً بالنسبة لمصمّمي الشركات الناشئة، حيث يُعدُّ التصنيع تحدّياً حقيقيّاً».
نصائح للطلبة لمواجهة تحدّيات مزج التقاليد مع الابتكار في تصميماتهم
من جهتها عادت وقدمت ماندلي نصيحة للطلبة في نهاية الحديث، بأن يحيطوا أنفسهم بالجمال، «كل شيء رائع يمكن أن يكون مصدر إلهام للتصميم، وأنصح الطلبة أن يذهبوا لرؤية المعارض، الأفلام، الفنون بشكل عام، ورؤية كل ما يحدث بجانبهم لأنهم لا يعرفون ما الذي سيجدونه هناك.
وأقول لهم التقطوا الصور، ابنوا أرشيفاً فوتوغرافياً لكل ما فاجأكم، ما أحببتموه، ما جذبكم، لأنه في مرحلة ما قد يكون مفيداً لكم، قبل كل شيء، حافظوا على تواضعكم، وراقبوا ما يحدث في العالم حولكم، وادرسوا وابقوا على اطّلاع».