من أكثر الأسباب لتناول الأطفال لأدوية نقص الانتباه وفرط الحركة هو للسيطرة على هذه الحالة أثناء فترة المدرسة.. ولكن هل سيكون بإمكان الأهل إيقاف منح هذه الأدوية لأطفالهم خلال العطلة الصيفية؟ هذا هو السؤال الذي غالباً ما يسمعه الأطباء. فما هو الجواب؟
«عطلة تناول الدواء»، هذا هو المصطلح الذي يطلقه الأطباء على مسألة التوقف المؤقت عن تناول علاج منتظم. ونظراً إلى أن الأطفال المصابين بحالة نقص الانتباه وفرط الحركة يكونون في فترة راحة من المدرسة خلال إجازة الصيف، وبسبب قلق بعض الآباء من الآثار الجانبية طويلة الأمد على أطفالهم، تراهم ينتهزون هذه الفترة للتوقف عن منح أولادهم الأدوية التي تعالج حالتهم. بينما يخشى آباء آخرون المخاطرة خوفاً من عودة المشاكل السلوكية لأطفالهم فيصعب عليهم بالتالي التعامل مع حالتهم. وفي حالات أخرى، يمكن أن يصف الطبيب فترة «عطلة تناول الدواء» لتقييم حالة الطفل وتحديد فيما إذا كان بحاجة للعلاج الدوائي.
ونحن هنا نحاول استعراض إيجابيات وسلبيات هذا التوقف عن تناول الدواء في فترة العطلة الصيفية.
أدوية نقص الانتباه وفرط الحركة.. مساعدة في كل الأوقات
يوصي أطباء بعدم إجازة التوقف عن تناول الدواء لعلاج الأطفال المصابين بنقص الانتباه وفرط الحركة ما لم يكن هناك سبب مقنع، ويشيرون إلى أن البيانات تكشف أن هؤلاء الأطفال الملتزمين ببرنامج العلاج طوال العام يحصدون نتائج أفضل من أولئك الذين ينقطع عنهم العلاج في الإجازة الصيفية. ويعود السبب أن البعض يعتقد أن اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة يؤثر فقط على أداء الأطفال في المدرسة فقط. ويؤكد الأطباء أن الأطفال الذين يعالجون من اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة يكون أداؤهم أفضل في أوقات لا تنحصر فقط في وجودهم في المدرسة. فالدواء الذين يتناولونه له علاقة بإدارة سلوكياتهم في مجموعة متنوعة من الظروف، وفي فترة الإجازة الصيفية تظل مشاعرهم وسلوكياتهم الاجتماعية تتطور، لذلك لا يزال يتعين عليهم التواصل مع العائلة والأصدقاء بفاعلية، خاصة خلال الأنشطة الجماعية مثل الرياضة والتخييم.
تروي إحدى الأمهات من بريطانيا كيف أن مدرب البيسبول لابنها كان يناشدها إعادة تقديم الأدوية إليه لأنها أحدثت فرقاً كبيراً في أدائه. وعندما رأت أن هذه اللعبة عززت السعادة واحترام الذات في ابنها، أعادت إليه عقار الريتالين.
استراحة من الآثار الجانبية
مصدر قلق آخر لدى بعض الآباء يتعلق فيما يقولون أنه دليل يشير إلى أن تناول أطفالهم لهذه الأدوية المنشطة يمكن أن يؤثر في نموهم البدني، لذلك يأمل هؤلاء في التخفيف من حدة هذه الآثار الجانبية في عطلة الصيف.
فقد أظهرت العديد من الدراسات في السنوات العشر الماضية أن الأطفال المصابين بنقص الانتباه وفرط الحركة الذين يتناولون الأدوية لمدة أقل من ثلاث سنوات يتأخرون بقدر بوصة في الطول و6 أرطال في الوزن عن أقرانهم. ومع ذلك، أظهرت دراسة أخرى العام الماضي تابعت حالات أطفال لمدة 10 سنوات، حتى مرحلة البلوغ، أنه لم يكن هناك فروق في الطول أو الوزن بين أولئك الذين تناولوا الأدوية المنشطة وأولئك الذين لم يتناولوها. كما وجدت الأبحاث أن «التأخير في النمو يميل إلى أن يكون أكثر وضوحاً في السنة الأولى أو نحو ذلك، ويميل إلى الاختفاء بمرور الوقت».
بالنسبة لبعض الأطفال، فإن الأمر الأكثر وضوحاً والأكثر إثارة للقلق هو فقدان الوزن بسبب حقيقة أن الأدوية تثبط الشهية. إذا كان الأطفال يأكلون أقل من اللازم وأصبح الأمر مشكلة، يقترح الأطباء أنه قد يكون من المناسب التوقف عن تناول الدواء.
المشاكل السلوكية لدى الأطفال المصابين بنقص الانتباه وفرط الحركة
عموماً، يجب على الوالدين التفكير في كيفية تأثير «عطلة تناول الدواء» في رفاهية أطفالهم. إذ بشكل عام، فإن الحالات التي تكون مفرطة النشاط أو فيها أنواع مجتمعة من اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، هي حالات قوية يكون مبرراً فيها استمرار العلاج، لأن المشكلات السلوكية الناتجة عن التوقف عن تناول الدواء يمكن أن تحول العطلة إلى تجربة سلبية وغير منتجة. من ناحية أخرى، فإن الأنواع الأقل حدة من اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة تنتج مشاكل سلوكية أقل. ولكن يقول بعض الخبراء أنه على الرغم من وجود بيانات علمية تشير إلى أن هؤلاء الأطفال الذين يتناولون الأدوية 365 يوماً في السنة لا تكون لديهم مشاكل سلوكية كثيرة، فإنهم لا يلحون كثيرا على مسألة ضرورة تناولهم للأدوية طوال الوقت.
ومن ناحية شمولية، نظراً لأن اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة يؤثر في التطور الاجتماعي وكذلك الأداء الأكاديمي، فإن النهج المحافظ هو تجنب تعطيل خطة العلاج الموصوفة. ومع ذلك، لا توجد قواعد صارمة وسريعة بشأن هذه المسألة، وفي النهاية، يجب أن تنشأ القرارات من جلسة الحوار والمحادثة بين الأسرة والمعالج الطبي. يشير بعض الأطباء أنهم لا يفضلون اتخاذ موقف قتالي مع الوالدين بخصوص هذه المسألة لأنهم يحبذون إنشاء تحالف معهم لمصلحة الطفل، فهم يتفهمون تماماً أن بعض العائلات تشعر بقلق بالغ من هذا الأمر.