20 أغسطس 2023

غداً... هل سيحن أبناء اليوم إلى "خبز أمي وقهوة أمي"؟

رئيس قسم الشباب في مجلة كل الأسرة

غداً... هل سيحن أبناء اليوم إلى

وسط الكم الهائل من المواقع والتطبيقات التي سهلت الحياة اليومية بشكل لا يمكن مقارنته بحياة ما قبل الثورة الرقمية، وفي زمن أصبح كل شيء متاحاً بلمس شاشة الهواتف الذكية، صار أبناء الجيل لا يجدون متعة إلا في تناول الطعام الجاهز الذي يصلهم إلى الباب برائحة فواحة وتنظيم مختلف في علب خاصة. وبعد أن تراجعت رغبة الشباب في تناول طعام المنزل الذي تعده أمهاتهم بقلوبهن قبل أيديهن، صار الطعام البيتي شيئاً متخلفاً لا علاقة له بالعصر.

من سيحن لأكل الأم؟

ورق الدوالي... المحاشي...اليخنات...الدجاج المحشو... ما هذه الأكلات إلا جزء من ماض عفا عليه الزمن، الأمر الذي جعل قصيدة محمود درويش تستحيي خجلاً بكل رقتها وعذوبتها وحنينها فتنزوي في كتاب الماضي دامعة العينين حسرة على مشاعر جياشة وارتباط وثيق بقلب أم تفني عمرها في سبيل إسعاد أبنائها.

غداً... هل سيحن أبناء اليوم إلى

«طعام متخلف وغير عصري»!!

تمارا، فتاة في السادسة عشرة من عمرها، تقول إن الطعام الذي تعده أمها لا يصلح إلا لوالدها، فهو من عصر قديم لم يعرف فيه السوشي ولا النودلز، تيوكبوكي أو باتر تشيكن، فقد كان أبناء الجيل السابق بعيدين عن العالم ولا يعرفون إلا ما كانت تعده أمهاتهم.

غداً... هل سيحن أبناء اليوم إلى

سرعة في الوصول وأطباق غير تقليدية

أما يوسف، الذي يبلغ العشرين من عمره، فقد اعتاد أن يطلب الطعام الجاهز ولو أعدت له أمه الأكلة التي يحبها كي ترضيه وتثنيه عن تناول أكل المطاعم الذي ترى أنه غير صحي وغير نظيف بما يكفي، فيقول «أعشق تناول الطعام الجاهز، فهو يأتينا بعد دقائق حسب ما أشتهي، حاراً، لذيذاً ومقدما بعلب منظرها يكسر الرتابة التي نجدها في طعام المنزل الذي يقدم في أطباق تقليدية مع الشوك والسكاكين والخبز. لا أتخيل أنني سأستسيغ طعام المنزل في يوم من الأيام، نحن في عصر سريع ومتطور فلم لا نستغل ما تقدمه لنا التكنولوجيا ونريح أنفسنا من عناء إعداد الطعام»؟

راحة من إعداد المنزل وتنظيف الأواني

وتقول سمر(25 عاماً) «أمي ترهق نفسها بإعداد الطعام أشكالاً وألواناً، ثم ترهق نفسها أكثر فأكثر بغسل الأطباق والقدور، وفي نهاية اليوم تغفو بسرعة من شدة التعب، فلم لا تريح نفسها وتتركنا نطلب ما نشاء من الطعام الجاهز ونتلذذ بطعمه وشكله؟».

غداً... هل سيحن أبناء اليوم إلى

الأم صارت ضحية الأمزجة

أم سامر، لديها خمسة أبناء وكل واحد بمزاج، لذا تضطر أن تطهو أكثر من نوع من الطعام لإرضاء الجميع، وبعدما تعد الطعام بأشكاله المتنوعة والذي يأخذ منها مجهوداً كبيراً، يبدأ أبناؤها بانتقاده ويتأففون مبدين رغبتهم بطلب طعام جاهز رأوه على الإنترنت، «ولكن بما أن طلب الطعام يحتاج إلى صندوق مفتوح من المال، فإنهم قد يشيرون علي بإعداد أكلات معينة وبمكونات نادرة وجدوها على مواقع التواصل، وإن أظهرت استيائي فإنهم يدخلون المطبخ ويعدون ما يعجبهم من طعام ويتركون لي غسل الأواني وإزالة الفوضى التي تركوها بحجة أنهم سينظفون مساء ما وسخوه ظهراً! وياليت الطعام الذي يعدونه يكون دائماً جيداً، المهم مخالفة قواعد الماضي فحسب!».

ليال صبري
ليال صبري

أخصائية التغذية ليال صبري: الوجبات الجاهزة غير صحية

من جانبها، تبين الأخصائية في علم التغذية ليال صبري «الشباب هم من أكثر الفئات العمرية إقبالاً على الوجبات الجاهزة ومعظمها من الوجبات السريعة كالبرغر والبيتزا وغيرها، فهم يُرضون بتناولها لشغفهم ورغبتهم في تجربة الأنواع المختلفة منها، خصوصا أنها جاهزة ولا تحتاج إلى جهد في التحضير، كما أنها لذيذة الطعم. والشباب حين يقبلون على هذه الأطعمة ، لا يفكرون بعواقب تناولهم لها، ولا بالإضافات التي تعطيها الطعم المستساغ لديهم، ومنها؛ السكر بنسبة عالية، التوابل والمنكهات، والصلصات...ألخ، كما تحتوي على نسب عالية من الدهون التي يتم تحويل بعضها إلى دهون صلبة تجعلها صالحة لأطول فترة ممكنة. وتحتوي أيضاً على ملح الصوديوم، الغلوتامات أحادية الصوديوم، وبعض المواد الكيميائية مثل البروبيلين غليكول ، نترات الصوديوم وكبريتات الأمونيوم. وتتراوح أضرار الوجبات الجاهزة ما بين المدى القريب (فيروسات، بكتيريا، حساسية...) والمدى البعيد (تصلب الشرايين، ارتفاع ضغط الدم، السكري، السمنة، ضعف الذاكرة، الزهايمر، الاكتئاب، السرطان...) وأنصح الشباب بتناول الوجبات المعدة في المنزل لتفادي هذه الأخطار والتي يجري التحكم بمكوناتها ونظافتها».