20 يناير 2021

لماذا يتصرف بعض الأزواج كالعزاب؟

محررة في مجلة كل الأسرة

لماذا يتصرف بعض الأزواج كالعزاب؟

يرتبط بعض الأزواج لكنهم يأبون توديع حياة العزوبية بإصرارهم على نمط حياة تشبثوا به لتتحول تصرفاتهم إلى مصدر إزعاج لزوجاتهم ويكون بيت الزوجية ساحة معركة، هذه المشكلة وصلت إلى حد أن تكون ظاهرة تعرض على مراكز الإرشاد ويستمع لها الاستشاريون بشكل يومي، يمكن تسميتها بـ«المتزوجون العزاب»، حيث يتهرب فيها الزوج من مسؤولياته والتزاماته رافضاً حياة فرضت عليه لاعتبارات أسرية أو تسرعه باتخاذ خطوة الزواج..

في ورشة قدمها مدير إدارة التلاحم الأسري في هيئة تنمية المجتمع د. عبدالعزيز الحمادي، وضح فيها أسباب رفض بعض الأزواج الحياة الزوجية وتهربهم من مسؤولياتهم ، ومسألة الاعتبار العام في أهمية الزواج، والارتباط والأسس والقواعد التي يقوم عليها، بالتعاون مع قسم الأسرة والشباب في هيئة تنمية المجتمع.

via GIPHY

عدم إدراك أهمية الزواج 

في المحاضرة التي قدمها الحمادي وضح أهمية الزواج وبين أنه «سنة من سنن الله الفطرية في الكون وجد لديمومة النسل واستمراريته، ولأهميته وصفه بالآية حيث قال تعالى في سورة الروم (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)، كما حث الرسول صلى الله عليه وسلم الشباب على المسارعة بأمر الزواج في حديث ابن عمر رضي الله عنهما «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغظ للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء». فالزواج والارتباط نصف دين الإنسان، هذه الفطرة الربانية التي فطر الله عليها الرجال والنساء ترتبط بالعهود والرعاية والأمانة وتحمل المسؤولية. ولضمان ديمومة الأسر والاستقرار والتقدم والحضارة تشجع المجتمعات على الزواج والارتباط وفق ما وصف سبحانه في كتابه الكريم بـ«الميثاق الغليظ»، فلا حضارة إلا بالحفاظ على أصول الدين ومنها مسألة الزواج والارتباط، وعزوف وتأخر الشباب عن الزواج تورث المجتمعات الكثير من المشكلات. كما يشير إلى الخطأ الذي يقع فيه الكثيرون في ربط الطلاق بالزواج المبكر«الزواج لا يرتبط بسن معينة إنما بثقافة الأزواج ووعي وقدرة كل فرد منهم على تحمل المسؤولية والأعباء وواجباته نحو الأسرة، جميع التحديات والمشكلات التي تعصف بالأسرة هي بسبب قصر الثقافة والوعي، عندما تنشأ الزوجة في منزل مبني على حسن الخلق والفضيلة والزوج على الحكمة والتقدير وتحمل المسؤولية تتحصن المجتمعات».

ارتفاع معدل سن الزواج 

يوضح الحمادي أن المجتمعات شهدت خلال العشرة أعوام الأخيرة ارتفاعاً في معدل سن الزواج بين الشباب والفتيات الذي عزته وسائل الإعلام، ونشرتها بعض الدراسات والبحوث، لأسباب إجبارية واختيارية منها غلاء المهور وارتفاع كلفة الزواج ومحدودية خيارات الفتاة والنسبة المئوية لعدد الفتيات مقابل أعداد الشباب، وتبقى خيارات الرجل أكثر بكثير أمام خيارات المرأة التي تنتظر زوجاً يحقق لها المودة والاستقرار والرحمة. ويبقى الزواج نعمة من نعم الله على عباده إذا ما أنعم على الزوجة بالزوج الصالح يخاف الله فيها كما هي الزوجة الصالحة نعمة من نعم الله على الزوج، يرتبطان بميثاق غليظ كتابة المهر والاشتراطات صورته الظاهرية بينما حقيقته ارتباط والتقاء أرواح ومسؤولية تلقى على عاتق الزوج والزوجة.

الإكراه على الزواج 

ويؤكد الحمادي «ما زالت المؤسسات الاجتماعية والشرعية تشير لخطورة إرغام بعض الأسر الشاب أو الفتاة على الارتباط تحقيقاً لرغبة الأب أو الأم بالزواج من أبناء وبنات الأعمام والأخوال توثيقاً لصلة القرابة أو من منطلق «زوجوه كي يعقل»، وفي هذه الحالة تصبح الزوجة ضحية لزوج غير مؤهل أو العكس، فنشأت عنها مشكلة وصلت إلى حد أن تكون ظاهرة تعرض على مراكز الإرشاد ويستمع لها الاستشاريون بشكل يومي لفئة من الأزواج متزوجين نظرياً لكنهم واقعياً عزاب يتمسكون بسلوكيات وأفكار ما قبل الزواج ويحملونها معهم لبيت الزوجية، فنجد مثل هذا الزوج متعلقاً بسلوكياته وعلاقاته الشخصية الاجتماعية كالأصدقاء والسفر ووجوده في المنزل كجسد فقط مكره على البقاء فيه، لا يلتزم بمواعيد محددة وتنوب عنه زوجته في تلبية احتياجات المنزل. ذلك لا يعني أن نستثني وجود فئة متزوجة على الورق وتعيش حياة العزاب، لو اقتربنا كثيراً من الواقع لوجدنا البعض من الأسر تعيش معاً لكن لو تمعنا ودخلنا في تفاصيلها سنجدها أسراً مفككة يعيش الأزواج فيها داخل غرف منفصلة تصل لأسابيع أو أشهر يهدد استقرارها وتطال الأبناء».

الأسرة أمانة في عنق الزوجين يحملانها معاً ويبذلان فيها ما يستطيعان

يجب على الزوج الموازنة بين حاجات الأهل والزوجة والأبناء والعمل

ويخلص الحمادي «الزواج مسؤولية وأمانة، الزوج هو المسؤول الأول عن الإهمال والتعنيف ينتج عنه رد فعل يدفع الزوجة إلى العناد والتخلي عن مسؤولياتها فيضيع الأبناء في بيئة يفتقدون فيها وجود منظومة اجتماعية وتعليمية وصحية ودينية. الأسرة أمانة في عنق الزوجين يحملانها معاً ويبذلان فيها ما يستطيعان، وأعظم ما تحتاجه الزوجة والأولاد هو الكرم في الوقت والاهتمام والرعاية ولا يتعلق الأمر بالجانب المادي فقط مع أن مسألة الإنفاق من الأولويات، يجب الموازنة بين حاجات الأهل والزوجة والأبناء والعمل، وألا يمنح الزوج جميع وقته لوظيفته وينسى أسرته أو يمنح وقته لزوجته وينسى والديه، يجب أن يخوض الحياة باعتدال ورفاهية، ولكن يبذل ما يمكنه بالعدل بين وزوجته وأبنائه وأهله وأصدقائه وعمله».