29 يناير 2022

كيف يتفادى الزوجان أزمات السنوات الخمس الأولى؟

محررة متعاونة

محررة متعاونة

كيف يتفادى الزوجان أزمات السنوات الخمس الأولى؟

الخلافات الزوجية في سنوات الزواج الأولى يراها البعض ضرورة ويطلق عليها بهارات الحياة الزوجية، فحين ينشب خلاف بين زوجين بسبب سوء فهم أو مواجهة تحديات وعدم القدرة عليها فإنهما يهربان بشكل غريزي إلى الاعتقاد بأن علاقتهما لا يمكن أن تستمر وأنهما مختلفان تماماً.

لكن بعض الأزواج يقفون على النقيض تماماً من هذا المفهوم، حيث إنهم يعتبرون الخلافات بين الزوجين نقطة مضيئة يمكن أن تقود إلى الحب الحقيقي والسعادة الزوجية.

طرحت «كل الأسرة» قضية أبرز الأزمات التي تمر بالزوجين خلال السنوات الخمس الأولى للزواج، وبحثت مع عدد من أساتذة الطب النفسي والخلافات الزوجية عن حلول لهذه الأزمات ونصائح من خبراء العلاقات الزوجية لضمان استقرار الحياة الزوجية:

إذا أعطيت لزوجتك السعادة حصلت عليها، واعلم أن المستفيد الأول من سعادة زوجتك هو أنت

تؤكد الدكتورة نجوى الفوال، أستاذة علم الاجتماع والرئيس السابق للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، أن الحياة الزوجية يمكن أن تسير بلا عواصف أو زوابع إذا فتح كل طرف أذنيه ليسمع الطرف الآخر، وحاول جاهداً أن يجد إجابة لسؤال شريك حياته ويجب ألا نلقي بالأسئلة وراء ظهرنا، وتقول «إن حسن الاستماع من الشروط الأساسية للتواصل الجيد بين الزوجين وهو دليل على الاهتمام والتقدير».

وترى أستاذة علم الاجتماع أن قلة الخبرة بالزواج أبرز المشكلات التي تواجه فتيات اليوم في سنوات الزواج الأولى، حيث تفاجأ الزوجة بواقع ومتطلبات لم تخطر على بالها، واصطدامها بهذا الواقع يجعلها تعيش بتعاسة مما ينعكس على العائلة ككل».

لذلك تنصح الدكتورة نجوى الفوال الزوجين باتباع منهج «أعط لتأخذ» فهذا هو أحد قوانين الحياة، وتشرح «فإذا أعطيت لزوجتك السعادة حصلت عليها، واعلم أن المستفيد الأول من سعادة زوجتك هو أنت، لأنك إذا نجحت في إسعادها فسوف لا تدخر وسعاً لإسعادك ورد الجميل إليك، فإحساس المرأة المرهف يأبى أن يأخذ ولا يعطي، لأنها بطبيعتها تحب العطاء والبذل والتضحية من أجل من تحب».

كما تهمس أستاذة الاجتماع في أذن الزوجات قائلة لهن «لا ترهقي زوجك في بداية الزواج وبناء الأسرة بكثرة طلباتك التي لا تناسب دخله، وإذا أردت حثه على تحسين أوضاعكم لا تقولي له فلانة زوجها يشترى لها كذا، فقط ناقشيه بهدوء وركزي على احتياجكم لتحسين دخله. كما أنه من المرفوض إطلاقاً أن تتركي المنزل في حالة الخلاف، بل أيضاً لا تتركي غرفتك وابدئي بالصلح أنت حتى ولو لم تكوني مخطئة فكلمة آسف ثقيلة جداً على لسان الرجال».

via GIPHY

وفي المقابل ترى الدكتورة نجوى الفوال أن المرأة تحتاج في جميع أطوار سنين عمرها المختلفة إلى لمسات حانية وكلمات عذبة تلامس مشاعرها المرهفة وطبيعتها الأنثوية. وتحب أن يفاجئها زوجها بين فترة وأخرى بتصرفات تسلب قلبها وتؤكد أنها مهمة لديه، لذلك على الزوج ألا يتهاون بهذا الشيء وكما تسعى هي لإسعاده وإزالة الملل عنه عليه التجاوب معها.

لابد من زيادة جرعة الاهتمام بين الزوجين والحرص على كسر الروتين ولو مرة واحدة شهرياً

أما الدكتور عبد العزيز آدم، اختصاصي علم النفس السلوكي وعضو الاتحاد العالمي للصحة النفسية بالقاهرة، فهو يرى أن أول أزمة تمر بالزوجين تتمثل في أن كل طرف يدخل الزواج بعادات وموروثات تختلف بالتأكيد عن طباع الطرف الآخر، ويحاول كل طرف أيضا أن يفرض شخصيته وطباعه على الطرف الآخر مما يسبب العديد من المشكلات، لذلك يجب على الزوجين التعامل مع الأمر بحكمة من البداية ولابد من الوصول لحلول وسط ترضي الطرفين وأن يتنازل كل طرف بعض الشيء عما يضايق الآخر.

ويؤكد اختصاصي علم النفس السلوكي أنه في السنة الثانية والثالثة للزواج تطل أزمة جديدة وترجع غالباً لتدخل الأطراف الخارجية في إفساد العلاقة بين الزوجين أو بسبب غيرة الزوجة من أهل الزوج أو العكس، كما قد يسببها الأصدقاء.

وتنشأ المشكلة بسبب تعلق أحد الطرفين بأسرته تعلقاً مبالغاً فيه مما يثير ضيق الآخر أو بسبب نصائح بعض الأصدقاء التي يستمع لها أحد الطرفين. لكنه هنا ينصح كلا الزوجين بعدم السماح بتدخل أي طرف بينهما ويجب أن يراعي كل طرف مشاعر الآخر، ويبين «أهل كل منكما لهم حقوق عليكما ولكن يجب ألا تتجاوز تلك الحقوق ما لكل منكما من حقوق على الآخر، فخير الأمور الوسط».

ويشدد الدكتور عبد العزيز آدم على أنه بحلول السنة الخامسة من الزواج تدخل العلاقة الزوجية في إطار الصداقة ويذوب كل طرف في الآخر. وهنا يكون لا مجال للأسرار بينكما، فكل طرف يشكل كتاباً مفتوحاً أمام الآخر، كما تظهر مشكلات انشغال المرأة بالأطفال، كما يعاني الطرفان الملل وروتين الحياة.

لكنه يرى أنه لابد من زيادة جرعة الاهتمام بين الزوجين والحرص على كسر الروتين ولو مرة واحدة شهرياً، وليسأل كل طرف نفسه عن إحساس الطرف الآخر ومدى معاناته حتى يلتمس له الأعذار، ولابد أن يتعاونا معاً في تحمل مسؤولية الأطفال، مشيراً إلى «أن اختيار الأصدقاء ممن لهم مثل ظروفك يعينك في التغلب على الإحساس بالمعاناة»

من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الزوجان الابتعاد عن الأصدقاء رغم أنهم هم أساس الزواج الناجح

ومن جانبه يرى الدكتور علاء رجب، استشاري العلاقات الأسرية والزوجية والخبير النفسي بالقاهرة، أن من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الزوجان الابتعاد عن الأصدقاء رغم أنهم هم أساس الزواج الناجح، لذلك يجب أن تحافظ عليهم، حتى غير المتزوجين منهم. إذ يرى أن الأصدقاء الحقيقيين هم من يقدمون الدعم المعنوي والمادي والنفسي خلال هذه الفترة الانتقالية.

ويحذر استشاري العلاقات الزوجية أيضاً من الإصابة بهوس سرعة الإنجاب، «يصاب المتزوجون حديثاً وأهلهم بهوس إنجاب الأطفال الآن وليس غداً، كأن الأطفال يختبئون تحت الفراش. إذا كان الزوجان صغيران في السن فلا داعي للاستعجال، كذلك إذا كان هناك ديون متعلقة بمصاريف الزواج، ولا ضير من تأجيل موضوع الإنجاب حتى يكون الطرفان متأكدان من أنهما مستعدان للطفل».

ويطالب د. علاء رجب الزوجين بأن يتركا قرار الإنجاب لهما فقط، ويقول لهما «أنتما من سيستيقظ صباحاً لإطعام الطفل والاهتمام به، وأنتما من سيتحمل نفقته من الولادة حتى الجامعة. لذلك أنتما فقط من يحدد عدد الأطفال، إذا شعرت بأنكما لا تستطيعان التحكم في الموضوع، فاستشيرا طبيبة تنظيم الأسرة».

اجعلي دائماً الكلمات الحانية واللفتات البسيطة الرومانسية درعاً واقية لكما تمنع نشوب أي نزاع

وتتفق معه الدكتورة هند البنا، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية والزوجية بالقاهرة، بأن الاحترام المتبادل هو اللغة المشتركة بين الزوجين والكلمة الطيبة صدقة مع عامة الناس. وبالتالي فالأولى أن تسود تلك الكلمات الرقيقة الرومانسية خلال الحياة اليومية والتي يكون لها أعظم الأثر وأكثره سهولة «فإذا بدأت كلامك مع زوجتك في الصباح بكلمة «أحبك» أو أن ترسل لها رسالة حب قصيرة على هاتفها المحمول خلال فترة العمل فهل تتوقع أن تولد بينكما مشكلة في مثل هذا اليوم؟.. وبالمثل فإذا أيقظت زوجك بقبلة حانية واستقبلته بعد يوم العمل بحضن دافئ فلن يكون هناك أي فرصة لكي تنفذ أي مشكلة بينكما! اجعلي دائماً الكلمات الحانية واللفتات البسيطة الرومانسية درعاً واقية لكما تمنع نشوب أي نزاع».

via GIPHY

وترى الدكتورة هند البنا أن أغلب الزيجات الحديثة تقوم على عدم فهم الزواج جيداً وعدم تقدير مسؤوليته، وذلك لانشغال الشباب والشابات المقبلين على الزواج الآن بتحضير حفلات الزفاف وتنظيمها جيدا أكثر من التخطيط للزواج نفسه، وبذلك تكون البداية خاطئة، ولذلك يحدث التصادم بينهما بعد الزواج، لأنهما انشغلا بأمور أخرى.

كما تشدد استشاري العلاقات الأسرية على ضرورة تحديد التعاملات المادية بين الزوجين منذ البداية حتى تكون الأمور واضحة بينهما، لذا يجب تحديد توقعاتهما المادية تجاه بعضهما البعض وتحديد المسؤوليات وتحديد نسبة مشاركة الزوجة في الحياة الزوجية إن كانت امرأة عاملة حتى لا يكون هناك مجال لخلق خلافات عديدة بسبب المادة بين الزوجين.

 

مقالات ذات صلة