04 أغسطس 2022

ما الشروط التي يمكن وضعها في عقد الزواج؟

محررة في مجلة كل الأسرة

ما الشروط التي يمكن وضعها في عقد الزواج؟

مع ازدياد حالات الطلاق التي تشهدها المجتمعات، أصبح تحديد ملامح العلاقة الزوجية بوضع بنود واشتراطات من قبل أحد الزوجين أو كلاهما، سواء كانت مكتوبة ضمن عقد الزواج أو غير مكتوبة، ضرورة للحفاظ على استقرار العلاقة الزوجية وضمان الحقوق وإلزاماً للآخر بواجباته.

وقد أثار فيديو واقعة عقد قران فتاة مصرية اشترطت على الزوج عند عقد القران أن يحترم أمها، حالة من الاستهجان بعد أن انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهامها بإهانة كرامة زوجها، وهو خير دليل على رفض وعدم تقبل المجتمعات العربية لإضافة اشتراطات ضمن عقد الزواج خاصة من قبل المرأة.

هل يمكن أن يكون تضمين عقد الزواج لاشتراطات أن تحفظ مؤسسة الزواج من الانهيار؟ وما هو الحد المعقول من الشروط التي يمكن للزوجين أن يضعاها لضمان استمرار زواجهما ونجاحه؟

ما الشروط التي يمكن وضعها في عقد الزواج؟

أهمية اتفاق الزوجين مسبقاً على الشروط

يكشف المأذون الشرعي والخبير الأسري في محاكم دبي عبد الله موسى، «لا مانع أن تستحدث الزوجة وأسرتها أو الزوج شروطاً يتضمنها عقد الزواج طالما أنها شروط مقبولة وألا تحل حراماً ولا تحلل حراماً ويمكن الوفاء بها وتنفيذها».

وبين قبول هذه الشروط ورفضها يشير إلى أهمية اتفاق الزوجين مسبقاً، يقول «أن يتفاجأ أحد الزوجين خلال انعقاد مجلس العقد وبحضور المأذون الشرعي والأهل والضيوف بشروط لا ترضيه يمكن أن تتسبب بالإحراج فيكون الشخص مضطراً لقبولها أو يصبح الشرط عرضة للنقاش، على سبيل المثال اشتراط إحدى الزوجات أثناء كتابة عقد الزواج توفير مسكن خاص قبل الدخول، على الرغم من كونه من الشروط المباحة والتي كفلها الدين والشرع إلا أنه كان من الصعب على الزوج الإيفاء به».

يوضح المأذون الشرعي «أكثر طلبات تضمين الاشتراطات في عقود الزواج من جانب المرأة شرعية أهمها استكمال الدراسة أو الاستمرار بالعمل، ذلك لا يعني عدم وجود حالات أخرى مرفوضة شرعاً كوضع الزوجة شرطاً يقضي بمنع الزوج بالزواج من أخرى أو اشتراط الزوج بعدم الإنفاق على الزوجة أو عدم الدخول بالزوجة أو عدم الإنجاب وهي جميعها محرمة».

يجد المأذون الشرعي في تضمين الزوجة بعض الشروط في عقد الزواج «فيه سلامة لحقوقها قانونياً وإلزام للزوج بالالتزام لأنه أبدى الموافقة على الاشتراطات».

ضرورة تجنب المغالاة في شروط عقد الزواج

ما الشروط التي يمكن وضعها في عقد الزواج؟

وتشير الدكتورة آلاء الطائي، أستاذ علم الاجتماع المشارك بكلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الشارقة، «الزواج، برغم التغييرات الثقافية والاجتماعية الحاصلة، لابد له أن يتحلى بصبغة مقبولة اجتماعياً وثقافياً ودينياً تتجسد بضرورة مروره بالعقد الشرعي، لأنه يثبت القبول الجماعي والفردي وفق أصول قانونية تثبت حقوق الطرفين وواجباتهما، ويتم ذلك وفق معايير وضوابط معينة تجعل من عقد الزواج الركن الحقيقي للزواج، فرضى الطرفان وتوافق إرادتهما في الارتباط يُعبر عنه في ذلك العقد».

تكشف الدكتورة آلاء الطائي «رغم اهتمام المجتمعات العربية بشروط العقد الزواجي التي تبتغي استدامة البناء الأسري وتعزيز فكرة التوازن بين الجنسين نجد تأثر بعض الأفراد بثقافة المغالاة في شروط عقد الزواج مما يشكل تحدياً في نشر ثقافة الاعتدال في شروط عقد الزواج مقارنة بتنامي القيم الفردية والمادية وبحث الأسر عن ضمان لمستقبل بناتهم خوفاً من مرورهن بمراحل الكفاح الاقتصادي مع الزوج المستقبلي».

كما تبين د.آلاء الطائي «لا نستطيع أن نغض النظر عن انتشار قيمة التفاخر والعدوى الاجتماعية بين الأسر في التنافس فيما بينها بكثرة الشروط في عقود الزواج من توفير مسكن مستقل وقيمة المهر المقدم.. إلى آخره من أوجه التفاخر سواء كان الهدف منها تعظيم شأنهم أمام المجتمع أو تعزيز قيمة بناتهم أمام الطرف الآخر".

كيف يتقبل أفراد المجتمع كثرة شروط عقود الزواج، وهل يجدونها مقبولة أم منافية لعاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية؟

عند الإجابة عن هذا التساؤل، توضح د.آلاء الطائي «لا بد أن نرجع للأسباب الحقيقية المرتبطة بهذه الظاهرة، التي ترصدها الأبحاث الاجتماعية وتحاول إيجاد المعالجات المناسبة للحد من انتشارها، فنحن نجد جيل الشباب اليوم متعلقاً بالمظاهر الشكلية الزائفة متناسياً قيم مجتمعه في التيسير للزواج حفاظاً على إنجازات الجيل السابق وديمومة المجتمع، وغلبة الطابع الاقتصادي على الاختيار الزواجي مما يجعل من مسألة الزواج ترتكز فقط على الجانب المادي دون العاطفي، وهذا بدوره يؤدي إلى ظهور الخلافات الزوجية وحدوث حالات الطلاق المبكر أو الطلاق العاطفي».

وتشير إلى ضرورة «تعزيز دور البرامج الإرشادية لتثقيف الشباب المقبلين على الزواج بشروط وأركان عقد الزواج وفق الشريعة الإسلامية السمحاء، ونشر القيم الاجتماعية التي توضح أهمية الأسرة ووظيفتها الأساسية في حفظ واستقرار المجتمع. كما تستثمر مؤسسات الخدمات الاجتماعية في الدولة الحس الوطني لأفراد المجتمع وتعزز فيهم روح التواضع والبساطة لما لهذه القيم من أثر في معالجة ظاهرة الشروط المتعددة في عقود الزواج، فضلاً عن برامج الدعم المادي المستدامة للشباب المقبلين على الزواج».