تنحاز للمطبخ اللبناني بكل تفاصيله ونكهاته، وترفض مبدأ الدمج حتى بين الأطباق اللبنانية الأصيلة. نجحت لينا سعد، خبيرة طهي لبنانية تعيش في بريطانيا، بتوثيق بعض من تاريخ هذا المطبخ عبر كتب عدة منها «تراث من لبنان»، «رمضان اكسبرس» وكتب حازت على جوائز عالمية من «غورماند العالمية لكتاب الطهو» (بيست أوف ذا بيست).
رغم إقامتها في بريطانيا، فإن سعد لا تغفل ذكرياتها في لبنان وتستقي منها مخزوناً معرفياً، حيث تطّل على تجارب مختلفة منها «التسليق» وهي تجربة البحث عن النباتات البرية منها القرة والجرجير والخبيزة واستخدامها في إعداد بعض الوجبات التي تعتبر صحية بامتياز.
نبدأ من الجائزة الأخيرة التي تخص المطبخ اللبنانـي؟
(تضحك)، هي ثلاث جوائز حزتها من منظمة عالمية «وورلد كوك بوك» وجوائز غورماند العالمية لكتاب الطهو والتي تولي اهتماماً بالطاهي- الكاتب. أكتب عن المطبخ اللبناني بطريقة مختلفة وهدفي أن أبقي هذا التراث حياً من خلال القصص المروية.
وكنت أرغب بالحديث عن الضيعة اللبنانية ونجحت رغم كل النكسات، وكامرأة محجبة قررت كتابة «رمضان اكسبرس» لتعريف العالم بحقيقة الإسلام وأن المرأة المسلمة تنال حقوقها كاملة، وهذا الكتاب وضع لي الخطوة الأولى على سلم النجاح، حيث نال جائزة «best of the world» وكرّم من «نوبل هاوس» وفاز بجائزة «best of the best» في فرنسا، وكذلك كتاب «تراث لبنان».
في كتابي «أرض البياض» قدت القارئ لمعايشة حياة اللبناني ويومياته وعلاقته بالطعام
ما الذي قادك إلى المطبخ؟
كنت أرغب أن أكون عالمة آثار أو تحرية جرائم ولكن والدي رفض وقرر أن أسافر إلى بريطانيا حيث حصلت على ليسانس في إدارة الفنادق. آنذاك، افتتح والدي مطعماً لبنانياً في لندن سماه «أليسيا» نسبة إلى أليسار ملكة صور واضطررت أن أديره، وخلال العمل استكملت الماجستير في إدارة الفنادق ولم أتمكن من مواصلة العمل كون زوجي جراحاً ولجأت إلى الاستشارات الاستراتيجية ومجال التسويق الاستراتيجي.
للحظة، شعرت أن لا شيء يملأ الشغف داخلي وبدأت أكتب بعض الوصفات في مجلة وقررت الانخراط في مجال الكتابة وكان كتاب «أرض البياض» وهو يدون مذكراتي مع جدي ويطوف بي المناطق اللبنانية وجدتي وهي تعد البابا غنوج وسمك السردين وغيره، وقدت القارئ لمعايشة حياة اللبناني ويومياته وعلاقته بالطعام، ما جعل «أدوارد كوانترو»، وهو من ضمن أعضاء لجنة الحكام في غورماند العالمية، يصف الكتاب بأفضل ما قرأ عن المطبخ اللبناني لما اتسم به من لغة بسيطة ونال جائزة أفضل كتاب طهو عام 2016 في المملكة المتحدة.
تعلمين في بريطانيا إعداد المازات اللبنانية، إلى أي مدى تقبل المجتمع الغربي هذه المذاقات؟
التقبل جداً كبير حيث أترك للمشاركين حرية بناء ذائقتهم، وهذا علم بحد ذاته. ثمة طلاب في الجامعة يقبلون على تعلم كيفية إعداد المازة اللبنانية الباردة والساخنة. التبولة، الورق العنب بالزيت البطاطا الحارة والمقلوبة باللحمة وموزات اللحم مع الأرز والمكسرات وكلها أطباق تنال إعجابهم.
طبق حساء زبدة الفول السوداني من إعداد الشيف لينا سعد
لماذا ترفضين التغيير في المطبخ اللبنانـي؟
من منطلق نظرتي للمطبخ اللبناني، أرى أنه مهدد بالانقراض لعوامل عدة كالدمج مع المطبخ السوري والهجرة وتأثيرها إلى وجود عاملات منزليات يطبخن وعدول المرأة اللبنانية عن الطبخ. من الواجب تأريخ وتوثيق مطبخنا اللبناني الذي أعتبره حالة يعيشها الإنسان حيث يعبر جسور لذة الأكل وثقافة الحضارات حولته إلى جوهرة مضيئة على مطابخ العالم. مطبخنا هو معايشة حالة وجواز سفر إلى متعة الطعام وليس الطعام بحد ذاته.
ما أبرز الأطباق الشغوفة بها؟
الأطباق اللبنانية وبالأخص المازات ومنها البابا غنوج، السردين، البطاطا الحارة، ورق عنب بالزيت، والأكلات القروية الششبرك باللبن، كمونة البندورة، كبة بطاطا وغيرها. ولكل قرية لبنانية طريقتها الخاصة وأنا أترك طريقة التحضير والمكونات كما هي وأضيء على الفارق بين الأطباق في ظل تأثير البيئة في الفرد. وأستخدم البهارات اللبنانية البحتة لأن جمال المطبخ اللبناني يكمن في استخدام البهارات بطريقة مبسطة.
لكن انحيازك للمطعم اللبنانـي لا يمنعك من أطباق بنغلادشية وإفريقية؟
بالتأكيد كوني ولدت في سيراليون وهناك أطباق شهية يمكن أن تسعد بها وتجربة مذاقات مختلفة بعض الأحيان من باب مواكبة العولمة والإضاءة على ثقافات أخرى.
كيف تطلين على مشاركتك في معرض الشارقة للكتاب؟
كانت مشاركة رائعة وشعرت بمدى تقدير القائمين على المعرض للثقافة ولمكانة الكتاب وشعرت بالحب في أرجاء هذا المكان. سبق وطبخت في الصين وفرنسا وبريطانيا ولكن في الشارقة شعرت بعاطفة لم أفهمها بحيث لا يرافقك أي شعور بالغربة.
*تصوير: السيد رمضان
وصفات ذات صلة:
- كيكة الكنتالوب بالفستق الحلبي من الشيف لينا سعد