حذر العالم الأزهري د. عباس شومان، وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، من تجاهل تعاليم وأخلاق الإسلام في تربية الأبناء وترك العنان للأبناء ليفعلوا ما يشاؤون تحت ستار الحرية، مؤكداً أن غياب تعاليم وأخلاق ديننا عن حياتنا الأسرية والاجتماعية أدى إلى انتشار العنف والقسوة والانحرافات التي تشكو منها بعض الأسر في سلوكيات أبنائها.
وشدد د. شومان في حواره مع «كل الأسرة» على أن هناك مسؤولية شرعية للآباء والأمهات تجاه أولادهم، والقيام بتبعات هذه المسؤولية هو سبب تكريم الله لهم، والحث على البر بهم والإحسان إليهم.
المنزلة العالية للوالدين في شريعتنا يفهمها بعض الآباء والأمهات فهماً خاطئاً
يقول د. شومان "هناك مسؤولية شرعية للآباء والأمهات تجاه أولادهم، والقيام بتبعات هذه المسؤولية هو سبب تكريم الله لهم، والحث على البر بهم والإحسان إليهم، يقول الحق سبحانه (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً)، ويسعد الآباء والأمهات بأن طاعتهم من أعلى القرب، وأن عقوقهم من الكبائر التي تورد مرتكبها مورد الهلاك.
لكن للأسف هذه المنزلة العالية للوالدين في شريعتنا يفهمها بعض الآباء والأمهات فهماً خاطئاً، حيث يظن بعضهم أن إنجابهم للأبناء يكفي لحصولهم على هذا الشرف العظيم، وهذا فهم مغلوط، فإنجاب الأبناء أحد أسباب التكريم وأدناها وليس أعلاها.. أما باقي أسباب التكريم فهي تبدأ من حسن اختيار الزوج والزوجة، وتسمية المولود باسم لا يجعله محلاً لسخرية أقرانه، وتحمل مشقات تنشئته وتربيته، وإحسان تأديبه وتعليمه حتى يصل إلى بر الأمان، ويكون قادراً على بناء أسرة جديدة".
عقوق الآباء للأبناء ليس له ما يبرره إلا اختلال الفطرة و البعد عن شرع الله
ويؤكد" لعل الكثيرين من الآباء والأمهات يدركون أنهم يقصرون تقصيراً شديداً في القيام بمهام كثيرة من أسباب وعناصر التكريم لهم من جانب شريعتنا، فبكل تأكيد ليس من المكرمين
كل أب يترك أولاده وينطلق خلف ملذاته تاركاً الأم تعاني وتكابد وربما تتسول، أو تعمل في البيوت لإطعام أولاده، وليس من بينهم هذه الأم المجرمة والأب الفاسد اللذان تركا طفلهما وحيداً حتى مات من الجوع والعطش، وليست منهم الأم التي فعلت هذا مع ولدها فحملت ثم أخذت تبحث عن فتوى لإجهاضه، وليس منهم تلك المجرمة التي ساعدت عشيقها في قتل أولادها وزوجها، و
ليس منهم من نكلت بأولادها انتقاماً من زوجها.. بل ليس منهم المتعنتون بعد انفصالهم، وتفننهم في حرمان طرف من رؤية ولده تحت ستار الحضانة، وليس منهم من منع بناته من الإرث واختص به الذكور الذين لن يترحموا عليه قطعاً، فلن يوفقهم الله لتذكره والترحم عليه لارتكابه هذه الجريمة في حق أولاده، وليس منهم من فضل بعض أولاده على بعض من دون سبب، وإذا كان هؤلاء وأمثالهم كثيرين خارج دائرة الآباء والأمهات المكرمين من قبل رب العالمين، وأنهم إن لم يصلحوا ما أفسدوا إن أمكنهم ذلك ويتوبوا إلى ربهم فقواعد الثواب والعقاب التي علمناها في شرعنا تقضي بأنهم سينالون عقاب الخالق على ما فعلوا في أولادهم. فهؤلاء الآباء والأمهات «عاقون»، فكما يعق الأبناء الآباء فهناك عقوق من الآباء للأبناء، وإذا كان عقوق الأبناء للآباء قد يرجع إلى طيش الشباب واندفاعه وقصور عقله أحياناً وجهله بأحكام شرعه، فقد يكون أيضاً بسبب سوء تربية الوالدين لهم.. أما عقوق الآباء للأبناء فليس له ما يبرره إلا اختلال الفطرة، البعد عن شرع الله، وعدم الإحساس بالمسؤولية التي تليق بالرجال والنساء على السواء".
في كثير من البيوت أصبح الآباء والأمهات قدوة سيئة لأطفالهم، حيث يمارسون الكذب والنفاق يومياً أمامهم داخل المنزل
وينصح" لابد أن يكون الآباء والأمهات قدوة طيبة لأبنائهم، لأن كثيراً من الآباء الذين يشكون من انحراف وتمرد أبنائهم يتحملون هم نتيجة هذا الانحراف.. بل في كثير من البيوت أصبح الآباء والأمهات قدوة سيئة لأطفالهم، حيث يمارسون الكذب والنفاق يومياً أمامهم داخل المنزل، وعلاقة الأب بالأم لم تعد تغلفها الرحمة والمودة كما أمر الإسلام، بل أصبحت نزاعاً وشجاراً وخلافات مستمرة أمام الأبناء، ولم يعد هناك التزام ديني واضح من الكبار داخل المنزل. لذلك فإن انحراف الصغار وتمردهم وعصيانهم يتحمل نتيجته في الغالب الكبار".
اقرأ أيضًا: علماء الأزهر يحذرون: الآباء سيحاسبون على انحراف أبنائهم