16 سبتمبر 2021

د. حسن مدن يكتب :«كورونا» والزواج

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، &a

د. حسن مدن  يكتب :«كورونا» والزواج

خبر يتحدث عن حفل زواج جماعي أقيم في عاصمة إحدى دول أمريكا اللاتينية هي البيرو، ضمّ 200 زوج من جميع أنحاء البلاد، ترأسه عمدة العاصمة، ونظر إلى الحفل على أنه تعبير عن التصميم على ألا يسمح لجائحة «كورونا» أن تصادر مساحات الفرح والسعادة في حياة الناس، وعن حرصهم على أن يُحبوا الحياة «ما استطاعوا إليها سبيلاً»، بما في ذلك الاقتران بالشركاء الذين اختارهم القلب والعقل.

بطبيعة الحال أخضع جميع المتزوجين المشاركين في الحفل للفحوص الطبية اللازمة للتأكد من خلو أجسامهم من الفيروس الفتّاك، حرصاً على سلامة الجميع، فلكي يحقق الحفل الغاية منه كان يجب أن يمرّ بسلام، وألا يتحوّل إلى مناسبة لانتشار الفيروس وسط الحضور.

الطريف في هذا الحفل أنه جمع أزواجاً من أعمار مختلفة، ففيه شارك زوجان، امرأة ورجل، اعتبرا الأكبر سناً بين «العرسان»، حيث يبلغ عمر المرأة ستة وثمانين عاماً، فيما ينقصها الزوج بنحو أربعة أعوام، فيما كان عمر الزوجين الأصغر سناً هو أربعة وعشرين عاماً للزوج وتسعة عشر عاماً للزوجة.

إن أرانا هذا الأمر شيئاً، فهو أن الزواج لا يحدّ بعمر معين، فمهما تقدّم الناس في أعمارهم، كما هي حال الزوجين العجوزين في بيرو، بوسعهم أن يبدأوا حياة جديدة، تطرد الوحشة والضجر من حياتهم، وتمنحهم سعادة يحتاجون لها، قمينة بأن تجعل رياح الربيع تهبّ على خريف أعمارهم.

معطيات مشابهة عن العلاقة بين ظروف «كورونا» والزواج، آتية هذه المرة من أوروبا وليس من أمريكا اللاتينية، وبالتحديد من ألمانيا، فبعد الانخفاض السنوي الذي شهدته ألمانيا في السنوات الأخيرة في معدلات الإقبال على الزواج والإنجاب، فإن الجائحة أعادت التفكير في قيمة الزواج والعائلة من جديد، حتى أن مختصاً في شؤون المستقبل قال إنه لم يعد من الممكن بعد الآن الحديث، في زمن «كورونا»، عن تدهور الأسرة كنمط حياة، مضيفاً أن هناك علامات على انعكاس هذا الاتجاه.

حسب التقرير الذي أورد هذا، فإنه يعيش 18 مليون شخص في ألمانيا بمفردهم، عن قصد أو غير قصد، ولم يكن عددهم في عام 1991 يتخطى حاجز الـ 12 مليوناً فقط، لكن في أوقات الأزمات شعر العزاب بأنهم تركوا وحيدين بين أربعة جدران، خاصة مع مقتضيات التباعد الاجتماعي في الأماكن العامة التي فرضتها الجائحة، ما عزز هذا الشعور بالوحدة والعزلة، ومن الحاجة للمساعدة المتبادلة.

وجرت الإشارة إلى أن تنامي الرغبة في الزواج تركزت في الفئة العمرية بين 40 – 46 عاماً، أكثر من الفئات العمرية الأخرى، حيث بلغت ما نسبته 72 %.