22 أغسطس 2021

ما أسرار نجاح زيجات الزمن الجميل؟

محررة متعاونة

ما أسرار نجاح زيجات الزمن الجميل؟

هل كانت السعادة الزوجية لها تعويذة سحرية عرفها الآباء والأجداد وتعلموها، فساعدتهم كي ينجحوا في الزواج ويحققوا المعادلة الصعبة التي فشل بعض أبناء الأجيال الحديثة في تحقيقها؟

الأرقام والإحصاءات جميعها تؤكد أن نسب الطلاق بالنسبة لمعدلات الزواج في مجتمعاتنا العربية كانت أقل بكثير من معدلات الطلاق التي تتزايد كل يوم بشكل مزعج، كما أن زيجات الماضي كانت أطول عمراً وأكثر استقراراً، ومعدل الخلافات الزوجية كان أقل بكثير.. فكيف نجحت الأجيال القديمة في الزواج؟ وما السر وراء السعادة الزوجية التي حالفت الكثير منهم على الرغم من أنهم كانوا في الأغلب لا يعرفون بعضهم البعض قبل الزواج وكان الزواج التقليدي وزواج الصالونات والعائلات هو الشائع والأكثر رواجاً بينهم؟

طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات على خبراء العلاقات الزوجية والأسرية، وسألت أساتذة الطب النفسي والعلاج الزواجي حول مفاهيم الزواج قديماً وحديثاً، وكيف نجح الآباء والأجداد في الزواج، ولماذا كانت زيجاتهم أطول عمراً وأكثر نجاحاً:

1- الاحترام المتبادل سر النجاح

ما أسرار نجاح زيجات الزمن الجميل؟

في البداية توضح الدكتورة مايسة كمال، استشارية العلاج النفسي والزواجي وخبيرة العلاقات الإنسانية في القاهرة، أن الأسباب التي لها علاقة باستقرار العلاقة بين الزوجين أو عدم الاستقرار تتغير في كل عصر، وعلى الرغم من ذلك هناك ثوابت لا تتغير، فالزواج قديماً كان يقوم بشكل أساسي على الاحترام والود مما وفر لهم قدراً كبيراً من الاستقرار وليس كما يحدث الآن، حيث تحول الزواج إلى حب المظاهر والتباهي، وتقول «الاحترام المتبادل هي الوصفة السحرية التي حرص الأزواج قديماً عليها، وحتى إن وقعت بينهما خلافات كانوا يحافظون على الاحترام فهم أدركوا مبكراً أن غياب الاحترام يجعل المودة والرحمة بينهما تذهب بلا رجعة، ويصبح عش الزوجية مهدداً بالانهيار، فالعلاقة الزوجية بين الأزواج قديماً لم تكن تبنى على الندية والعناد بل كان الزوج يقدر زوجته ويحرص على مشاعرها ويهتم بسعادتها حتى وإن وجد تقصيراً منها، كما كانت الزوجة حكيمة وعقلانية في كثير من الأحيان على الرغم من أن الكثيرات كانوا أصغر منا سناً لكنها إن لم تجد الحب من زوجها كانت تصبر عليه وتقبل طباعه وتحرص على حقها في إنجاح العلاقة».

الألفاظ الجارحة التي يستخدمها أحد الزوجين أو كلاهما خلال أوقات الخلاف والغضب لا تُنسى أبداً

وترى الدكتورة مايسة كمال أن تفوق المرأة في العمل والدراسة كان في بعض الأحيان يعد سلاحاً ذا حدين، فعلى الرغم من أنه أضاف إلى رصيد المرأة الكثير فإنه حول بعضهن إلى متسلطات.

وتلفت الدكتورة مايسة كمال إلى أن قوة شخصية المرأة ليس كما تفهمه بعض السيدات بسلاطة اللسان والتجريح والشتائم كوسيلة للرد على إهانات الزوج لها، قوة شخصية المرأة تكون في احترامها لزوجها وإجبارها له على مبادلتها هذا الاحترام، وتوضح «للأسف الألفاظ الجارحة التي يستخدمها أحد الزوجين أو كلاهما خلال أوقات الخلاف والغضب لا تُنسى أبداً وقد ينسى الزوجان أسباب الخلاف لكن التجريح والإهانة لن يغادرا ذهن الطرفين، ينغصان عليهما حياتهما، وما إن يدب خلاف بينهما من جديد حتى يتذكر كل واحد منهما الإهانات السابقة لشريك حياته وتزداد الأمور بينهما سوءاً».

2- تكامل الأدوار و توزيع المسؤوليات

ما أسرار نجاح زيجات الزمن الجميل؟

الدكتور وليد هندي، استشاري الطب النفسي وخبير العلاقات الزوجية بالقاهرة، يرى هو الآخر أن تبديل الأدوار بين الزوجين فيما يتعلق بمسؤوليات الأسرة المادية والخروج إلى العمل كان يؤدي دوراً كبيراً في استقواء عدة نساء، حيث أسرعن إلى هدم البيوت، ورفضن العيش في جلباب الرجال، فالزوجة أصبحت تشعر بالمساواة في هذه الحالة في كل شيء حتى في العنف.. ويقول «للأسف أصبحنا نجد الكثير من الأزواج يتركون لزوجاتهم مسؤولية تربية الأبناء كاملة فأصبحت الزوجة تتعامل مع الأب بشيء من القوة ولا تجد غضاضة في تأديبه بنفس الطريقة التي تعامل بها أولادها عندما يخطئون، وهذا الأمر مرفوض تماماً لأن هذا الأمر ينشئ أبناء معقدين وجيلاً غير متزن نفسياً».

يجب أن يكون للأب دوره في تربية أبنائه وتوجيههم، خاصة خلال سنوات المراهقة

ويواصل «مهما كانت مسؤوليات الحياة ومشاغلها كبيرة يجب أن يكون للأب دوره في تربية أبنائه وتوجيههم، خاصة خلال سنوات المراهقة وعدم ترك الأمور برمتها للزوجة التي قد ينفلت منها الزمام نتيجة الأعباء والضغوط التي تواجهها».

ويحذر الدكتور وليد هندي الفتيات المقبلات على الزواج من استسهال إهانة الزوج «هذا الخطأ ليس من الأخطاء التي يمكن أن يغفرها الزوج لزوجته حتى وإن اعتذرت له ألف مرة وأبدت ندمها سيظل الزوج متذكراً لها هذا الأمر، وسيؤثر في جدار الاحترام داخل البيت وقد تنهار الثقة بينهما نتيجة لتكرار الإهانة بينهما وتنتهي المأساة بورقة طلاق يدفع ثمنها الأبناء».

3- عدم السماح بتدخل الآخرين

ما أسرار نجاح زيجات الزمن الجميل؟

ومن جانبه يؤكد الدكتور أحمد علام، استشاري العلاقات الزوجية والأسرية بالقاهرة، أن من أكثر الأسباب لعدم استمرارية الزواج في هذا العصر أن الزوجة في العصر الحالي أصبحت تستغني براتبها عن الحياة الزوجية، وهذا الأمر زاد معدلات الطلاق بشكل مخيف كما أنه أيضاً رفع من معدلات عزوف الفتيات عن الزواج، فبعد أن كانت المرأة في الماضي لا تتمرد على زوجها وطباعه وتتقبل حياتها معه من دون أي تفكير في الطلاق أصبحت الآن لا تفكر كثيراً قبل الطلاق وليس لديها أي استعداد لتحمل طباع لا ترضاها في شريك الحياة ومع أول خلاف قد تهدم الحياة كلها من أجل المحافظة على حريتها واستقلاليتها عنه.

ويرى الدكتور أحمد علام أن تدخل الآخرين في العلاقة بين الزوجين أصبح أمراً شائعاً في الوقت الحالي مما زاد من الخلافات بشكل كبير، فقديماً كان الزوجان لا يسمحان لأحد بالتدخل فيما بينهما إلا في أضيق الحدود وكانت مشاكلهما لا تتخطى غرفتهما لكن في العصر الحالي أصبحت مشاكل كل زوجين مثارة في كل مكان فبمجرد الخلاف يفضحان بعضهما البعض حتى على مواقع التواصل الاجتماعي وبين الأهل والأصدقاء.

4- أهمية الحب في الحياة الزوجية

ما أسرار نجاح زيجات الزمن الجميل؟

أما الدكتورة داليا أحمد عنبة، استشارية الأمراض النفسية وتعديل السلوك بالقاهرة، فتشير إلى أن الزواج اختلف بالفعل عن «زمان»، إذ إن آباءنا في الماضي أدركوا أهمية الحب في الحياة الزوجية ولم يغفلوه لكنهم كانوا في اختياراتهم للزوج أو الزوجة أكثر عقلانية منا، فهم يعرفون أن الحب وحده لا يكفي ولابد له من شيء يسنده لكي يستمر مثل الاحترام المتبادل والتقدير وثقافة الاعتذار عند الخطأ والتضحية من أجل الآخر ومن أجل الأسرة والصراحة والصدق بين الزوجين.

وتبين «زيجات اليوم أحياناً تفشل إذا ما كانت مبنية على الانجذاب العاطفي أو الإعجاب الجسدي والشكلي ولم تتوافر مقومات الزواج الناجح من توافق اجتماعي وثقافي وتفاهم عقلي وتقارب في المستويات، كما أن من أهم عوامل استقرار الحياة الزوجية وجود مودة وحب في العلاقة بين الشاب والفتاة وهذا الأمر تظهر مؤشراته قبل الزواج ولهذا السبب تحديداً أصبحت فترة الخطوبة أمراً مهماً وضرورياً لتؤكد وجود هذا الانسجام من عدمه ويكون من الواجب فسخ الخطبة في حالة عدم وجود التوافق والميل بين الخطيبين لبعضهما بما يكفي ليضمن لهما حياة مملوءة بالتفاهم والحب والقدرة على مواجهة صعوبات ومشاكل الحياة».

وتطالب الدكتورة داليا عنبة الشباب بضرورة التدقيق في اختيار الشريك المناسب منذ البداية، وتشدد على ضرورة استثمار فترة الخطوبة جيداً فهي فترة للتعرف إلى عيوب الطرف الآخر ومميزاته والبحث مع النفس فيما يمكن لكل طرف تقبله أو رفضه قبل وقوع الفأس في الرأس بعد الزواج.