أسماء صديق المطوع: «صالون الملتقى الأدبي» فرصة لإعادة الاهتمام باللغة العربية والحفاظ عليها
تصوير يوسف الأمير
شغفها بالأدب كان وراء تأسيسها لأول منصة ثقافية نسائية تدعو لأن تكون القراءة ممارسة يومية وتهدف لإعادة الاهتمام باللغة العربية وترسيخ ثقافة تقبل الآخر من مختلف الجنسيات والخلفيات الثقافية والفكرية، ليصبح نواة لنسيج اجتماعي متوازن له هويته ومكانته في المجتمع يحظى باهتمام وتقدير الدولة.
هي أسماء صديق المطوع، مؤسسة ومديرة «صالون الملتقى الأدبي»، الحاصلة على جائزة أوائل الإمارات وجائزة الجنادرية وجائزة المرأة العربية وآخرها جائزة سلطان العويس الثقافية:
تصوير يوسف الأمير
كيف بدأت فكرة تأسيس صالون الملتقى الأدبي؟
قبل نحو 35 عاماً وقبل أن أؤسس الملتقى، لم أجد ما يكشف علاقة المرأة بالقصص، لكن بعد دعوة لانضمامي لأحد نوادي الكتب من إحدى الصديقات بخمسة أعوام قررت أن أُؤسس لنادٍ قرائي، لتكون القراءة روتيناً وجزءاً من حياتنا نمارسها بشكل يومي كممارستنا للعمل والنوم والراحة وبقية الأنشطة الروتينية اليومية.
يعد صالون الملتقى الأدبي منصة ثقافية تفاعلية، ما الأهداف التي أردتم تحقيقها من خلاله؟
المنزل هو المصدر الأول الذي يستقي منه الأبناء معلوماتهم لذلك أردت أن يكون اجتماع النساء في الملتقى فرصة لإعادة الاهتمام باللغة العربية والحفاظ عليها حية بعد أن بدأت تختفي وهذا لن يتم إلا عن طريق الأم، كما كان دعوة للانفتاح وتقبل الآخر من جنسيات وخلفيات ثقافية وفكرية مختلفة، خلق الملتقى نواة لنسيج اجتماعي متنوع ومتوازن أصبحت له هوية ومكانة في المجتمع وحظي باهتمام وتقدير الدولة وهو ما منحني الحافز على الاستمرار وتقديم كل ما هو أفضل، من حيث البحث واختيار الكتب وإيجاد أساليب متنوعة لاستقطاب الآخر وتكوين علاقات مع كتاب ومثقفين وأدباء وصحفيين.
خيال الكاتب يجعلنا نرى اللامعقول معقولاً!
لمَ اخترتم قراءة ونقاش الرواية دون غيرها من الأشكال الأدبية الأخرى؟
الرواية كيان متكامل ومجتمع، يجد فيها القارئ ما يبحث عنه من الواقعية والخيال والتأريخ، يضع فيها الكاتب خلاصة أفكاره وينقل تجاربه الشخصية والمجتمعية بطريقة غير مقصودة، كما يجد فيها القارئ ما يضيفه لنفسه من معلومات، يمكن أن نجد فيها مساحة من التعبير والحوار وتجارب يمكن أن نسقطها على أنفسنا أو مجتمعاتنا، فخيال الكاتب يجعلنا نرى اللامعقول معقولاً!.
في إحدى جلسات الملتقى الأسبوعية
ما الآلية التي تتبعونها في اختيار الكتب؟
(تضحك) أنا دكتاتورية، أحرص على أن يكون الكتاب من اختياري.. من الجميل أن يكون الاختيار عن طريق التصويت، لكن ثقة الأعضاء هي من أهم أسباب استمرارنا بهذه الطريقة، نهتم بجميع الروايات العربية والمترجمة، الواقعية والخيالية، ننتقي كتباً بأفكار مختلفة، نحرص على التنوع ونبتعد عن التكرار ونبحث عن كل ما يضيف معلومة ويثير الدهشة، وغالباً ما تكون مصادرنا معارض الكتب ودور النشر والكُتاب والمثقفين من أصحاب الإصدارات الحديثة أو الحائزين على جوائز.
كم عدد الكتب التي تمت مناقشها، وما عدد الملخصات التي صدرت عن الصالون؟
منذ تأسيس الملتقى عام 1996 لم نتأخر عن جلسة واحدة، قرأنا وناقشنا ما يزيد على 2000 كتاب، كما صدر عنه 17 كتاباً، بدأنا بـكتاب «نون النسوة» الذي يتحدث عن تأثير الملتقى في كل عضو من أعضائه وشهادات 50 كاتباً في الملتقى وأعضائه، وكتاب حمل عنوان «أمي موزة» شاركت فيه الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية، من الكتّاب جمال الكوني ومحمد الغيطاني ومحمد منسي قنديل والإعلامي ريكاردو كرم وغيرهم، تحدث كل شخص منهم عن تأثير والدته في حياته ومستقبله. كما صدر عن الملتقى كتاب عن الكاتب البرتو هيجو بعد وفاته وكتاب عن المهندسة المعمارية زها حديد والكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي، تناولنا فيها سيرهم الذاتية وأعمالهم، وأيضاً صدر عن الملتقى في «عام زايد» كتاب «تحت ظلال الغاف» وملخصات لجميع الكتاب الإماراتيين الذين قرأنا لهم، وأصدرنا كتاباً بعنوان الأرشيف وثقنا فيه لقاءاتنا مع يزيد على 800 شخصية ونطمح أن تصل إصداراتنا لـ 100 إصدار.
مشاركة الملتقى في فعاليات معرض أبوظبي للكتاب
ما الذي ميز صالون الملتقى عن غيره من الصالونات؟
لا يمكنني أن أقول إننا أفضل من غيرنا، لكننا كمجموعة أجد أن كل شخص منا مكمل للآخر، كنا سباقين في كل شيء، أول مجموعة نسائية في ملتقى ثقافي تفرض وجودها في المجتمع وأول من شارك في معرض كتاب أبوظبي، كما أن لكل صالون أسلوبه الخاص في الطرح والحوار.
حزت الكثير من الجوائز، منها جائزة أوائل الأمارات وجائزة الجنادرية وجائزة المرأة العربية وآخرها كانت جائزة سلطان بن عويس الثقافية، ماهو صدى ذلك على أسماء وما أقرب جائزة لقلبك؟
لا مانع من أن يرشح أي شخص لجائزة لكني لم أخطط في يومٍ ما للحصول على أي منها، جميع الجوائز التي حصلت عليها جاءت بناء على ترشيح أشخاص أشكرهم على هذا التقدير وهذه الفرحة التي منحوها لي، أعتز بجائزة الجنادرية لأنها أول جائزة، وسعيدة بجائزة أوائل الإمارات التي تعبر عن الامتنان لهذا البلد والأجيال التي أسست فيه لكل شيء، وكانت فرحتي بالعويس لا توصف لأنها من شخص أحب الثقافة وسخر ماله وثروته لها، منحتني الفرح لكنها حملتني مسؤولية الحفاظ على النجاح والبحث عن كل ما هو جديد لأكون على قدر هذه المسؤولية والتكريم.
تكريم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، لها بجائزة أوائل الإمارات
ما الذي أضافه لكِ الملتقى؟
بالتأكيد كل ما هو أفضل، منحني الثقة في تحقيق النجاح، وسع مداركي وزادت علاقاتي بالآخرين سواء كانوا أشخاصاً أو المؤسسات الحكومية التي أثبتت في تواصلها معنا وجودنا وأضافت لنا قيمة اعتبارية أدركت حينها بأني على الطريق السليم.
في ظل وجودكم المستمر في المعارض والجوائز التي تعنى بالكتب والكتاب، ما هي رؤيتكم للمشهد الثقافي في الإمارات؟
يتماشى المشهد الثقافي في الإمارات بثبات مع المشهد الاقتصادي والنهضة العمرانية التي تشهدها البلد، لكنه بحاجة إلى إثبات حضوره في الخارج بشكل أكبر بنشر النتاج الإماراتي الأدبي والثقافي ومنح الكتاب والمثقفين والفنانين الإماراتيين فرصاً لتمثيل الدولة والظهور في المحافل الدولية بشكل أكبر.
كيف تقيمين وجود المرأة الإماراتية في الأدب الروائي؟
هناك حضور كبير للروائيات الإماراتيات، أرى في كتابات وداد خليفة التاريخية مستقبلاً كبيراً تنافس فيه كبار الروائيين في الوطن العربي، كما أحترم كتابات الروائية ريم الكمالي، ولؤلؤة المنصوري التي تتميز بأسلوبها الخاص، لكن على الرغم من تشكيل الرواية الإماراتية هويتها وطابعها الخاص عن غيرها من الروايات إلا أنها ما زالت تتصف بالحياء، يمكن أن نقول هناك فلسفة وفكر وثقافة أتوقع لها مستقبلاً كبيراً.
تكريمها بجائزة المرأة العربية
كيف انعكس تأثير الملتقى على حياتك وأسرتك؟
سمحت لنفسي أن أمنح أبنائي المزيد من الحرية المسؤولة، بدأت أفهمهم وأتقبل آراءهم بشكل أكبر.
من أين حصلتم على الدعم؟
وجدت دعماً كبيراً من الكثير من الجهات، منها معرض كتاب أبوظبي الذي أتاح لي الفرصة للتواجد معهم والأشخاص القائمين على الجوائز التي كرمت بها ودور النشر منها «دار الآداب» و«دار العين» في مصر، الإعلام متمثلاً بصحيفة الاتحاد السباقة بتغطية جلسات ونشاطات الملتقى بالإضافة إلى صحيفة الخليج والبيان وهما ثقة كبيرة أفخر بها، ودعم الأسرة التي منحتني الكثير من وقتها لأتفرغ لإعداد الجلسات.
وما طموحك؟
لا يزال هاجساً تحويل الصالون إلى مؤسسة يراودني، إلا أني لم أتخذ القرار بعد، أطمح لأن تكون القراءة موجودة في المجتمعات وأن يسعد من يحيط بي بما أقدم.